هب أن مسؤولاً أحبه الناس إلى درجة المطالبة ببقائه فى منصبه ولما صدر قرار بنقله إلى موقع آخر فإنهم اعتصموا مصرين على عدم تنفيذ القرار وهم أي الناس أحبوا ذلك المسؤول لإنجازه ولطهارة يده ولإحساسه بمشكلاتهم وقضاياهم ولتعامله الراقي معهم، والسؤال هو أيهما أفضل: الاستجابة لرغبة المواطنين أم تنفيذ قرار النقل؟ . ونبدأ بالشق الثاني أي تنفيذ قرار النقل فهناك حالات تم فيها التراجع عن التنفيذ وحالات أخرى يتعذر فيها التراجع قاعدة ثابتة . وبالنسبة للاستجابة لرغبة المواطنين في بقاء المسؤول في منصبه فمن ناحية يجب أن تراعى هذه الرغبة بأي شكل من الأشكال فهم الذين يعنيهم الأمر قبل غيرهم. ومن ناحية أخرى فإن نقل المسؤول أو انتقاله من موقع إلى آخر هو سنة الحياة، خاصة إذا ما كان المسؤول أمضى في موقعه فترة طويلة وهو ما لا ينطبق على حالة العقيد أبوعبيدة العراقي معتمد كوستي الناجح المنجز المحبوب الذي نقل إلى ربك . لكن أنصار النقل لهم حججهم ومنها أن ربك ليست في بوركينا فاسو وإنما تقع على الضفة الشرقية للنيل الذي تقع كوستي في ضفته الغربية ولا يعاني الناس مشقة فى الانتقال من مدينة إلى أخرى، فبين المدينتين جسران، عمر أحدهما مائة عام وعمر الثاني ثلاثة عقود وقد شيّد الأول الاستعمار البريطاني وشيّد الثاني النظام المايوي . ولقد عانت كوستي من كل النظم السابقة وكانت الأحوال فيها تتردى من عام إلى عام حتى جاء وقت وصفها فيه أحد أبنائها الصميمين من حاملي الجنسية الأمريكية بأنها أقذر مدينة فى العالم وقد انتشرت الفوضى في كل مكان وتردد كلام كثير عن الفساد وسوء الخدمات أو انعدامها وسوء الشوارع وعدم الاستعداد السنوي لفصل الخريف وأصبح البعوض عصياً على الاستئصال أو حتى التواجد الخفيف المحتمل . ثم جاء العقيد العراقي معتمداً واللواء الجزار وزيراً للتخطيط العمراني والدكتور عبدالله عبدالكريم وزيراً للصحة بالنيل الأبيض وكان ما كان من تغيير نحو الأفضل والأجمل لمسه المواطنون ورغبة صادقة في الإنجاز وفي وضع المدينة في المكان الذي تستحقه وثقة غير مسبوقة بهؤلاء المسؤولين الجدد وشعور بالزهو، فالثلاثة من صميم كوستي ثم قبل أن تؤتي التجربة أكلها وقبل أن تحقق مراميها حدث ذلك التغيير الذي أثار الناس ودفعهم للخروج للشارع والاعتصام . ثم هدأت الأحوال ولن يقبل أهل كوستي من المعتمد الجديد إلا الاستمرار في العمل المخلص الشاق الذي بدأه العقيد أبوعبيدة العراقي وسوف يكون له أسلوبه الخاص، فالاستنساخ مستحيل لكنه سوف يحرص على خدمة المواطنين وعلى الارتقاء بالمدينة . ونثق أن ربك سوف تعيش عصراً ذهبياً مع معتمدها الجديد العقيد العراقي وأن اللواء الطيب الجزار وزير التخطيط العمراني والدكتور عبدالله عبدالكريم وزير الصحة سوف يستمران في نهجهما الذي أرضى وأعجب المدينة التي كان من النادر أن تمنح تقديرها وثقتها ومحبتها لمسؤول.