الحياة الزوجية تمضي كسفينة، يصفو لها المسير أحيانا، وتتقاذفها الأمواج أحايين أخرى.. وهذه سنة الحياة، لكن تجتهد السفينة لمواصلة المسير بلوغاً لغايات سامية تتمثل في رفد المجتمع بأبناء صالحين يعمرون الأرض.. غير أنه ربما قرر قبطانا السفينة (الأب والأم) في عاصفة ما التنحي عن القيادة الجماعية ويلجآن إلى (أبغض الحلال عند الله).. أو تمضي رحلتهما لكن بكل (التشاكسات) والمشاكل ويتبادلان (التراشف اللفظي)، وقد يتطور الأمر أحياناً إلى عنف.. { أحلاهما مرٌّ..! أن يشاجر الزوجان دائماً أو ينفصلان فهما أمران أحلاهما مرٌّ.. خاصة الطلاق.. هذا القرار الذي يضع حداً لتماسك وتضافر الأسرة ويفرقها أيدي سبأ.. ويصير الخاسر الأكبر بلا شك هم الأبناء.. الذين يعانون بالضرورة مهما حاول الوالدان المنفصلان تدارك آثار الكارثة.. ويمتد التأثير إلى كل جوانب حياتهم، بدءاً من شخصياتهم التي تهتز وتتأثر سلباً.. مروراً بتحصيلهم الأكاديمي الذي يتراجع.. للمزيد من المراجعات حول هذا الأمر المهم جلست «الأهرام اليوم» إلى اختصاصي الطب النفسي «ياسر موسى» وناقشناه في تأثير اختلافات الوالدين الدائمة أو طلاقهما، وأثر ذلك على تربية الأبناء، وحملنا إفاداته للقراء: { الأبناء يثمرون بالأمان محدثنا بدأ بالقول: (من الطبيعي أن يعيش الطفل بين أبويه، وأن يكون الوضع الأسري مستقراً، وهذا الاستقرار له مردود نفسي إيجابي، منه الشعور بالاستقرار والتوازن النفسي بين البيئة والطفل، والشعور بالأمان الذي تثمر فيه كل المناحي التربوية المتصلة بالتطور والنماء. { الآباء لا يعلمون!! ويواصل د. «ياسر»: إذا وقع عدم استقرار بين الأبوين وظهر العنف المتبادل بينهما.. سواء إكان لفظياً أو بدنياً.. في هذه الحالة نتوقع كل ما هو سيئ.. ويستبدل الأمان بالخوف الذي هو نوع من أنواع الاضطرابات النفسية.. كالخوف من الآخرين والظلام والأماكن المرتفعة وغيرها من الأشياء المتحركة.. وهذا الواقع يجعل حياة الطفل جحيماً، ويؤثر في نموه الجسمي والعقلي ويجعله يقع فريسة للأمراض النفسية المزمنة ويعاني من صعوبة في التعلُّم أو تأخُّر الكلام ومشاكل في الإدراك.. وهذه الآثار لو علمها الوالدان لما أقدما على هدم الأسرة بالمشاكل أو الخلاف الدائم. { مستقبل مظلم ويضيف محدثنا: اختلاف الوالدين أو انفصالهما يجعل الابن إما متشرداً أو منحرفاً ويكون مشروعاً لمجرم.. وكل هذه القراءات تنبئ بمستقبل مظلم، لذلك لا بد لنا أن نهتم بمرحلة الطفولة اهتماماً كبيراً، وأن يناقش الأبوان مشكلاتهما بعيداً عن الأطفال.. ويجب أن نعمل على إظهار الحب والدفء العاطفي والاحترام لبعضنا حتى يشعر الأبناء بالسعادة والحب ونزرعه داخلهم.. لأن الحب ليس شعوراً فطرياً فحسب، بل يمكننا أن نعلِّم الأبناء كيف يحبون بعضهم ووالديهم، وكيف يوازنون بين حبهم لأنفسهم والآخرين.. وهذا لا يتوفر إلا في وجود الأسرة المستقرة.