مرت من أيام، الذكرى الخامسة والستون لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، وقد احتفل رسميا بهذه الذكرى في سوريا التي هي الدولة الوحيدة التي يحكمها حزب البعث، وحضر الاحتفال الرئيس بشار الأسد الذي يصارع معارضة عنيدة لحكمه وقد دخل هذا الصراع عامه الثاني. وظل حزب البعث العربي الاشتراكي يحكم سوريا منذ عام 1963م، ووصل إلى الحكم بانقلاب عسكري.. والبلد العربي الآخر الذي وصل فيه حزب البعث إلى السلطة هو العراق، ووصل إليها أيضا بانقلاب عسكري في يوليو 1968م وأقصي منها بالاحتلال الأمريكي للعراق الذي حدث في مثل هذه الأيام من عام 2003م. ومن رأي البعض أن حزب البعث حكم هذين البلدين العربيين الكبيرين على المستوى النظري أما عملياً فقد كان الحكم في البداية بيد مجموعة من الضباط ثم هيمن على الوضع دكتاتوران أحدهما ضابط هو الفريق حافظ الأسد الذي خلفه في حكم سوريا في عام 2000م ابنه الدكتور بشار، والآخر مدني هو الرئيس صدام حسين. وبصفة عامة فإن حزب البعث العربي الاشتراكي لم يكن ديمقراطيا سواء في الطريقة التي وصل بها إلى الحكم أو في ممارساته (حاكماً) لكل من سوريا والعراق، ويقولون إنه كان للحزب فضل الريادة في التبشير في العصر الحديث بفكرة الوحدة العربية التي لم تتحقق بصورة جادة إلا مرة واحدة بين مصر وسوريا لفترة قصيرة استمرت من فبراير 1958م إلى سبتمبر 1961م ومن المفارقات أنه كان لحزب البعث دور في إضعاف تلك الوحدة وكان أحد قادته الكبار الأستاذ صلاح الدين البيطار ممن وقعوا على وثيقة الانفصال عام 1961م. وقد أسس صلاح الدين البيطار مع زميله ميشيل عفلق حزب البعث في الأربعينات وقد اندمج هذا الحزب عام 1947م مع الحزب العربي الاشتراكي الذي أسسه أكرم الحوراني ليحمل الحزب الجديد اسم حزب البعث العربي الاشتراكي وأصبح أكرم الحوراني بعد الوحدة المصرية السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة لفترة قصيرة أحد نواب رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر، ولحزب البعث العربي الاشتراكي فروع في كثير من الدول العربية أو أن هناك أحزاباً تحمل هذا الاسم في كثير من الدول العربية أو بعضها ولها علاقة خاصة مع الحزب الأب، وفي فترة صدام حسين كان لهذه الأحزاب أو بعضها علاقات قوية مع حزب البعث العراقي. وكانت ولا تزال فرص هذه الأحزاب في الوصول إلى السلطة ضعيفة فشعبيتها ضئيلة وما أكثر الأسباب.. فقبل تقسيم السودان مثلاً كان صعباً أن يدعو حزب لوحدة الأمة العربية وأن تجد هذه الدعوة استجابة معقولة في شعب ليس كله عربياً وإنما به مكون معتبر لا علاقة له من كافة النواحي بالعرب والعروبة واللغة. لقد مر خمسة وستون عاماً على تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ولا يبدو أن مستقبلاً زاهراً ينتظره