ما هي الحكومة التي يريدها الآخرون لتحكم الخرطوم بعد أن تأكد لنا أنهم لا يريدون الحكومة الحالية وخرجوا يحاربونها لأكثر من عقدين من الزمان. والآخرون هؤلاء هم لفيف من الدول الكبرى وتحديدا الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل أما في محيطنا العربي فإن الذين لا يريدون هذه الحكومة غادروا الحكم ومنهم من مضى إلى بارئه غير مأسوف عليه ومنهم من ينتظر سجينا، أما المحيط الأفريقي فإن الدولة العميلة أوغندا ظلت تلعب الدور الرخيص خلف كل مؤامرة تعرضت لها حكومة الخرطوم، وفي الداخل فإن الجبهة الثورية العنصرية تريد شيئا مغايرا يقوم على إبعاد كافة القوى السياسية السودانية سواء في الحكم أو المعارضة من أي نظام قادم يمكن أن يحكم الخرطوم وإن كانت هناك ثمة مشاركة فإنها لأفراد يمثلون العنصر الشمالي والقوى السياسية التقليدية واليسارية على شاكلة مبارك الفاضل والتوم هجو ونصر الدين الهادي وياسر عرمان ومنصور خالد هذا الرجل تحديدا الذي لا يمثل غير نفسه وفكره الذي يسوقه لأجل خدمة أعداء وطنه. * دولة الجنوب والحركة الشعبية تحديدا لا تريد هذه الحكومة لعدة أسباب، أولها أن هذه الحكومة حرمتها من تتويج نضالها والوصول إلى أهدافها التي تنادي بتحرير السودان كله من العرب وطردهم إلى الجزيرة العربية وقد كانت قوات الجيش الشعبي تقاتل على حدود مدينة كوستي وكاد الجيش السوداني ينهار تماما وهو يتعرض للإهمال من قبل حكومة حزبي الأمة القومي والاتحادي الأصل مما حرك قيادة الجيش لترفع مذكرتها الشهيرة في فبراير من العام 1989م وهي تشتكي من الإهمال وتكشف عن الظروف الصعبة التي يحارب فيها الجيش السوداني وكنا قد سمعنا وقتها المقولة الشهيرة (ما تسقط توريت فقد سقطت برلين) من الرجل الثاني في الحزب الحاكم آنذاك. * ومن الأسباب التي تدفع بالحركة الشعبية لمعاداة الحكومة الحالية لدرجة الحقد أنها استطاعت أن تضع الشمال في موقف أفضل من الجنوب وهي تستخرج النفط وتنفذ نهضة تنموية كبيرة لم تكن ممكنة بحسابات الحرب التي تخوضها في أكثر من جبهة وفي ظل الحصار الاقتصادي والسياسي العنيف الذي أطبق عليها لأكثر من عشرين عاما وقد كان مشروع السودان الجديد يقوم على سيطرة الجنوبيين على السودان وقد كانت الخطة (أ) تقوم على تحرير السودان كله، من نمولي إلى حلفا عن طريق الحرب التي اقتربت من كوستي ولو لا هذه الحكومة وصيف العبور الذي ردّها إلى نمولي لكانت الخرطوم في متناول اليد، أما الخطة (ب) فكانت تقوم على تحرير السودان عبر اتفاقية السلام والعمل السياسي من الداخل ولذلك صرفت الحركة الشعبية على القوى السياسية الشمالية المعارضة أكثر من ملياري دولار بشهادة باقان أموم نفسه والآن انتقل الجميع إلى الخطة (ج) وهي التي تدور رحاها الآن وفي تصريحاتها المصاحبة نسمع لرئيس دولة الجنوب وهو يتحدث عن هجليج ومناطق أخرى لم يسمها بعد ويقول إنها تتبع لأراضي دولة الجنوب. * وما يعضد كل ذلك اسم الدولة وقد اختاروا أن تكون (جنوب السودان) وكأنهم يقولون إن هناك نصفا آخر شماليا مفقودا أو مستعمرا، وكذلك فإن من خيارات الأسماء للدولة الوليدة كان اسم (كوش) وهي مملكة شمالية تقع في أقصى الشمال وتعبر عن حضارة وتاريخ وهوية السودان الشمالي ولكن ماذا نعمل مع هؤلاء (العبطاء). نتابع ونقول إنه وبعد أن حسم الاسم وصار جنوب السودان ولذلك دلالة خرج النشيد الوطني وهو يقوم على فكرة جوهرية هي المحاربون السود ومملكتهم هي (كوش) التي فازت بثلاث فقرات من خمس فقرات هي مجمل فقرات النشيد. * ببساطة هذا هو المخطط وهناك تسريبات تتحدث أن السفير الألماني الأسبق وربما يكون يهوديا هو من زرع هذه الأفكار في ذهن جون قرنق ومنها صاغ مشروع السودان الجديد لاسيما وأنه مشروع ضخم تخدمه عقول كثيرة وآليات إعلامية ومخابراتية وتتدفق عليه مئات المليارات من الدولارات وللأسف هذا المشروع يخدمه بعض بني جلدتنا منهم من يخدمه بعمالته وفكره وآخر بعمالته وهوسه السياسي وآخرون بعمالتهم وغباءهم وجهلهم وآخرون بثوراتهم ونضالهم الرخيص حين تختلط بمصالحهم الشخصية وآخرون بحقدهم وفئة أخرى تخدمه بضعف وعيها وغبائها ومن هؤلاء للأسف سياسيون وأحزاب وأعمدة صحفية وصحف وأقلام وكيانات في الخارج. أما اليسار وبعد بوار بضاعته أيقن أنه لن يصعد إلى سدة الحكم إلا عبر هذه الكيانات العنصرية الرخيصة ولذلك تجده يهرب إلى مستنقعها. * كل هؤلاء لا يريدون هذه الحكومة لأنها تقف حجر عثرة أمام غاياتهم وأهدافهم التي هي في الحقيقة تشكل مستقبلا مظلما وكارثيا لأهل السودان الذين خرجوا عصر الجمعة 20/4/2012