* أوردت (الأهرام اليوم) أمس خبراً يفيد بنجاح شرطة الجمارك في ضبط بضائع مقلدة بقيمة ستة ملايين دولار، وأكد سعادة العقيد عبد الرحيم رئيس فرع لجنة محاربة إدارة المخاطر بشرطة الجمارك تنامي ظاهرة الغش التجاري والتقليد والقرصنة الإلكترونية في السودان، مشيراً إلى نجاحهم في ضبط (23) ألف رسالة مكونة من أجهزة إلكترونية ومنتجات غذائية ودوائية مصنوعة في (77) دولة. * يحفظ لشرطة الجمارك حرصها على تطبيق إجراءات صحة وسلامة المستهلك من مخاطر الغش التجاري، وتشددها في ردع المخالفين. * وفي هذا الصدد بذلت جمعية حماية المستهلك (التي يرأسها الدكتور نصر الدين شلقامي ويعمل الأخ الصديق الدكتور ياسر ميرغني أميناً عاماً لها) مجهوداً مقدراً لحماية المستهلك من جرائم الغش والتقليد التي استشرت مؤخراً، وطرقت مجالات جديدة. * من أبرز ما فعلته الجمعية تنظيمها حملات تثقيفية عبر ندوات أسبوعية تهدف إلى توعية المواطنين، وتحضهم على التمسك بحقوقهم، وحمايتهم من جرائم الغش والتقليد. * وتجلى مجهودها في السعي إلى نشر ثقافة حماية المستهلك بالولايات (بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي)، وكانت البداية بالخرطوم والبحر الأحمر وكسلا. * يحسب للجمعية أنها برعت في مكافحة غلاء الأسعار عبر حملة (الغالي متروك) الشهيرة. * ويحمد لها أنها سعت إلى إقرار قانون حماية المستهلك. * ومن الإنجازات الكبيرة للجمعية نجاحها في تكوين جهاز سيادي رقابي موحد لتعزيز ثقافة حماية المستهلك، بالتعاون مع الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس. * أثارت الجمعية السودانية لحماية المستهلك اهتمام الآلاف واستحقت دعمهم وتعاطفهم بالدعوى التي رفعتها ضد شبكة قنوات الجزيرة الرياضية عقب إقدام الأخيرة على تشفير بعض قنواتها قبيل انطلاق بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة. * كما رفعت الجمعية قضية ضد الهيئة القومية للمياه، سعياً إلى مكافحة تلوث في المياه، وأثمر مجهودها سن قانون صارم أصدره المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ومنع به حفر آبار الصرف الصحي بالآلات الحديثة، خوفاً على المواطنين من شرور اختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه الجوفية. * مؤخراً شرعت الجمعية في رفع دعوى قضائية ضد ثلاث من شركات الاتصالات، بدعوى أنها لم تلتزم بالقرار القاضي بحساب كلفة المكالمات بالثانية (بدلاً من الدقيقة) منذ العام 2007! * ونحن نتفق مع الجمعية على أن إصرار الشركات المذكورة على عدم المحاسبة بالثانية يعد إثراءً غير مشروع، تضرر منه ملايين المواطنين على مدى خمس سنوات، وكسبت منه الشركات المذكورة مئات المليارات بلا وجه حق. * ظاهرة الغش وخداع المستهلك وتقليد العلامات التجارية مستشرية عالمياً، وقد شكت الولاياتالمتحدةالأمريكية من تناميها، وذكرت أن تلك العملية (غير الأخلاقية) بلغت مستوًى غير مقبول في الصين تحديداً، مشيرةً إلى أن بكين تعتبر الأقل التزاماً بقوانين الملكية الفكرية في العالم أجمع. * تتم عملية التقليد بإحداث تغيير طفيف في اسم العلامة التجارية، أو بتقليد لونها وطريقة كتابة اسمها كي لا يلحظ المستهلك الفارق فيقع ضحية الخداع، ويشتري السلعة المقلدة (وربما الفاسدة) ظناً منه أنها أصلية! * بالطبع لا تنحصر ظاهرة تقليد العلامات التجارية في الصين وحدها، فقد اشتهرت تايوان مثلاً بالتقليد حتى صارت مضرب المثل في مجال الغش التجاري عندنا كسودانيين. * أصبح مصطلح (تايواني) يدل عندنا على ضعف الجودة وركاكة التصنيع، خلافاً لمصطلح (ياباني) الذي يدل على المتانة والتجويد. * ولم يقصر الهنود في مجاراة رصفائهم الغشاشين الصينيين، فبرعوا في التقليد، وابتدعوا مدرسة جديدة في المجال المذكور! * المُقلِّد غشّاش، فقير الفكر، ضعيف الذهن، تخلو مخيلته من الإبداع، وتعوزه سعة الخيال، وتنقصه القدرة على التجديد والابتكار. * وهو متردد بطبعه، مفلس بالفطرة، يخشى المغامرة، ويرتعب من التجديد، ويفتقر إلى الثقة في النفس، بدليل أنه يقدم على تقليد ماركة معروفة سعياً إلى خداع الآخرين بها، وتجنباً لمخاطر ابتداع سلعة جديدة، خوفاً من أن تبور ولا تحظى بقبول الناس. * والمقلد في العادة محدود الأفق، قليل التحصيل، ومتواضع المؤهلات بصورة تجعله عاطلاً عن الإبداع. * السلعة المقلدة تظل كاسدة وفاسدة مهما اجتهد من غشنا (وغشها) في الترويج لها. * وفي كل الأحوال يبقى الفارق بين الياباني والتايواني.. أكبر من الفارق بين المبتكر المبدع، والمقلّد الغشّاش