إن المنظور الاقتصادي لصناعة النفط دوماً متفائل نظراً للرؤية الخاصة من قبل الدول المنتجة في مجال هذه الصناعة من ناحية مساهمتها الفعالة في التنمية الاقتصادية عن طريق ما توفره العوائد النفطية من أموال تلعب دورها في التمويل الأساسي لخطط النمو الاقتصادي وفي استيراد السلع الرأسمالية والاستهلاكية والخدمات الأخرى التي لا غنى عنها في عملية التنمية الاقتصادية. كما تأتي أهمية النفط الخام في الدول المستوردة (أو المستهلكة) من كونه مادة يمكن استغلالها في بناء قاعدة صناعة تكون مركزاً لانتشار وتطور الصناعات بمختلف مجالاتها، خاصة صناعة البتروكيماويات، هذا بالإضافة الى أن أهمية الطاقة النفطية تأتي عموماً من دورها الأساسي في إشباع الحاجات الاستهلاكية ومن دورها كمدخل من مدخلات الإنتاج في كافة الصناعات سواء أن كان في شكل كهرباء أو وقود أو غاز. وتشير لغة الأرقام القياسية فيما يخص مستقبل النفط، وفقاً لتقارير وكالة الطاقة الدولية، بأن التوزيع النسبي لمصادر الطاقة على المدى المنظور لن يتغير جوهرياً، فنصيب النفط والغاز الطبيعي سوف يبقى الأكثر أهمية بين مصادر الطاقة الأخرى، على الرغم من انخفاض نصيب النفط من (39%) الى (37%) من الناحية الفنية في عام 2010م، كما سيكون نصيب الغاز الطبيعي (24%)، ونصيب الفحم (29%) والطاقة النووية (6%) فقط، وذلك من إجمالي نسبة مصادر الطاقة العامة. كما تشير التقارير، في شأن اقتصاديات النفط الحالية من منظور عالمي، الى أن أكثر من (93%) من احتياطات النفط والغاز المكتشفة في العالم موجودة في الدول العشرين التالية: دول الاتحاد السوفيتي السابق، السعودية، إيران، الإمارات، العراق، الكويت، فنزويلا، المكسيك، الولاياتالمتحدة، قطر، نيجيريا، ليبيا، الصين، الجزائر، كندا، النرويج، ماليزيا، ايرلندا، والهند، وتمتلك الدول الثمانية الأولى (80%) من احتياطيات النفط و(70%) من احتياطيات الغاز، كما أن الاحتياطيات النفطية المكتشفة على مستوى العالم والبالغة ترليون برميل تعادل (45) مرة حجم الإنتاج العالمي السنوي في الوقت المعاصر. وقد شهدت السنوات العشرين الماضية حركة استكشاف نفطية نشطة أدت الى زيادة الاحتياطيات المبرهنة (المؤكدة) بنسبة (50%)، وغالبية هذه النسبة من الزيادة في دول منظمة الأوبك وليست في الدول المتقدمة صناعياً كالولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، ويقدر إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط بحوالى (10%) من جملة الإنتاج العالمي، أما استهلاكها فيبلغ حوالى (25%) من الإنتاج العالمي، أي أنها تستهلك كل ما تنتجه وتستورد ما يغطي احتياجاتها المتبقية. إن مزايا تعدد المشتقات النفطية واعتبار النفط عموماً كمصدر رخيص نسبياً من حيث التكاليف مقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى كان سبباً رئيسياً وراء صدور تقرير عن المجلس الوطني للبترول بالولاياتالمتحدة والذي دلل محتواه الضمني على أن العالم سيبقى معتمداً على النفط كمصدر للطاقة بشكل أساسي في المستقبل. ونواصل فياض حمزة رملي - باحث أكاديمي جامعة السودان للعلوم الاقتصادية