قراءة في دفتر الانسحابات..أسرار الانسحاب الخطير للحركة الشعبية من سباق الرئاسة @@@@@@ لماذا سحب الاتحاديون «حاتم السر».. وتمسَّكوا بانتخابات الولاة والبرلمان؟! { لم تسحب الحركة الشعبية مُرشّحها لرئاسة الجمهورية «ياسر سعيد عرمان» تنفيذاً لصفقة سياسية مع شريكها (المؤتمر الوطني)، والذين يعتقدون في ذلك واهمون، أو متوهمون.. { صحيح أن سحب «عرمان» من السباق الرئاسي ينهي حالة التوجس في أوساط (المؤتمر الوطني) تجاه صناديق اقتراع الجنوب المحروسة بقوات الجيش الشعبي، وبالتالي تعززت الثقة بفوز المرشح «عمر البشير» بنسبة أعلى من الأصوات حتى في جنوب السودان، بعد انسحاب مُرشّح «الحركة». { ولكن الحركة الشعبية لم تسحب «عرمان» حُبّاً.. وتقديراً.. واحتراماً للرئيس المُرشّح «عمر البشير».. كلا.. ثم كلا.. { «الحركة» أرادت توجيه ضربة قاضية للمؤتمر الوطني رداً على تهديده بتأجيل موعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر في يناير من العام المقبل، في حالة تأجيل الانتخابات.. { رد «الحركة» جاء سريعاً وقاسياً، وخلاصته إضعاف انتخابات الرئاسة، وبقية المستويات في شمال السودان، مع استمرار الانتخابات في الجنوب عملاً بنصوص الدستور وبنود اتفاقية السلام الشامل والهدف الأساسي قيام الاستفتاء على تقرير المصير في موعده المضروب في يناير 2011م. { ومنذ أن أعلن القصر الرئاسي اعتذار الفريق أول «سلفاكير ميارديت» عن حضور اجتماع مؤسسة الرئاسة الثلاثاء الماضي، كنت متيقناً بأن «الحركة الشعبية» تدبر مكيدةً ما، لم ينتبه لها عباقرة «المؤتمر الوطني».. { انسحاب «عرمان» من انتخابات الرئاسة فتح الباب لانسحابات أخرى، وشجع آخرين على الانسحاب، فلحق بالركب الإمام «الصادق المهدي»، والسيد «مبارك الفاضل المهدي» والأستاذ «حاتم السر علي» والأستاذ «محمد إبراهيم نقد».. { ولكن لماذا انفردت «الحركة» بقرار الانسحاب من سباق الرئاسة، والمشاركة في المستويات الأخرى؟ ولماذا لم تنتظر أن يكون القرار جماعياً صادراً عن تجمع قوى «جوبا»؟ { الإجابة تقول: كان لابد أن تسبق «الحركة» أحزاب (تجمع جوبا) في اتخاذ هذا الموقف؛ لأنها إن انتظرت قرارهم فسيكون الانسحاب ومقاطعة الانتخابات في كافة المستويات الرئاسية والبرلمانية والولائية مثلما فعل حزب الأمة القومي، والحزب الشيوعي السوداني، والإصلاح والتجديد. { وإذا انسحبت «الحركة» وقاطعت الانتخابات في كل المستويات، فإن (المؤتمر الوطني) يمكنه أن ينفذ تهديده بالتلاعب بموعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، وهو (الخط الأحمر) الذي لا تقبل «الحركة»، بل كل الجنوبيين، التلاعب به، أو مجرد الإشارة إلى إمكانية تأجيله.. { إذن حاول (المؤتمر الوطني) أن يلعب مع «الحركة» لعبة خشنة في (منطقة الجزاء)، فارتكب خطأً، فأحرزت «الحركة» هدفاً خاطفاً بإعلانها المشاركة في المستويات الأخرى، عدا الرئاسة. { والمستويات الأخرى التي تهم «الحركة» هي مستوى رئاسة حكومة الجنوب، لتأكيد شرعية رئيس الحكومة الفريق «سلفاكير» عبر الانتخابات، ثم مستوى المجلس التشريعي لحكومة الجنوب، ومستوى حكام الولايات العشر، ومجالسها التشريعية الولائية.. { وقد تنسحب «الحركة» من المستويات الأخرى في ولايات (الشمال)، وقد لا تفعل، وفي الحالتين فإن الأمر لا يعنيها كثيراً، المهم أن تمضي الانتخابات في الجنوب إلى غاياتها وصولاً إلى الاستفتاء في موعده المقرر. { وهكذا خدعت «الحركة» شريكها «المؤتمر الوطني» وسدَّت عليه أي منفذ لاستغلال تقرير المصير كأحد كروت الضغط على «الحركة»، فمدت لسانها للشريك وكأنها تقول: (الانتخابات قائمة في الجنوب.. والاستفتاء في موعده.. فانظروا ماذا أنتم فاعلون في الشمال؟!). { وخدعت «الحركة» أحزاب المعارضة الشمالية؛ لأنها انسحبت من المستوى الأهم للشماليين (رئاسة