قرأت مقالك بعنوان «ماذا في جراب ولاية النيل الأبيض» في عمودك المقروء «نمريات»، وقد تلمس قضايا التغيير باعتباره شيئاً حتمياً يسهم في نهضة الولاية، وقد صدقت عندما ألمحت إلى أن التغيير في الولاية يرضخ لموازنات ما أنزل الله بها من سلطان، والوالي أول من يعلم هذه الحقيقة، وليس بعيداً عن الاذهان أن بعض أركان حكومته جاء وفقا ل «وزنة» قائمة على الترضيات والمكافآت لمن ساندوه إبان الانتخابات، والوالي كذلك أول من يعلم أن بعض اركان حكمه قضي في السلطة عشرين عاماً بالتمام والكمال، وفقد كل طاقته على الابداع والتجلي، وبعيد عام ونيف من الانتخابات تشكلت قناعات لدى رجل الشارع العادي بأن حكومة الشنبلي، الا من رحم ربك، رمت وعود الانتخابات خلف ظهرها وانصرفت للانشغال بقضايا انصرافية تقيهم شرك التغيير. إن مواطن الخلل باتت واضحة للمواطن العادي الذي سئم تكرار الوجوه، والآن هناك جو من الحيرة والترقب في عموم الولاية وفي كوستي على وجه الخصوص، بعد ان حل الوالي حكومته وسط شائعات بأنه أي الوالي سيعيد تعيين «الحرس القديم» ويستغني عن ابناء كوستي، واولاد كوستي ليسوا في حاجة للاستدلال بما أنجزوه، وهم من أنجح اركان حكومة الشنبلي، والدليل اعتراف الوالي نفسه بأنهم «زبدة» حكومته، والدليل الآخر على نجاح اللواء الجزار وزير التخطيط العمراني ومعتمد كوستي العقيد شرطة أبو عبيدة العراقي والدكتور عبد الله عبد الكريم وزير الصحة، هو الحملة التي ابتدرها ابناء كوستي في مواقع الانترنت، لاسيما مواقع التواصل الاجتماعي، بالدعوة للاعتصام في ميدان الحرية إن « هبش» الوالي أبناء كوستي في الحكومة، ومن قبل انتشرت رسائل قصيرة تدعو لذات الأمر، والوالي يدرك هذه الحقيقة ويعلم جيداً أن «الحرس القديم» اجتر فشله خلال عام ونيف، وأن أحداً لن يلومه إن هو أطاحهم، ولكن أعود وأقول إنك صدقت عندما قلت إن التغيير في النيل الأبيض يسير عكس اتجاه التيار، فالتغيير في ولاياتنا المنكوبة بفعل قادة المؤتمر الوطني أو من صاروا قادة في غفلة من الزمن، يتطلب صدمات كتلك التي ابتدرها أبناء كوستي في الداخل وفي دول المهجر. وبالنظر للرسالة التحذيرية التي أطلقها أبناء كوستي بعيداً عن «نظرية المؤامرة» فإنها تصب في صالح المؤتمر الوطني، فانحياز أبناء المدينة لأي مسؤول حكومي بعد الجيلي أحمد الشريف أول محافظ لكوستي في منتصف تسعينيات القرن الماضي شيء من النادر حدوثه في ظل عزوفهم طوال السنوات الماضية عن المشاركة السياسية، حتى أن كوستي صُنِّفت ضمن أقوى المدن معارضةً للإنقاذ طوال سنوات حكمها، وأبناء كوستي القدامى الذين أسهموا في بناء اللبنات الأولى للتعليم والصحة بمقدورهم المساهمة من حر مالهم لتطوير وتنمية مدينتهم، وهم من الحكمة بمكان، وإن رأوا أن بقاء أبناء كوستي في حكومة الولاية ضرورياً فيجب النظر لوجهة نظرهم هذه بعين الاعتبار، لأن تجاهلها يعني أن المؤتمر الوطني وعلى رأسه الوالي، ينظر للتغيير من زاوية منحرفة تحيد عادة عن المصلحة العامة. راشد أوشي