كان الكاتب الشيوعي القديم الدكتور عبدالله علي إبراهيم المحاضر الآن بالجامعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية من أوائل من عرفتهم في الوسط الكتابي الصحفي وكان ذلك في أواخر عام 1978م فقد كان الصحفي القادم من الكويت عبدالرحمن السلاوي يخطط لإصدار مجلة واتصل بي اليساري القديم الدكتور مالك الخير بلة المحاضر الآن بالجامعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكان يعرف أنني راغب في العمل الصحفي وأعطاني عنوانه. وفي مكتب السلاوي بالخرطوم رأيت لأول مرة عبدالله علي إبراهيم وكان ممن لا يزالون يقرأون وهو كلام غريب لكنه صحيح فكثير من الكتاب والصحفيين لا يقرأون كما ينبغي ومن هنا كانت نسبة وجودهم في مجموعة كبار مثقفي البلد ليست عالية فهناك مثقفون كبار جدا وكثيرون من خارج الوسط الصحفي وهو أمر غريب يجب أن يصحح فالمألوف هو أن تكون نسبة وجود الكتاب والصحفيين وسط كبار المثقفين هي الأعلى لأنهم يقودون الرأي العام. وقد رأيت في مكتب السلاوي بالخرطوم أواخر السبعينيات لأول مرة كاتبا صحفيا آخر هو سيد علي كرار ولأول وهلة تأسرك طيبته وأدبه الجم ثم تزداد اقترابا منه عندما تعرف أنه كلثومي قديم وأنه مريخابي فالهلال والمريخ وجهان لعملة واحدة. وصدر عدد واحد من مجلة السلاوي وكان اسمها العربي الأفريقي ولم أر عبدالله علي إبراهيم إلا قبل أعوام قليلة بالخرطوم على بعد أمتار من القصر الجمهوري وكان الدكتور عبدالله قد رشح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية. ورغم ثقله الأكاديمي وخصوبة حياته السياسية إلا أن فرصه في الفوز كانت منعدمة تقريبا ولا أعرف أصلا سبب قراره بنزول الانتخابات فمن المؤكد أنه كان يعرف أنه لن يفوز وحسنا فعل بانسحابه. ثم واصل الدكتور حياته القديمة حيث القراءة والكتابة الصحفية والتأليف والتدريس الجامعي ولقد هجر حزبه الماركسي في السبعينيات لكنه ما زال محبا كثير الوفاء والتقدير للأمين العام لحزبه القديم المرحوم عبدالخالق محجوب ومثل رفاقه الماركسيين رغم تخليه عن حزبهم فإنه ما زال عاجزا عن نسيان أن جعفر نميري هو من حطم تلك الأسطورة؛ أسطورة الحزب الماركسي الذي كان يوصف بأنه أقوى حزب شيوعي في أفريقيا والعالم العربي وذلك ابتداء من يوم 22 يوليو 1971م عندما عاد نميري بجسارته وبقرار الجيش وإرادة الشعب إلى الحكم. فقد اندحر الانقلاب الشيوعي وولى قادته الأدبار. لم ينس الشيوعيون ذلك ولن ينسوه ولذلك فإنهم ما زالوا يكتبون ويقولون السفاح نميري ولم ينس الدكتور عبدالله وقائع يوم 22 يوليو العظيم ولن ينساها ولذلك يقول عن نميري في ذلك اليوم إنه شرد ونقول له بطريقة الإعلامي الكبير محمد سليمان - يا راجل - ويقول عبدالله علي إبراهيم أيضا عن نميري إنه إمام فشنك ونفهم فعلا أن تكون هناك آراء في إمامة نميري لكنها لا تصل إلى درجة أن يوصف بأنه إمام فشنك، وقال لي صاحبي يوجد بالمناسبة مناضلون فشنك؟