لست من المواظبين على حضور الندوات والسمنارات وورش العمل والليالي السياسية، في حين أن طبيعة العمل تحتِّم أن يكون الموقف عكس ذلك.. لكنني أمضيت الأحد الماضي أربع ساعات في كوستي والمناسبة ورشة عمل موضوعها (مياه كوستي في دائرة الضوء). فالمدينة الجميلة لا تُرد لها دعوة.. وسافرت وعدت في نفس اليوم وقلت وأعيد إنه ما كان لذلك أن يتحقق لو لا الإنجاز المايوي المتمثل في شارع جبل الأولياء ربك وكوبري كوستي.. وطبعاً هناك انجازات مماثلة أنشأها نظام الفريق عبود من قبل. وقد توسع نظام الرئيس البشير في إنشاء الطرق وكان سجله في انشاء الجسور هو الأكبر.. وأكثر ما لفت نظري في الزيارة الخاطفة لكوستي التي دعت لها وزارة التخطيط العمراني بالنيل الأبيض بالتعاون مع المنظمة الشعبية لتطوير وتنمية كوستي مهندس مصري تبرع لمشروع تنقية المياه بثلاثمائة مليون جنيه. فكان واجباً على أهل المدينة أن يشكروه وقد شكروه فعلاً واقترح أحد المتحدثين في الورشة أن يمنحوه وساماً.. ومع كامل التقدير للأوسمة إلا أنني أرى أن نذهب أبعد من ذلك ونطالب بإطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة. إننا نجدد شكرنا للمهندس المصري يسري علي أحمد الفاضل الذي أكد بالعمل أن السودان ومصر بلد واحد، وأن أمن وسلامة وازدهار وتطوُّر أحدهما يحقِّق بالضرورة أمن وسلامة وازدهار وتطوُّر الآخر. لفت نظري في الورشة المُقامة غياب معظم النابهين المقتدرين المتفوِّقين من أبناء كوستي المُقيمين في الخرطوم، ومن المهم مستقبلاً في مثل هذه الورش أن يحرص القائمون على أمرها على أن يحضرها عدد مقدّر من هذه الفئة (الخرطومية الكوستاوية). أربع ساعات في كوستي يا للسعادة.. ومن أسبابها أيضاً أنني التقيت وإن كان لقاءً سريعاً إثنين ممن أحرص على مقابلتهما عند كل زيارة لكوستي.. المهندس إسماعيل محمود واللواء السر حسن إبراهيم، فقد نشأنا معاً.. ولعبنا معاً وتلقينا الدراسة الأولية والوسطى والثانوية في نفس المدينة.. ومثل هذه العلاقات تعني الكثير في حياة كل السودانيين. ومن خارج الدفعة سعدت بلقاء اليساري القديم الأمير شعيب حسن أبوقرجة والسادن إلى ما لانهاية الأستاذ أحمد علي مصطفى وهناك آخرون جديرون بأن يُذكروا ولكن.. لقد وجدت المدينة التي ظُلمت في عهد نميري رغم كنانة وعسلاية والكوبري والشارع ثم في هذا العهد أيضاً متفائلة متأهبة مستبشرة بمعتمدها الجديد.. ابنها المخلص اللواء الطيب محمد أحمد الجزار.. ويجب أن تُنصف كوستي في عهده.