العملية الخاطفة التي نفذّتها مجموعة من الجيش الشعبي على معسكر شركة (صينو هايدرو) بالمنطقة التي تقع ما بين (العباسية ورشاد) في ما يسمى ب(سوق الجبل) أو (المِقرح) في السابع والعشرين من يناير الماضي كانت (صادمة) و(مؤلمة) للحكومة المركزية وحكومة الولاية، وأثارت غباراً كثيفاً حول كيفية دخول قوات الحركة الشعبية إلى المعسكر رغم حمايته بوساطة مجموعة من قوات الشرطة. التفاصيل الأولى للحادث كشف عنها والي الولاية للصحافيين في مؤتمر صحافي بمطار كادوقلي وقال إن الهدف منها تعطيل التنمية من قبل الحركة الشعبية، ويؤكد الوالي أن حكومته هدفها إرساء دعائم التنمية باعتبارها في (قاموسه) السياسي تعتبر السلاح الأمضى في مواجهة التمرد والمتمردين. لكن الحركة الشعبية طالبت الحكومة الصينية بمحاولة إقناع السلطات في الخرطوم بقبول إجراء تحقيق دولي في ما اعتبرتها جرائم حرب بالمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) كشرط لإطلاق سراح رهائنها المحتجزين في الجبال. المتحدث الرسمي باسم الخارجية السفير العبيد أحمد مروح قال ل(الأهرام اليوم) أمس (الجمعة) إن مساومة الحركة الشعبية بالعمالة الصينية واستخدامها كدروع بشرية لتحقيق مطالبها السياسية يُعتبر جرائم حرب تستوجب المساءلة والمحاسبة. (1) (ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود). ها هي الحركة الشعبية تكشف عن أهدافها الحقيقية من وراء هجومها على معسكر الشركة الصينية إذ قالت صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية في عددها الصادر أمس الأول (الخميس) إن الحركة الشعبية طالبت دولة الصين بمحاولة إقناع السلطات السودانية بقبول إجراء تحقيق دولي في ما اعتبرتها جرائم حرب، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لإطلاق سراح رهائن صينيين. الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي صلاح الدومة قال ل(الأهرام اليوم) إن الحركة الشعبية بمطالبها لدولة الصين تحاول أن تسلط الضوء على قضيتها باعتبار أن احتجاز رهائن في منطقة ما في الكرة الأرضية مسألة تهم كل المجتمع الدولي وليس دولة الصين وحدها. (2) طبقاً لصحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية فإن المطالب الجديدة بشأن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة من نظام الخرطوم، فاقمت المخاطر التي تواجهها الصين هناك، بحيث بات مصير (29) عامل بناء صيني محل اهتمام وطني. ونوّهت الصحيفة إلى أن الوجود المتنامي للشركات الصينية والمصالح التجارية الصينية في مناطق مضطربة مثل السودان، مصدر قلق متزايد لسياسة بكين الخارجية، التي ظلت تسعى لإبقاء علاقاتها الدبلوماسية بعيداً عن الأضواء، حتى بعد أن أصبح اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. (بكين) ظلت تحتفظ منذ أمد طويل بعلاقات وثيقة مع الخرطوم، حيث كانت الصين العام الماضي أكبر مشترٍ للنفط السوداني، الذي يُنتج في جنوب السودان، ويُنقل عبر الأنابيب إلى ميناء بورتسودان في شمال السودان. وتنهمك شركات صينية في العمل في مجال تشييد البنية التحتية بالسودان، بما في ذلك مشاريع تعدين ونفط وغاز، فشركة (صينو هايدرو) المملوكة للدولة التي يعمل فيها العمال المختطفون- تملك عدداً من المشاريع في السودان من بينها بناء طرق وأعمال كهرومائية. (3) الولاياتالمتحدةالأمريكية بدورها أبدت قلقاً بالغاً من اختطاف الجيش الشعبي ل(29) عاملاً صينياً بولاية جنوب كردفان، وأدانت بشدة عملية اختطاف المدنيين، وطالبت أمريكا الحركة الشعبية بالإفراج عنهم فوراً. وطالبت السفارة الأمريكيةبالخرطوم في تعميم صحافي أصدرته الأربعاء الماضي الحركة الشعبية