من حكاياتنا مايو.. ومن شعاراتنا مايو.. وجيتنا وفيك ملامحنا.. في بداية السبعينات ونهايات الستينات إلى خطوة عديلة يا جعفر على الأعداء الله أكبر في بداية الثمانينات.. إلى حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ وطن عاتي.. وطن خَيِّر ديمقراطي.. التحية للشعراء والفنانين الذين أطربونا في كل الحقب السياسية بالأناشيد الحماسية التي ظلت أناشيد راسخة في الذهنية السودانية المعاصرة رغم مرارتها عند البعض أو حلاوتها عند البعض الآخر. من محطات مايو الشعرية الحماسية السياسية إلى محطة الانتفاضة التي يذكِّرنا هذا اليوم بها.. فالذكرى تعود بنا لكلمات الشعراء الذين كتبوا عن مايو الحمراء ومايو الوسطية ومايو اليمينية حيث انتهى بها المآل.. وعن الانتفاضة الشعبية وما بين هذا وذاك اختلطت الأحاسيس والشجون.. فمايو البدايات كانت أناشيدها شديدة الجذب.. ومايو النهايات انحصرت أناشيدها في تبجيل القائد الأوحد عليه الرحمة. كان التبجيل وكان التطبيل الغنائي فتاه نميري في عشق مايو.. وتاه المايويون في عشق نميري.. وجاء السادس من أبريل وبعد أن كانت القناعة راسخة بأن من ناطح الثورة ناطح صخرة غابت أناشيد مايو وظهرت أناشيد الانتفاضة.. وهذه قد شدت الناس بشدوها أيضاً.. فرسم الجميع صوراً زاهية وتغنوا وحلموا بديمقراطية ثالثة وارفة الظل.. ولكن سرعان ما جاءت الديمقراطية الثالثة واختفت كل الأناشيد الجميلة واختفى معها كل شيء وبدلاً من أن يحتفي بها الناس ويكتب لها الشعراء ويتغنى المغنون ماتت بفعل السادة الذين تلخصت الديمقراطية فيهم وجاءتهم طائعة مختارة بلا كبير عناء فعاشوا فيها خلافات ولم يستبينوا النصح إلاّ ضحى الغد وانفض عنها الكل ما عدا قلة من القيادات الطائفية التي بدأت تُمنّي الناس بالأحلام الوردية لكنها ماتت ولم ينعها أحد وانتهى العزاء بانتهاء مراسم الدفن.