{ أنحاز لنوعي بمغنطيسية بشرية لا علاقة لها أبداً بالفكر التقدمي وادعاءات المساواة بين الجنسين - الرجل والمرأة - لأني أؤمن بالله وكتابه الكريم وبأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، التي تجعلنا كنوع «أنثى» نسمو فوق النوع الآخر «ذكر» بمسافات ضوئية لا تُعد! { و لمّا أتابع - ببرود - البرامج الانتخابيّة أفتش بتحيزي ما تتضمنه الخطب من كلمات وأفكار وأحلام تخص النساء، وتتلاعب بقلوبهنّ العاطفة وعقولهنّ التي تنقص تلك العاطفة من ترجيح كفتها الوازنة! { فأجدني أمام مرشحين بلا نساء..! { يريحون نساءهم في بيوتهنّ ويخرجون مشكورين لقضاء الحوائج والأحلام المستحيلة لنساء السودان الضعيفات! { سوى السيد رئيس الجمهورية الذي يصطحب زوجتيه - بالتناوب - للقاءات الجماهيرية الحاشدة داخل المركز الخرطوم، حيث أنهما كذلك لا تقومان بالأسفار إلى أصقاع السودان الحارة ربما لدواعٍ أمنية.. فالمراسم والبرتوكولات لأية دولة تضمن في التعريف الاجتماعي للرئيس وجود «السيدة الأولى» بجانبه أو وراءه، المهم وجودها لضمان سلامة المراسم الدولية، لهذا لا يدخل البشير ضمن قائمة مرشحين بلا نساء.. فهو مازال رئيساً يحترم بروتوكوله الرئاسي ونساءه. { وأفترض دائماً حسن النية حتى يثبت العكس بأن السادة المرشحين لم يحمّلوا الأمر أبعاداً أكبر من أنه رهق لا يحبون أن تخوض نسائهم رماله المتحركة، مهما بلغت درجة ثقافتهنّ وتعليمهنّ وذكائهنّ الأجتماعي و«سماحتهنّ»! { بجانب أن التربية السودانية وعاداتها الملتزمة تصبغ على المرأة التي تتبع زوجها لمكان عمله صفة المترصّدة، ولو كانت نيّة ترصدها سليمة! { وبما أن الحملات الانتخابية تدخل ضمن عمل الزوج المرشح فهو لا يرى أبداً داعياً لأن يسوقها إلى مكان هذا العمل، والأكرم لها - وله - أن تقبع في بيتها معززة مكرمة، أو تمضي لعملها معززة ومجهدة، وتتابع في الحالتيْن من على البعد نجاح الحملة أو فشلها بدونها ! { المفارقة المضحكة المبكية في آن واحد أن المرشحين يهتمون في لقاءاتهم الجماهيرية بفصل قطاع المرأة عن بقية القطاعات، لأنها مهمة ويجب أن تفرد لها المساحة - براها - وبشكل مخصص جداً، ليقفوا أمامها بضلع أعوج ولسان أعوج ونظرة عوجاء مريبة، ويستفرغون برنامجهم فيها عن حقوق المرأة والمساواة في العمل والكراسي البرلمانية والدرجات الوظيفية...الخ، ومن خلفهم يقف الحارس الشخصي بنظارته السوداء ويده القابضة على الزناد.. ومدير الحملة والهتّافون بحناجرهم المميزة! { أمّا جمهور النساء فيجلسنّ بثياب مطرّزة بالخرز والحرير وبروائح عطرة يستمعنّ للمرشح بآذان مثقلة ب «الحلقان» وكلمات المديح، ويصفّقن بأيدٍ مطرزة بالحنّاء المنقوشة بشعار المرشّح الحزبي.. ويهتفنّ بطبقاتهنّ الصوتية المختلفة للمرشح الذي لا يهمه من كل ذاك الجمال سوى «ختّة» الصوت في الصندوق! { ويهمسنّ مبتسمات: (والله فلان ده تمام.. شوفي مريِّح مرتو كيفنّ ومستِّرها في بيت ملك!!» { السيد الإمام «الصادق المهدي» النصير القومي للمرأة لم يسلم من الوقوع في الحفرة التقليدية للحملات الانتخابية السودانية رغم إيمانه الراسخ بنظام القرابة النوبي المعمول به في الممالك النوبية القديمة، الذي يُورث الملك بحسب نسب الأم فقط! وتأكيد ذلك بتوريثه لبناته المحترمات فكراً ونسباً. { فدعكم من المرشحين الآخرين «منير جلاب» و«ياسر عرمان» و«د. كامل إدريس» - بكامل ثقافته المغايرة ! أو «حاتم السر» أو كل الآخرين بدون فرز! { هل يناصرون المرأة لضمان صوتها بالكم وليس الكيف؟ { أم أنهم يرقصون بألسنتهم مع المرأة - عاشقة الرقص وسيدته في الثقافات المحافظة والمتحررة - فقط ليأمنوا كيدها العظيم بعدم التصويت، منها ومن كل من يخضع لسطوة سحرها الآسر؟ { أم أن القسم النسائي السوداني الشهير (أنا وراك.. وراك) الذي تقسم به المرأة متوعدة الرجل حين كل اصطدام فكري يخص أمر ما.. هو السبب المباشر لأن يتقدم بدونها، فهو بالكاد يسبقها في الخطوات الاجتماعية و تلاحقه هي كمرشحة متفوقة في حملاتها الانتخابية!