كان العنوان الرئيس لجريدة الهلال منذ ثلاثة أيام تقريباً هو: البرنس: (رئيس الهلال منطقة محرمة والمساس به مساس بالكيان).. وواضح أن المبالغة وتسمية الأشياء بغير أسمائها عادتان متأصلتان ليس في الصحافة الرياضية وحدها، وإنما هما ذائعتان في دوائر المشجعين والإداريين ولاعبي كرة القدم بمن فيهم هيثم مصطفى كابتن الهلال والمنتخب الوطني.. ولقبه البرنس.. وقد حمل قبله هذا اللقب معرّباً خمسينيات وستينيات القرن الماضي كابتن الهلال الفذ صديق منزول إذ كان لقبه الأمير. ورئاسة الهلال أو المريخ ليست بالأمر القليل، فهما أكبر ناديين رياضيين في البلد وانجازاتهما هي الأكثر.. على المستوى المحلي طبعاً؟!. ويحظيان بشعبية واسعة وشهرة ومكانة في إفريقيا والعالم العربي، وتنعكس هذه الشعبية والمكانة والشهرة على رئيس النادي هلالاً كان أو مريخاً. إن المغمور يصبح برئاسته لنادي الهلال أو المريخ مشهوراً.. وشهرته أكبر من شهرة كثير من الوزراء والسياسيين ونجوم المجتمع. والمشهور أصلاً يصبح برئاسته لنادي الهلال أو المريخ مشهوراً أكثر. وهذا المنصب يساعده بإرادته وبغير إرادته في (تسليك) أموره!!. ولكن ليس معنى ذلك أنه إنسان خارق سيوبر ولا أنه معصوم من الخطأ ومحصّن ضد القانون.. فهو مثل كل الناس له ما لهم من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات. بل إنه بحكم المكانة العالية التي حققتها له رئاسة نادي الهلال أو المريخ مطالب بأن يكون قدوة في سلوكه ومظهره وتصريحاته والتزامه. ومع أهمية منصب رئيس الهلال أو المريخ إلا أن العلاقة بينهما أي الرئيس والنادي ليست مثل تلك التي كانت بين أحد اللويسات ولعله لويس السادس عشر وفرنسا الذي نُسبت إليه تلك الجملة الشهيرة (أنا فرنسا وفرنسا أنا). إن صلاح إدريس ليس الهلال والهلال ليس صلاح إدريس، وجمال الوالي ليس المريخ والمريخ ليس جمال الوالي.. وهما طال الزمن أم قصر ذاهبان والهلال والمريخ باقيان.. وسوف يأتي بعدهما رئيسان آخران قد ينجحان في تحقيق ما لم يحققه حتى الآن إدريس والوالي، وهو الفوز بدوري أبطال إفريقيا. وعندما يخطئ رئيس النادي فإن الحل لا يكون باستثنائه من القانون، وعندما يخطئ في حقه الآخرون يكون الإعتذار له واجباً. وهو أي رئيس النادي ليس منطقة محرمة في كل الأحوال.. لقد قال الكابتن هيثم مصطفى كلامه المُشار إليه في وقت لم تعد فيه هناك أيّة محرمات بما في ذلك وحدة السودان!!. وإذا افترضنا أن رئيس النادي أخطأ إلى درجة الزج به في الحراسة فإن الحل لا يكون في إعفاء ديون الهلال أو المريخ، لكن الحل يكون في (الحل).. أي حل مجلس إدارة النادي واختيار أو حتى تعيين مجلس آخر يعرف أعضاؤه وفي مقدمتهم الرئيس معنى أن يكون المرء رئيساً للهلال أو المريخ اللذين يعنيان الكثير في حياتنا وكانا ولا يزالان من أهم مكوّنات الوحدة الوطنية وكان ولايزال لهما اسهامهما الجليل في تكريس الإنتماء للوطن والإحساس والزهو به، وليس مصادفة أن أول مقال كتبته في مجلة (العربي الإفريقي) التي أصدرها عبد الرحمن السلاوي عام 1978م كان عنوانه (الهلال والمريخ).