على نحو لافت للعابرين، وفي خاصرة المدينةكسلا بالضبط، تنتصب مدينة شاهقة لرجل كان قبل سنوات ليست بالبعيدة، ابن السلطة الرابعة، منذ ذلك الوقت والشيخ درويش يتوق لتشييد منتجع سوداني يوازي (شرم الشيخ) المصرية، واحة بمشرق الشمس يشد الرحال إليها زوار البلاد من المستثمرين والسياح وتٌشرع فيها القمم الرئاسية، كان درويش في ذلك الوقت ينثر كتاباته الصحفية في صحيفة (ألوان) يبشر بمشروعه الجديد ولكن «العين بصيرة واليد قصيرة»، ولا حيلة له سوى قلم يتداعى بلا مكسب يعوض رهق الانتظار. في العام (2006) بدأ الرجل بقطعة أرض وباع كل ما يملك ليضع حجر الأساس ومن ثم يسافر ويعود كل مرة بملمح للمكان، الأشجار، والأثاث، والمقتنيات الثمينة، حتى اكتمل المنتجع صرحاً يسر به الناظرين. منتجع (سراي تمنتاي) هكذا أطلق عليه صاحبه، و(تمنتاي) بلغة أهل الشرق تعني مقر ناظر الهدندوة.. صبيات هنديات مهكربات بالجمال يتمتعن بهوية كسلاوية يعملن في المنتجع الذي تطوقه من الداخل أشجار البرتقال والمانجو والزيتون وتمرح فيه الغزلان، والقرود الشمبانزي، والعصافير الملونة.. في المنتج أيضاً جناح رئاسي، آخر زواره؛ الرئيس البشير، وأمير دولة قطر؛ الشيخ حمد، والرئيس الأرتري؛ أسياس أفورقي، عندما اصطحبهما والي ولاية كسلا؛ محمد يوسف آدم، لقيلولة قصيرة هنالك. الرئيس البشير أثنى على المنتجع كونه الملمح الأجمل في الشرق، بينما استحسنه أمير دولة قطر، سيما بعد أن علم أن صاحبه من زمرة الوراقين. يقول الشيخ درويش ل(الأهرام اليوم): «شوف الصحفي مثل المطر أينما وقع نفع»، لافتاً إلى أن الرئيس البشير كان أول نزيل في المنتجع منذ أيام الانتخابات المنصرمة. دوريش حكى للصحيفة بأنه كان يحلم منذ أمد بعيد بمنتجع داخل بستان يتوافد له الرؤساء من شتى البقاع، وأضاف أنه سيعمل على توسعة المنتجع ليشمل أحواض السباحة والملاعب الخضراء، إلا أنه عاد وأكد أنه سيمنح الصحفيين فترة سماح للنقاهة في المنتجع كيفما يشتهون، باعتبارهم أحوج الناس للخروج من ضيق المدينة إلى سعة الريف، ومضى إلى القول بأنه يسعى إلى تنمية الإنسان وإضاءة الجوانب المعتمة في بلاده، لكن درويش للغرابة جزم بأنه لا يدري كم كلفه هذا المنتجع من أموال، لجهة أنه صرفها على مدار عشر سنوات، وقال إنه كان يعمل في المملكة العربية السعودية قبل أن ينهي إقامته ليتفرغ لمشروع عمره هنا في شرق السودان، وقطع بعدم رغبته في تأسيس صحيفة، عازياً الأمر إلى التضييق ومشاكل النشر والطباعة. وخلص الشيخ دوريش إلى أن الصحافة ليست مهنة مربحة مما يحتم على الصحفي البحث عن تغذية جانبية، شأنه شأن رجال الأعمال وهو بذلك يخدم رؤيته وعشم الملايين، ومضى موغلاً في تلافيف ذاكرته بالقول أنه كان من ضمن ال(14) صحفياً الذين أطلق عليهم وزير الحكم المحلي في فترة مايو؛ جعفر بخيت، (الكواكب)، فضلاً على ذلك فالشيخ درويش هو في العقد السادس من عمره يعيش في الخرطوم، بيد أنه ما انفك يمارس غرامه بالهروب إلى الشرق كلما حاصرته المتاعب، محتضناً كوناً من الأحلام والأشواق حبيسة الدواخل والصدور.