بالوفاء بالتزاماتها بالتعاون الكامل مع الحكومة الصينية من أجل ضمان سلامة الرهائن وتأمين عودتهم إلى بلادهم، وحث البيان الحركة الشعبية والحكومة السودانية على إنهاء العدائيات بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والعودة الفورية إلى التفاوض السياسي لتنفيذ ما تبقى من اتفاقية السلام الشامل. يعود المحلل السياسي صلاح الدومة ويؤكد ل(الأهرام اليوم) أن الحركة تحاول أن تلفت انتباه المجتمع الدولي بأن شعباً يعاني من الرصاص والجوع، ولا بد من الالتفات إلى قضاياه ومعالجتها بشكل سريع وفوري. (4) تعود تفاصيل الحادثة إلى أن قوات من الجيش الشعبي قوامها ما بين (120 – 150) جنديا طبقاً لوالي الولاية أحمد هارون تسللت إلى معسكر الشركة الصينية الذي يقع في بلدة كيلو (98) من الطريق الدائري وهي منطقة تقع ما بين (العباسية ورشاد) في ما يسمى ب(سوق الجبل) أو (المِقرح) في السابع والعشرين من يناير الماضي، واختطفت عددا من العمال الصينيين. والي ولاية جنوب كردفان أحمد هارون في ردّه على أسئلة الصحافيين قال إن المعالجات للأزمة تحتاج إلى قدرٍ عالٍ من (الحصافة) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا يتأثر عمل الشركات، وقال إن عدد الذين يعملون في المعسكر (35) شخصاً معظمهم من العمالة السودانية والصينية، مبيناً أن المعسكر تحرسه قوات شرطة عادية عندما تسللت عناصر الجيش الشعبي من منطقة (أبو الحسن) من الاتجاه الجنوبي الغربي لمنطقة (رشاد). (5) القوات المسحلة أماطت اللثام عن معلومات جديدة في حادثة الهجوم على الشركة الصينية العاملة في مجال الطرق بين محليتي (رشاد والعباسية) بولاية جنوب كردفان، وكشفت عن اختطاف الجيش الشعبي ل(70) عاملاً صينياً من الرجال والنساء. وقال المتحدث الرسمي باسمها العقيد الصوارمي خالد سعد ل(فضائية الجزيرة) الأحد الماضي إن الحركة الشعبية تستهدف إيقاف عجلة التنمية بالولاية، وتسعى لتدمير البنيات التحتية والإنشاءات رغم ادعاءاتها بمناصرة التهميش والمُهمشين. من جهته قال السفير الصيني بالخرطوم (لي باو) ل(الأهرام اليوم) إن جهود السفارة متواصلة مع الخارجية الصينية للخروج من الأزمة، ووصف المعلومات بشأن رعاياهم ب(المُختلطة) لعدم حصولهم على التفاصيل الدقيقة بشأن الهجوم على مقر الشركة بمحلية العباسية بولاية جنوب كردفان. (6) المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية السفير العبيد أحمد مروح قال ل(الأهرام اليوم) إن السفارة على تنسيق تام مع السفارة الصينية والأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش والأمن والشرطة لتأمين سلامة الصينيين وإطلاق سراحهم، وأكد أن وزارته أعطت القضية أولوية قصوى للوصول بها إلى بر الأمان. وفي سياق ذي صلة قال المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية أرنو لودي إن الجيش الشعبي احتجز حوالي (29) عاملاً صينياً من موقع الشركة بمحلية العباسية. وأكد المتحدث الرسمي باسم الحركة سلامة العمال الصينيين وعدم إصابتهم بالأذى، وأن الحركة تحتجزهم في جبال النوبة رغم توقعاتهم بتعرضهم للهجوم من قبل القوات المسلحة في الأيام المقبلة. من جهة ثانية قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الصينية (ليو ويمني) إن وزارته استدعت القائم بالأعمال السوداني في بكين لمعرفة المزيد من المعلومات حول عملية الاختطاف، وحثت الحكومة السودانية على بذل الجهود للعثور على العمال الصينيين المفقودين، وأكد أن الحكومة السودانية تعودت على بذل أقصى مجهوداتها لإنقاذ العمالة الصينية، ونوّه إلى أن السفارة الصينية بالخرطوم وُضعت في حالة طوارئ لمتابعة حادثة الاختطاف.