الجمهورية)، وواصلت الانتخابات في المستويات الأهم للجنوبيين (رئاسة حكومة الجنوب، برلمان الجنوب، حكام الولاياتالجنوبية ومجالسها التشريعية) والحركة بلا شك تضمن اكتساح الانتخابات في جميع هذه المستويات بالجنوب رغم مزاحمة بعض (المستقلين). { يجب أن نعترف بأن «الحركة الشعبية» تمتلك (مكتباً سياسياً) فاعلاً.. وقادراً.. وقوياً.. يجب أن نعترف أن السياسيين (الجنوبيين) في «الحركة» قد استفادوا كثيراً علماً وخبرة من سنوات الهجرة الطويلة في أوربا وأمريكا واستراليا.. { إنهم يديرون المؤامرات على الطريقة (الغربية).. بينما ساسة الشمال مازالوا في محطة (عليَّ الطلاق بالتلاتة..)!! { ورغم أنها مؤامرات لا تعمل لصالح الوطن الكبير السودان الواحد إلاّ أنها سياستهم واستراتيجيتهم ينفذونها بحرفية.. و(براغماتية) عالية. { سحب «الحركة» لمُرشّحها «عرمان» ليس صفقة بل طعنة نجلاء على ظهر (المؤتمر الوطني) تلقاها في جُنح ليل بهيم.. { أمّا ما قاله الفريق «سلفاكير» في لقاء جماهيري أمس الأول بولاية البحيرات بأن الحركة الشعبية سحبت «عرمان» لصالح «البشير» فلا يعدو إلاّ أن يكون ذراً للرماد فوق العيون، وضحكاً على الذقون، فهل تسحب الحركة مُرشّحها، ثم تحرّض بقية المُرشّحين على الانسحاب، ثم يكون ذلك لصالح «البشير»؟!! { على صعيد بقية الأحزاب تتحدث مجالس المدينة عن ملامح ومؤشرات لصفقة سياسية في مكان آخر.. مع حزب آخر هو الحزب (الاتحادي الديمقراطي الأصل) بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، لكنها أيضاً تبدو صفقة خاسرة مع «المؤتمر الوطني» حاول خلالها (مولانا) أن يخرج بأقل الخسائر.. ودعونا نقرأ قرار الحزب الاتحادي بالانسحاب من سباق الرئاسة مع المواصلة في الانتخابات البرلمانية. { المستوى الرئاسي هو الأهم، والانسحاب منه يعني إضعافه، وسحب الأضواء عنه، ورغم أن مُرشّح الحزب (الاتحادي الأصل) الأستاذ «حاتم السر» مع احترامنا وتقديرنا له لم يكن في كافة استطلاعات الرأي، وقراءات التحليل السياسي منافساً قوياً يشكل تهديداً جدياً لمُرشّح (المؤتمر الوطني) المشير عمر البشير، إلاّ أن بقاء «حاتم السر» في السباق الرئاسي كان سيشكل إضافة سياسية وإعلامية مفيدة باعتبار أن الحزب (الاتحادي الديمقراطي الأصل) هو حزب الوسط الكبير.. وحزب الاستقلال المدعوم بطائفة «الختمية».. أكبر وأشهر الطرق الصوفية في السودان. { والحزب الاتحادي الديمقراطي أحد حزبين ظلا يحكمان السودان طوال العهود الديمقراطية المنصرمة، ومؤسسه الزعيم «إسماعيل الأزهري» هو أول رئيس حكومة سودانية بعد الاستقلال، ولهذا فإن فوز «البشير» على مُرشّح هذا الحزب الكبير له قيمة خاصة تختلف عن الفوز على بضعة مُرشّحين مستقلين. { ما معنى أن يشارك الحزب الاتحادي في انتخابات البرلمان وينسحب من الرئاسة؟! { انسحاب الاتحادي من سباق الرئاسة كان سيكون لصالح (المؤتمر الوطني) لو أن مُرشّحي «الحركة الشعبية» وحزب «الأمة القومي»، و«الشيوعي» و«الإصلاح والتجديد» لم ينسحبوا.. أما الانسحاب الآن من الرئاسة والبقاء في البرلمانية وانتخابات الولاة، فيشبه قرار «الحركة»؛ إذ ينظر (مولانا) إلى مقاعد ولاة بعض الولايات مثل «سنار»، و«شمال كردفان» و«كسلا» و«نهر النيل» و«الشمالية»، بأمل زائد في الفوز بها، بينما يريد في ذات الوقت أن (يجامل) المعارضة والحركة الشعبية، بقرار الانسحاب من انتخابات الرئاسة التي تمثل الكثير بالنسبة للمؤتمر الوطني. { «المؤتمر الوطني» تأخر، وكان بإمكانه معالجة الأزمة بعد إعلان «الحركة» سحب مُرشّحها؛ وذلك بعقد اتفاق سريع ونافذ مع السيدين «الصادق المهدي» و«محمد عثمان الميرغني»، لإبطال مُخطط الحركة التخريبي للانتخابات، ومازالت الفرصة متاحة ليومين أو ثلاثة لتجاوز النفق المظلم. { ولكن مَنْ يُفكّر.. من يُقدَّر.. ومن يُقرر؟؟