في (اللفة) المؤدية لحاضرة ولاية النيل الأبيض توجد لوحة إعلانية كبيرة بها ملصقات وصور لغالبية المرشحين لمنصب الوالي، كانت تخص وزارة التخطيط العمراني التي أعلنت خلالها عن أسواق نموذجية في ربك، وتقابلك صور المرشحين في أي مكان أو موقع سيما في الأسواق بحاضرة الولاية أو محلية كوستي، لمنصب الوالي والمرشحين الآخرين سواء للمجلس الوطني أو التشريعي الولائي، في وقت يقول فيه المرشح المستقل آدم بشير ابراهيم :«آن الأوان أن يختار الناخب «اللوري» - وهو رمزه الانتخابي - بدلاً عن الشجرة التي لم تثمر خلال عشرين عاما مضت» - في إشارة لفترة حكم المؤتمر الوطني في السلطة. ومن خلال برامج المرشحين لمنصب الوالي التي عرضها التلفزيون والإذاعة الولائيتين فإن الملاحظ أن الاطروحات والبرامج لجميع المرشحين متشابهة، غير أن المرشح اليساري المستقل دكتور الكامل حمد قال في مقابلة مع «الاهرام اليوم» إنه لايملك وعوداً فقط بل حلول عملية لكافة القضايا، مشيرا إلى أنه سيطبق ما ورد باتفاق السلام وسيصل لحلول مع المركز حول نسبة الولاية من المشاريع القومية القائمة في كنانة وعسلاية وسكر النيل الأبيض والنفط الذي اكتُشف مؤخراً في الولاية. ويصف بعض الناخبين الذين استطلعتهم «الأهرام اليوم» برامج المرشحين بأنها ستزول بزوال المؤثر، فيما اعتبر آخرون أن الحملات الانتخابية وما يقال فيها من خطب ووعود ما هي إلا محاولات مستميتة من قبل المرشحين لرفع درجة الإحماء السياسي لدى الناخبين، وباقتراب مرحلة التصويت فإن صور المرشحين والملصقات الانتخابية المتحركة على زجاج العربات وأبوابها تنتشر في كل مكان، ولا سيما في المطاعم والمقاهي في مدن الولاية الكبرى، وكانت الحركة الشعبية اتهمت اللجنة العليا للانتخابات بالولاية في بيان وُزع على الصحف بأنها تعمل لصالح المؤتمر الوطني الذي بدأ يتلاعب في نتائج الانتخابات منذ الآن، حسب قولها، فيما نفى رئيس اللجنة العليا للانتخابات ما ورد في بيان الحركة، وقال صلاح جحا ساخراً: «إن اللجنة العليا متهمة حتى من المؤتمر الوطني ولاتعرف كيف ترضي الجميع». وبينما ترمي الحركة الشعبية بثقلها في ما تطلق عليه «الأحياء الطرفية المهمشة» في «كادوقلي» و«اللية» و«الانقاذ»، فإنها تكاد تفقد وجودها في أرياف بعيدة تشهد الحركة الانتخابية فيها تفاعلات عدة يعزيها الكثيرون لتدني الخدمات في الريف وحاجته للتنمية المتوازنة، وفي الواقع فإن حظوظ المرشحين وسط الناخبين تبقى متذبذبة حسب حاجة كل منطقة أو مدينة أو حي لخدمات ومطالب محددة يرهنون بها أصواتهم لمن تذهب إليه بالتحديد، وكان مرشح الوطني يوسف أحمد نور الشنبلي قال في تصريحات سابقة إن حزبه هو الحزب الأقوى من بين (12) مرشحاً دفعت بهم أحزاب حكومة الوحدة الوطنية وأحزاب المعارضة بالإضافة لأربعة من المستقلين ينتمي اثنان منهم للحركة الإسلامية، وكان المرشح المستقل دكتور ابراهيم يوسف هباني قال في تصريحات نشرت سابقاً إنه يتلقى دعماًً قوياً من شخصيات نافذة في المركز لخلفيته الإسلامية. كما أن تغييرات الخارطة السياسية والاقتصادية التي طرأت على الولاية خلال السنوات الماضية غيرت كثيراً من الولاءات الحزبية وسط الناخبين ونمت من الوعي السياسي بفضل بلوغ بعض خدمات التعليم ومشاريع التنمية أنحاء متفرقة من الولاية، وإن كان الريف يحتاج لبذل مزيد من الجهود لإكمال مشروعات التنمية التي انطلقت في العام 2006م وشهدت حالة من البطء في التنفيذ سيما في سفلتة الشوارع بكبرى مدن الولاية «كوستي وربك والدويم»، وكان مرشح الوطني أعلن خلال ندوات جماهيرية أن حزبهم هو الذي دشن مشروعات التنمية وأنهم الأقدر على المضي بها قدما حتي تؤتي أكلها. وبينما تحتل صور مرشح المؤتمر الوطني مواقع مميزة في حاضرة الولاية ومدينة كوستي، فإن صور بقية المرشحين تُشاهد كذلك في كل مكان تقريباً، مما دفع الكثيرين إلي القول إن انتشار الملصقات الانتخابية للناخبين دليل علي أنها ظاهرة ديمقراطية ربما لا تتوافر في ولايات أخرى مجاورة. وفي الوقت الذي تستعر فيه الحملات الانتخابية، فإن المنافسة بين الإسلاميين بمن فيهم المرشحون المستقلون تبدو الأقوى، على الأقل في الوقت الراهن، إذ تبقى كل الاحتمالات قائمة في ولاية تذخر بزخم من التناقضات، فهي ولاية غنية جداًً بالمشاكسات السياسية، في حين أن إنسانها فقير جداً جداً!!