نصف قرن من الزمان مضى على إنشاء البنك المركزي الذي مر تاريخه بحقب مختلفة وتحديات سياسية واجتماعية واقتصادية لعبت دوراً مهماً في رسم سياسات الجهاز المصرفي والمالي بالبلاد، فضلاً عن فترة التعامل الربوي التي أعقبها إعلان «إسلام البنك» وصولاً لتطبيقه النظام المزدوج الذي عليه الآن. ومنذ إنشاء البنك يلاحظ أن ثمة عوامل داخلية وخارجية أثرت على تطوير مسيرته، ويصادف هذه الأيام احتفالات البنك بيوبيله الذهبي حيث نظمت ندوة عن النشأة والتطور قدمت خلالها ثلاث أوراق عن محطات وإضاءات البنك المركزي والبرنامج الثلاثي لإنقاذ الاقتصاد، واستبدال العملة مطلع التسعينات، وأخرى عن الجهاز المصرفي بين النظامين الإسلامي والتقليدي. ويقول محافظ البنك المركزي الدكتور صابر محمد الحسن إن تجربة البنك منذ إنشائه كانت متميزة ومتفردة وتعرضت للكثير من التحولات نتيجة لوضع السياسة في الدولة، وبما أن التوجه الاقتصادي في الدولة مرّ من رأسمالي الى شبه اشتراكي ثم الى نظام إسلامي ولكن رغم ذلك استطاع القطاع المصرفي التنقل والتكيف في الأربع مراحل. واعترف صابر بأن البنك يواجه تحديات كبيرة بتطبيقه نظام مصرفي مزدوج، إسلامي في الشمال وآخر تقليدي بالجنوب، حيث واجه المركزي كيفية الحفاظ على الاستقلالية والمساواة في التوقيت مع وجود فصل جغرافي. وقال صابر إن هنالك أسئلة تحتاج لأجوبة عن ممارسة البنك لدوره كمقرض أخير ورقيب، وأضاف بعد دراسات كثيرة تمكن البنك من قطع أشواط كبيرة وحقق نجاحاً بنسبة 100% ويمضي قائلاً إن البنك كان في السابق ليست له سياسة واضحة، الى أن وصل الى فترة سيادة النظام المصرفي الإسلامي، حيث أعلن النميري تطبيق الشريعة الإسلامية وإيقاف التعامل بسعر الفائدة في المصارف. ووصف صابر القرار بالثوري وأحدث ربكة في العمل المصرفي مما حدا بالبنك ابتكار العائد التعويضي، ووجد رفضاً من علماء الشريعة في السودان، وأوضح أن الفترة الحالية شهدت تدفق الاستثمارات الأجنبية، وقامت العديد من البنوك وبتقنية مصرفية حديثة، وقيام الصرافات الآلية والصيرفة الإلكترونية، وطور البنك رؤيته حول كفاءة رأس المال والمعايير الرقابية. وقال نائب محافظ البنك المركزي، بدر الدين محمود، إن هنالك تحول نوعي حدث في السياسة القديمة حيث كانت أكثر استقلالية وعلمية بمنهج أكثر دقة في إصدار العملة واستبدالها وإدارتها بالإضافة للتحول الذي حدث في المعايير الدولية وإدارة الاحتياطي القومي، وقال نحن الآن في مرحلة حاسمة بدخولنا في مرحلة أكثر تعقيداً في مرحلة سياسية ببحث استرتيجية جديدة. في ورقة «المركزي محطات وإضاءات» تناول نائب محافظ البنك، عوض الكريم عثمان، أهم ملامح مسيرة البنك لتصل فروعه الى (12) و(15) إدارة، وازدادت نسب عرض النقود وألزم القانون، الذي سنّه البنك، المصارف بإيداع نسب مقدرة من ودائعها لدى المركزي. وأكد محافظ بنك السودان المركزي السابق، الشيخ سيد أحمد، أن الخلفية الاقتصادية والسياسية أدت الى تأثير في مسيرة البنك بما فيها تمرد الجنوب والحركات الإقليمية بالهامش، ومعاناة المعيشة، والنمو السالب في الناتج المحلي، وضعف الإنتاج، والمجاعة وازدياد معدلات الفقر والبطالة، مع انخفاض الدخول، والعزلة التي مر بها السودان التي بدأت بتطبيق الشريعة بجانب التوجه الإسلامي للنظام الحاكم.