{ مازال رأس مدينة (الصحافة) يَنْتَح من إثر دقات الحفر لأخاديد توصيل المياه الجديدة.. ومازالت بعض الأقدام متورمة من تمارين القفز على ذات الحفر والخيران التي لا تتكفل الشركة بدفنها بعد الانتهاء من زرع قنابل خراطيم المياه فيها. { وأقول قنابل لأنها انفجرت ذات ليلة باردة من ليالي الشتاء المتزعزع وملأت الخيران بالمياه المندفعة.. وبحمد الله صارت مدينة الصحافة واحدة من المدن الساحلية التي ترقد على تربة طينية وشاطئ زاخر بالسمك والبعوض وأمراض البلهارسيا والتايفويد ..! { وهيئة مياه ولاية الخرطوم، وبعد المكالمات المزعجة والمتواصلة من مواطني الصحافة، أصدرت بياناً صحفياً تقول إنه وخلال «24» ساعة من تاريخ البيان ستحل المشكلة التي هي في الأساس بسبب الضخ العالي للمياه واهتمام الهيئة بتزويد الناس بالماء الزلال والجاري! { وبعد «48» ساعة من تاريخ البيان زار السيد النائب (علي عثمان محمد طه) وفي ذات الميدان، الذي جاءه قبل أشهر في بدايات العمل الانتخابي وتحدث لأهلها عن الانتخابات وعن تعويل المؤتمر الوطني على أهل المدينة الأوفياء الذين وقفوا ومنذ بداية الحركة الإسلامية معها ونصروا كل المُرشّحين الإسلاميين وحكومة (الإنقاذ) في بدايتها، كما أنهم وقفوا ضد الهجمات الإمبريالية للسودان وناهضوا قرار محكمة الجنايات الدولية وأحداث العنف والشذوذ السياسي. { جاءه هذه المرة محتفلاً مع ولاية الخرطوم بمشروعات (العبور نحو التميز) وبتخريج دارسي محو الأمية وتسليم بطاقات التأمين الصحي وتشجير الخرطوم بمليون شتلة.. وللحق فإن الحفر قد حفرت متزامنة مع حفر أخاديد المياه لكنها لم تزرع إلا بعد تحقق زيارة نائب الرئيس وقبل ذلك بساعات! { مدينة الصحافة عريقة جداً وقديمة.. ونعم هي معروفة كواحدة من دوائر الإسلاميين المغلقة لصالحهم منذ السيد (الكاروري )الكبير.. كما أنها من المناطق المعروفة بسلامها وأمانها الشعبي الذي لا علاقة له ببسط أمن أو شرطة إنما بخيارات السكن وقوة شخصية المنطقة.. بجانب التعليم الجيد لأبنائها وثقافتهم وقربهم القديم من الجديد والمنفتح في المجال الثقافي. { ومشهورة كذلك بالخور الكبير المتكفل بتصريف مياه الأمطار من طرقات المدينة ومتصل بالضرورة بالخيران الصغيرة المتفرعة داخل المربعات السكنية والفاصل بينها وبين (العُشرة) وميدانها الذي يتم تقاسمه في الاحتفالات الرسمية للصحافة! ولم تعانِ المدينة مثل غيرها من مدن وحارات ولاية الخرطوم من حالات انقطاع الإمداد المائي أو تشكو من قلته، لكنها وللأسباب السابقة التي ذكرها السيد النائب، بجانب التي ذكرتها، لذلك فهي تعد كحقل لتجارب الولاية وهيئاتها لكل ماهو جديد في التنمية والتخطيط كتجربة كهرباء الدفع المقدم الجمرة الخبيثة السابقة. { المياه لم تتوقف حتى الآن، وخيران التصريف الصغيرة ممتلئة وقد عبرت بتميز نحو الخور الكبير. { والمياه القديمة التي كانت تتدفق جيدة والحمد لله تأثرت بالقطع الجائر لتدفق الجديدة وأصبحت تحتاج لدفع رباعي لتأتي. { والشجر المزروع سريعاً تضرر من كثرة السقاية! { وبطاقات التأمين الصحي لا تعالج وبائيْ الملاريا والتايفويد المسيطرين على نتائج معمل مركز صحي الصحافة. { ومواطنو الصحافة المسالمون جداً فقط يتسائلون في الزيارة القادمة للسيد النائب متين يا (علي) تشيل حمل هذا الولاء من على (الصحافة) لتصير كبقية أحياء الخرطوم في التجريب والاحتجاج؟