تنشط هذه الأيام وتحتشد بعض الدعاوي وذلك لأجل بزعمهم التخلص من «السودان القديم»، بكل ما تحمل هذه المفردات من دلالات تاريخية باهظة وتراثية باذخة، فالسودان «القديم الجديد» المراد «تشتيته وتفتيته» هو سودان الوجهة «وََمِنْ حَيْثُ خَرَجْتْ فَوَلِّ وَجْهََكََ شَطْرََ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِِ»، سودان القوم، قوم الأشواق المتأججة دوما الى «نور البقيع»، كما يشدو حاديهم (قالوا الحجيج قطع.. طالب نور البقع.. قلبي زاد وجع.. حماني القيد منع).. (ولو كان بالمراد واليمين مطلوق.. ما بنشنق ود أبكريق في السوق)، هكذا يودون «شنق التاريخ» وقبره والتحرر من كل أعبائه، على أن نقدم ونحن بكامل قوانا العقلية والجسدية على تمزيق «نسخة السودان القديم» بوسط المدينة وأمام الأشهاد، ثم نذهب الى (نسخة جديدة لنج) بطلها وعرّافها الرفيق ياسر عرمان، وذلك بعد أن تحل «كل القوانين المقيدة للحريات»!، لندخل الى عهد «الحريات المقيدة للقوانين» كما يدخل الثوار والمناضلون فاتحين، لتصبح الخرطوم، خرطوم المآذن والشهداء وأرباب العقائد، كأي عاصمة افريقية في لياليها الحمراء «الحرية والايدز والجريمة واللامبالاة». «السودان القديم» المطلوب الاعتذار عنه، هو سودان تلك السلسلة الذهبية من الشهداء التي تزين بها «عقد التسعينيات» من القرن المنصرم، ولا أدري إن كنا نلعب لعباً من قبيل (شليل وين راح.. شليل أكله التمساح)، أم كنا نكتب أطروحة فكرية مقدسة بدم الشهداء، سودان (سيد شهداء الفكرة والقضية) الزبير محمد صالح.. والذي وثقته الشاعرة روضة الحاج.. أو لعلها وثقت ملمحاً هائلاً من ملامح سيرته الباهظة.. لن تصلي معنا الجمعةَ يا شيخي إذنْ رُفع النداءْ وتقاطرت زمر الأباةِِ الانقياءْ اصطف آلاف الرجال وخلفهم وقفت ضراعاتُ النساءْ الكل كبّر ثم هللَ ثم أجهش بالبكاءْ نبكي ونعلم كيف لا يجدي البكاءْ نبكي ونعرف أن في الصبر العزاءْ نبكي ونخجل من رسولْ حب الله تاج الأصفياءْ لكنما عفواً رسول اللهِ هدتنا الجراحُ وأوغلت فينا الجراحْ غرباء نمشي في دروب الناسِ.. لا زاداً ولا صحباً نقاوم وحدنا هوج الرياحْ غرباءُ سلمنا المنونَ إلى المنونِ إلى السهامِِ الى النبالِ الى الجراحْ غرباءُ نسعى يا رسول اللهِ والأحبابُ والأخيارُ يرتحلونَ ما طلع الصباحْ ونلوذ نهرع بالذين نحبهم من علمونا كيف أن السجنَ بابٌ للحياةْ يا سيد الشهداءِ يا رجلاً بقامة كل أبنوس الجنوب وكل نخلات الشمالْْ يا سامقاً كالطود فرداً فوق أعناق الرجالْ يا أيها المنسوج وحدكَ من دماء النيلِ من سعف النخيل.. من حجب الجلالْ { مخرج.. نحن فقط ننشط ذاكرة السادة الناخبين، إن كان بالإمكان، ان نبيع رخيصاً، في مزادات الانتخابات، سوداناً بهذا الثقل وبهذه الأشواق وبهذه الدماء العزيزة؟.. ولنا عودة