أندهشت جداً وأنا أتابع تضارب التصريحات الخاصة بإيقاف أو تعليق صادرات حكومة الجنوب من البترول الخام والذي يتم تصديره عن طريقة أنابيب النفط الخاص بالشمال.. وزارة النفط أوردت أن المستحقات بلغت (727) مليون دولار امتدت للفترة التي أعقبت الانفصال من التاسع من يوليو (2011م) وحتى نهاية أكتوبر الماضي، وأن قرار إيقاف تصدير النفط السوداني جاء من السابع عشر من نوفمبر (2011) وذلك بعد أن نفد الصبر. الغريب في الأمر أن تصريحات الوفد المفاوض مع حكومة الجنوب تؤكد غير ذلك! وحسب د. صابر محمد حسن محافظ البنك المركزي السابق ورئيس وفد السودان المفاوض أن جملة استحقاقات السودان من تصدير بترول الجنوب بلغت (900) مليون دولار وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة النفط أن جملة الاستحقاقات بلغت (727) مليون دولار، وهل يتم اعتماد ال(900) مليون دولار أم ال(727) مليون دولار التي أعلنتها وزارة النفط؟. وزارة النفط أعلنت على لسان وزيرها بالإنابة المهندس علي أحمد عثمان أنه تم الإيقاف إلا أن دكتور صابر أكد أن السودان لم يوقف صادرات النفط من جنوب السودان ولا يعتزم فعل ذلك. (طيب الصاح وين يا جماعة)؟ وإليكم كذلك أن دولة جنوب السودان أعلنت على لسان وزير بترولها أن شحنتين تم تعليقهما بعد قرار وزارة النفط الأول كانت في طريقها إلى شركة يونيبيك الصينية ومليون برميل بيعت الى فيتول.. فالشحنة الأولى تم إيقافها في نفس يوم المؤتمر الصحافي الذي أعلنت بصدده وزارة النفط قرار الإيقاف الأمر الذي يؤكد أن القرار الذي أصدرته وزارة النفط كان نافذاً. فعلى العموم نحن لا نريد التساهل في قراراتنا، فالقرارات يجب أن تكون نافذة. فهل يُعقل مثلاً أن نتهاون عن حقوقنا ودولة الجنوب تصدر نفطها عبرنا ولم تعطنا مليماً واحداً كرسم للعبور عبر أنابيبنا التي تحمل نفطها وهي التي اختارت بنفسها قرار الانفصال؟!. فرسوم العبور هذه تمت برمجتها لمعالجة العديد من القضايا الاقتصادية، وهنا نشير إلى حديث د. صابر بأن عدم تمُّكن الشمال من تحصيل هذه الرسوم أثَّر سلبياً على أوضاع البلاد الاقتصادية، ضارباً مثلاً بالتدهور الذي حدث لسعر الصرف خلال ال(3) أشهر الأخيرة ووصل إلى ما يزيد عن أكثر من (30%) وارتفاع نسبة التضخم إذ أن السبب الرئيس في ذلك، وعلى حسب د. صابر ،عدم تمكن السودان من الحصول على الرسوم المقررة على بترول جنوب السودان. إذن.. علينا أن نبحث عن الطرق التي توصلنا إلى اتفاق وإلا سنضطر إلى أخذ الاستحقاقات عيناً كما أكد ذلك رئيس التفاوض. نعم لابد أن نأخذ الاستحقاقات عيناً من البترول إذا لم تلتزم دولة الجنوب بدفع الاستحقاقات، فإلى متى ننتظر دولة الجنوب وقد امتد هذا الانتظار قرابة ال(5) أشهر ونحن في انتظار الاتفاق ولكنه لم يحدث. ففي رأيي فإن قرار وزارة النفط كان صائباً رغم أنه جاء متأخراً حيث كنا نتوقع أن يصدر هذا القرار قبل وقت ولكن انتظار التفاوض والاتفاق هو الذي أخَّر هذا القرار إذ أن الوضع لا يحتمل الانتظار أكثر من ذلك فإذا استمر السودان في ذلك فإنه لن يتحصل أي استحقاقات وإذا كانت هنالك جدية لدفع المستحقات لدُفعت منذ الشهر الأول الذي أعقب الانفصال. فيا وزارة النفط أمضي في قرارك ولا تتراجعي عنه فالتهاون والتسامح لا يجدي في ظل عدم الجدية في الدفع خاصة وأننا بحاجة إلى معالجة أوضاعنا الاقتصادي. فدولة الجنوب هي تعي تماماً بأن البترول هو شريان حياتها خاصة وأنه يمثل (98%) من إيراداتها لذلك كانت عليها أن تبادر بالدفع أولاً بأول ولكن للأسف هذا ما لم يحدث مما يضطرنا للإيقاف أو أخذ الاستحقاقات عيناً.