إذا كان المؤتمر الوطني مع قيام الانتخابات في مواعيدها، وإذا كانت الحركة الشعبيَّة مباركة لقيامها، وإذا كانت المعارضة عقلت نياقها وتوكلت على الله فيها.. فمن وراء الترويج لفكرة تأجيل الانتخابات جملةً وتفصيلاً؟ وهل لخطوة التأجيل ما يبررها أم هي جسُّ نبض لمآلات ما سوف تسفر عنه الانتخابات؟ نجد على أرض الواقع أن وتيرة تدشين الحملات الانتخابية تزداد، بل تخطَّت مرحلة (التسخين) إلى الدرجة الأولى من (الغليان)، حيث طفح من إنائها بخار خروقات (كلامية)، بل لاحظنا أن بعض (البخار) قد تجمع وأصبح سحابات صغيرة تجدد الأزمات بين منسوبي هذا الحزب أو ذاك. لقد أصبحت تلك الخروقات مثل مصارف الأمطار المفتوحة في وسط الخرطوم، التي كلما أزالوا عنها الأوساخ سنوياً قُبيل مقدم الخريف، تراكمت فيها أكثر بعد رحيله، بل صارت (مكبات) للأوساخ، ويبدو أن ما ورد بالمثل (الترابة التكيل خشمو) مقصود بها تلك المصارف!! إن المغريات والترضيات والركلات العكسية من (الكلامات) أضحت مثل أوساخ تلك المصارف لأنها تكشف عن بؤر معطنة بصراع شخصي أكثر منه اختلاف حول انتشال هذا الوطن من وهدة الشمولية إلى حط الرحال على شاطئ الاستقرار الديمقراطي. الأغرب أن هناك من يستعلمون سلاح وصم هذا الحزب أو ذاك بأنه ينفذ سيناريوهات (صهيونية).. مساكين الصهاينة لقد لحقهم طرف سوط مشاحنات أحزابنا وهم (لا إيد لا كراع) ولكن.. ماذا يفعل (أسياد) الاتهامات (الرايحة) الذين لم يجدوا (خشم بقرة) يفتشون فيه سوى بقرة (الصهيونية)؟ إن منهج الاتكاء على مثل تلك الشماعات خاسر. إن نظرتنا لمن نختلف معهم يجب أن تسودها الموضوعية المنطلقة من عقلانية مستنيرة وكفانا (تدليساً) ومداهنة متلبِّسة شعارات ما عاد المواطن الحصيف (يرعى بقيدها)، فلنبعد الأهواء الشخصية حتى نستطيع أن نرسي دعائم الديمقراطية القادمة. إننا نلمح نهجاً قاصراً من كل الأحزاب في مخاطبة (عقل) المواطن، إذ تسعى فقط نحو (وجدانه) استقطاباً للتأكيد، وهذه بضاعة خاسرة وكاسدة، وخاصة من يلهثون وراء (حرث الدنيا) ويتشدّقون كذباً بأنهم (أهل آخرة) و(عاملين فيها مفتحين) لأنهم متخندقون خلف (دغدغة) المشاعر ويضمرون في أنفسهم (دقدقة) عظام الغلابى. أعتقد أن كل حزب لابد أن يستعين باختصاصي نفسي وعصبي في الأيام القادمات، لأن الغالبية من مرشحينا سوف تنقص مناعتهم العقلانية والعصبية من (ضغط) أحزابهم والمناوئين لهم، مما يؤدي إلى خروجهم عن جادة الطرح وتنفجر (مواسير) برودة أعصابهم. لذا نأمل أن يقوم مرشَّحونا (بتمطير) أعصابهم بنصائح الاختصاصيين في المجال النفسي والعصبي للتقليل من آثار الضغط الانتخابي مثلما يتم (تمطير) الصعوط بالعطرون! { واحد حرامي والتاني مسطول، المسطول قال للحرامي: علمني السرقة. قام الحرامي سرق محفظة واحد، وفي نفس اللحظة قال للمسطول: علمي كيف الزول بكون مسطول؟ فقام المسطول مسك الحرامي وصرخ: حراامي!!