قصة شهيرة جداً في بداية الثمانينيات وهي تجرؤ معتاد سرقات على سرقة عربة خاصة بالمباحث الجنائية التي كانت في ذلك الزمان بُعبُعاً مخيفاً للمجرمين، فإن يتجرأ (لص) على اقتحام حصونها جعل المباحث تقوم بسلسلة من الحملات قبضت من خلالها على (26) عربة مسروقة قبل أن تصل لسيارتها. والغريب في الأمر أن الذي قاد تلك المعلومات هو سائق العربة التي سُرقت فالقصة مشهورة والصدفة وحدها هي التي أوقعتنا في ذلك السائق عوض إسحق أحمد الذي جلس ليروي لنا تلك القصة التي ما أن انتهى من مهمته فيها حتى سارع بتقديم استقالته من الشرطة. بداية السرقة يبدأ عوض القصة من أوائل العام 1989م وهي آخر أيام الأحزاب وكانت البلد مضطربة ومعلومات تتردد عن كمية من الأسلحة قد دخلت الخرطوم وأصبحت مهددة فأعلنت الأجهزة الأمنية استعدادها للقيام بحملات تفتيش مشتركة ودوريات ونقاط ارتكاز. وكان وقتها (عوض) يقود سيارة خاصة بالمقدم سيف الدين فضل زمراوي ويقول: كان اليوم عصيباً عملنا ليلة كاملة بلا توقف ثم طلب مني المقدم أن أتحرك برفقته لمنزل أحد أقربائه بمدينة الرياض لتناول الغداء وفعلاً تحركوا للرياض وتناولوا الغداء وعند خروجهم من المنزل وجدوا عربة المباحث قد اختفت وفي اللحظة نفسها جاء سائق عربة الملازم أول عبد العزيز عوض حسين ويدعى حبيب أحمد آدم ماراً فقام بتوقيفه يقول عوض: (كانت تلك كارثة أن تُسرق عربة المباحث نفسها لأن المباحث ة شرف فأسرعت لسائق المباحث وتحركت معه لميس الضباط ووجدت اللواء محمد أونور وكان وقتها برتبة الرائد وكان يعد في وجبة ليتناولها فدعاني لمشاركته ولكن قلت له إن العربة إنسرقت فأطلق (أونور) صافرة طويلة وقال لي دي مشكلة ثم استلم عربة (حبيب) وسلمنا عربته الجديدة، وقال امشوا فتشوا العربة المسروقة فتحركنا للمباحث وتسلحنا ثم تحركنا شرقاً للبطانة ومررنا بالهلالية وكركوج وحتى وصلنا رفاعة ولم نعثر عليها فعدت لتشكل لي محكمة شرطة برئاسة المرحوم (أزهري خليل رحمه الله) فكنت أحس بأني قصرت واصررت على أن أبحث عن العربة بنفسي فكنت بين كل جلسة وأخرى أسافر للبحث عن العربة وفي احدى المرات قابلت الأستاذ (عبد الباسط سبدرات) وكان وقتها محاميا يقود عربة بيجو نفذ وقودها فطلب مني أن أحضر له (بنزين) وعندما عدت له بالوقود وجدت أن المقدم سيف زمراوي قد أخبر سبدرات بموضوع العربة المسروقة وتفاجأت به في الجلسة الثانية يأتي للمحكمة ويقدم نفسه محاميا للدفاع عني وهذا ما احفظه للرجل وكان بيديني قروش ويشجعني لأسافر وأبحث عن العربة وكان دائماً يقول لي أنا واثق أنك حتلقاها، وأيضاً هناك ضباط ساعدوني مالياً ومنهم محمد أحمد أونور وطه جلال الدين وسيف زمراوي وأول معلومات حصلت عليها كانت بمنطقة (الدنيقيلة) وتحرك الفريق فعلاً وقمنا بمداهمة المنزل فوجدنا عربتين مسروقتين ووجدنا أحد اللصوص يستلم قيمة إحدى العربتين بعد أن قام ببيعها لآخر ولم تكن عربة المباحث من بين العربتين سافرت الى القضارف وبحثت عنها بمساعدة المساعد نقد الذي سلمني مذكرة لمساعد بحلفا الجديدة يدعى مصطفى داؤود وكنت أول مرة أسافر لحلفا الجديدة والمواطنين عرفوني وأنا راكب في بوكس متجهاً للشرطة وفعلاً ساعدوني وبعد معلومات نجحت في ضبط (8) عربات مسروقة بعد اشتباك مسلح. وأتذكر ان الحملة يقودها الضابط صلاح طلحة ومنها اتجهت الى مدينة كسلا وكان قبل يومين من انقلاب الإنقاذ حتى أن أوامر صدرت بعودتي ومعي آخرون للاستعداد ولكن المعلومات عن كسلا كانت كثيرة رجعت اليها ووجدت (أونور) هناك سلمني (50) جنيها وأمر بأن أسكن في مركز التدريب حتى أستطيع متابعة المعلومات وفعلاً توصلنا الى أن العربة بالسواقي الجنوبية وفعلاً قمنا بمداهمة المجرمين والعثور على العربة قبل يومين من جلسة النطق بالحكم وكان مقرراً علي توقيع غرامة وقدرها (250) جنيهاً وأتذكر ان الجو كان ممطرا والرياح عاصفة وفعلاً استطعت إرجاع العربة وبعد أن شطبت الإجراءات في مواجهتي قمت بتقديم استقالتي لأن الموضوع كان عندي تحديا..).