حوّل الأمين العام للمؤتمر الشعبي، حسن الترابي، اتهامات المؤتمر الوطني له بتأجيج الصراع في دارفور وتوجيه جناحه العسكري «حركة العدل والمساواة» بإشعال النار من الأطراف لإسقاط الحكومة وإضعافها، حوله إلى مداعبة كلامية حينما قال للصحفيين أمس الأربعاء إن خليل إبراهيم لم يتصل به هاتفياً كما فعل مع زعيم حزب سياسي آخر - في إشارة منه لرئيس حزب الأمة القومي الذي تلقى اتصالاً هاتفياً من خليل عقب توقيعه لاتفاق إطاري مع الحكومة بالدوحة لإنهاء مشكلة دارفور. وحرص الأمين العام للمؤتمر الشعبي - على غير العادة - أن يقرأ من ورقة مكتوبة بعناية معنونة باسم الحزب حول (وفاق الدوحة ) جاء فيها: (المؤتمر الشعبي ينشرح صدره ويرحب اليوم «أمس» بأيما تدبير وفاق في دارفور كالذي جري في الدوحة، ولكن ما ذلك الوفاق إلا إطار وعود على بدء كوفاق سابق في فبراير من العام الماضي أوصى بالإفراج والحرية لبعض المسجونين والمحبوسين والأسرى ولمدّ عون زائد للذين أخرجوا من ديارهم تبيّن طوال العام أن السلطة لم تفِ بشئ حتى كاد الطرف الآخر أن يستيئس من عقد وفاق تالٍ يفصل الأمور مع ذلك الطرف). وأضاف: (لكن اليوم بأثر ضغوط داخلية وخارجية متكثفة نزلت السلطة الحاكمة وعقدت اتفاق سلام إطاري، ولعلها في سبيل مدّ دعائي لصورة السلطة الحاكمة بين يدي الانتخابات التي تقوم الآن كأنها تحول عام ومنشط شامل في المجتمع، لأن كل أصعدة الحكم الآن عرضة لأن يخلف فيها آخرون ليذهب الحاضرون ويحاسبوا على ما أسلفوا). وأبدى رجاءه أن تندرج كل الحركات - حركة التحرير الثورية التي شهدت ولم تشارك مشاركة كاملة، وبعض الحركات الأخرى التي نأت عن حركة العدل والمساواة وعن ساحة الدوحة، وتفرقت هذه الحركات المقاومة إما بكيدٍ من السلطة فيما يظن بعض الناس أو فتن من ظروف المقاومة وضرورات الحركة فيها. وأثنى الترابي على مجهودات قطر وليبيا وتشاد والاتحاد الأفريقي وجهات عربية وأفريقية ودولية تعاطفت مع قضية دارفور دفعاً نحو العلاج، وقال: إنا لنحمد لقطر ما اجتهدت فيه لقطع شوط المبدأ الواعد كما حققت في نزاعات أخرى، ونحمد وعدها بالعون السياسي الموصول وبالعون المادي الكريم المذكور وهو ليس مليار دولار كما ذكرت الصحف بل ضعف ذلك. ودعا الترابي إلى مشاركة الجميع لحل أزمة دارفور وقال: ( لابد أن يمضي السعي بإجماع كل قوى دارفور لإتمام ما سبق من وفاق إطاري وكذلك أوسع من ذلك وألزم أن تنفتح كذلك المشاركة لكل القوى الوطنية القومية السياسية، وذلك ضرورة لتقرير مصير الوطن وهي ضمان بأن يحمل الجميع التزام الوفاء الصادق لما يلي من تطبيق، وقد سبقت من قبل اتفاقية أبوجا الثنائية وبدا أنها لم تكن بجدوى لأنها ثنائية وحسب، ولذلك ونحن بين يدي انتخابات قد تخرج نواباً نيابة عن الشعب وجوهاً جديدة لابد من أن يخرج كل التفويض الشعبي ليحمل هذه الأمانة نحو التطبيق الذي يقتضي بعضه إتماماً في سنوات، والمشاركة القومية هي توصيات، التوصية التي أنتهت إليها لجنة أمبيكي وعرضت على الاتحاد الأفريقي والتزمها، ولذلك ذاك أمر ينبغي استدراكه). وأضاف الأمين العام للمؤتمر الشعبي قائلاً: (ويبين لكل ناظر كذلك أن دارفور قد عزلت شيئاً ما في ما يجري الآن من حركة الانتخابات، فالإحصاء العام للسكان لم يبلغ ولم يشمل كل المواقع لأسباب أمنية، والسجل الانتخابي كذلك كان معيباً لأن مناطق كثيرة لم يبلغها التسجيل أصلاً ولا تقسيم الدوائر الجغرافية وارتبك لاضطراب حركة التهجير والمعسكرات والزحف الحديث لمهاجرين من الخارج في مواطن آخرين أخرجوا من ديارهم، ولا يمكن أن يستدرك ذلك بإعطاء دارفور تعويضات نيابية خاصة لأن ذلك مبدأ معارض للدستور، نيابة دستورية جديدة بنظام جديد، جمعية تأسيسية ستضع دستور السودان الدائم كله يقوم على انتخاب النواب وتفويض من الشعب). وأرجع الصحفيين إلى مقررات مؤتمر جوبا حينما قال الترابي: (ونحن سبق أن اشترطنا في منبر إجماع جوبا أن الانتخابات لابد أن تقام بعد أن تعالج كل أصول قضية دارفور حتى يطمئن أهل دارفور لأن يشتركوا في الانتخابات ليتموا ويفصّلوا ما لم يتم ويشرفوا على تطبيقه كما جرى في اتفاقية الجنوب من ذات أهلها الذين وقعوها، واشترطنا كذلك بسط الحريات فلا يمكن أن تعطى حركة العدل والمساواة من بعد شيئاً من المكافآت الشخصية، هم ما قاوموا وما قاتلوا من أجل مغانم خاصة حتى يرضوا منها بمكاسب شخصية كما جرى في بعض الوفاقات الإقليمية في السودان، بل قاموا بثورة لصالح كل الوطن والقيام بمنهج جديد للتوازن والتعادل الفيدرالي العدل ولمعالجة كل عقابيل هذه الأزمات). وطرح إمكانية تأجيل الإنتخابات بالقول: (إذا تم الاتفاق قد يقتضي تأجيل كل الانتخابات لا في دارفور فقط، لأنه لا معنى لرئاسة جمهورية ولا لنواب في مجلس وطني يمثل أهل الشرق دون أهل دارفور ولايشاركون بنظام سياسي ولايشاركون بحرية واسعة في الرأي العام، ولقد ظللنا سنين طوالاً نعاني في سبيل الحرية والحكم النيابي الديمقراطي ونستبشر اليوم بأن الاتفاقية هي أمل رغم أنها أوضاع معلولة بنقص الحريات واختلال المساواة في الدعاية والمال العام، لذلك سنرضى بالتأجيل إذا اقتضى ذلك الوفاق العاجل الموعود، وسيمضي النشاط الانتخابي حتى يحين ذلك الأجل). وطرح الأمين العام للمؤتمر الشعبي اقتراحاً بتشكيل حكومة انتقالية تسيّر الأمر العام لبضعة أشهر وتتكون من عناصر مستقلة ليست ذات ولاء سياسي حزبي يقودها الرئيس عمر البشير من دون سلطات مطلقة كما هو الواقع حالياً وذلك إلى حين قيام الانتخابات المزمع تأجيلها بعد نجاح مفاوضات الدوحة لتحقيق السلام في دارفور.