لم تشكَّل بعد الحكومة الجديدة، إلا أن الإرهاصات بدأت تظهر على السطح، بترشيحات لأناس كانوا هم المعضلة الحقيقية في سابق الزمان، وعنواناً للفشل الذي عاشته الحكومات السابقة، مما جعل الكثيرين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من عودتهم القسرية التي تجلب الفشل والإخفاق مرة أخرى. وعندما يتساءل المواطن الكردفاني عن ماهية الأسباب التي دعت إلى إسناد المناصب التنفيذية لتلك الوجوه؛ يضع في الحسبان أنهم فشلوا في سابق العهد في تنفيذ الكثير من المهام التي أسندت إليهم حتى أنهم تنقلوا في مراكز مختلفة من المناصب التنفيذية، فمنهم من كان معتمداً، ثم وزيراً، ثم مستشاراً، ولكنه كان عنوان الفشل مصاحباً له، في كل مركز حلَّ به. فماذا يرجى منه في هذه الحكومة التي علق عليها المواطن كل الآمال والأماني والتمنيات، بأن تكون حكومة خير حتى تخرجه من قوقعة الأزمات المتتالية عليه؟ وهنا لا بد لنا أن نقف وقفة حقيقية أمام الأخ الوالي الجديد معتصم ميرغني حسين زاكي الدين، الذي سيستهل عهده الجديد ليس بالتعيين، ولكن بالانتخاب، عليه أن يحترم رأي ورغبة الناخب الذي تخيَّره من بين كل أولئك المرشحين، ومنحه صوته آملاً في أن يقوم هذا الوالي المنتخب باختيار مساعدين لهم الدراية والحنكة والخبرة بأمور ومشاكل هذه الولاية، ليكونوا خير سند له في مشوار قيادته للولاية، الذي سيستمر لمدة أربع سنوات بإذن الله. لذا عليه أن يتخير الوجوه التي تحمل هماً حقيقياً وليس من أدمنوا الفشل في المناصب التنفيذية في المرات السابقة، وعليه أن يعتمد اعتماداً كلياً على الشباب الذين هم عماد المستقبل، ولديهم الرؤية والأفق ليحملوا مشعل العمل السياسي والتنفيذي، ولا يخفى عليه الدور الكبير الذي قاموا به إبان الانتخابات الأخيرة، مما مكن الحزب من اجتياز كل العقبات، ومن بينهم حتماً سيجد الذي سيتحمل المسؤولية ويكون أهلاً لها. وهذا لا يعني أن يستغني عن الشيوخ، فهم الخبرة والتجربة الثرة، والفكر الناصح، لذا يمكن أن تسند إليهم الأمانات والمجالس الشورية، والاستفادة منهم في مواقع غير تنفيذية، تتطلب الحركة والنشاط. والسيد الوالي سبق أن وعد بتجديد الدماء، وهذا يعني أنه سوف يركن إلى الاعتماد على الشباب، وكذلك المنع من الازدواج في المهام، مما يعني عدم إسناد مهمتين في آن واحد لشخص واحد، وهذا يطمئن الشارع الكردفاني بأن الحكومة القادمة لن تكون حكومة طالبي وظائف، بقدر ما هي حكومة ذات دماء شابة وفكر متحضر. لنخرج هذا المواطن الذي عانى كثيراً من الإهمال وفقد الكثير من ميزاته التي تميز بها عن باقي الولايات، مما أوقعه في مآلات وتساؤلات وتناقضات فشلت كل الحكومات السابقة في أن تعيدها إليه. ونحن نقول هذا القول، وهناك وزارات هي من الأهمية بمكان، يجدر الاهتمام بها، لا سيما الوزارات الخدمية، مثل الصحة، والتربية والتعليم، والتخطيط العمراني، والزراعة والثروة الحيوانية. هذه الوزارات نرى أن كل من تقلَّد مهامها فشل فشلاً ذريعاً في أن يسير بها نحو التقدم، بل ربما إلى الخلف، وبالتخصيص: الزراعة والصحة، إذ صاحب الفشل الوزراء الذين لم يواكبوا حتى أن يصلوا إلى مرتبة النجاح الاستثنائي. وهناك شيء هام لا بد للسيد الوالي أن ينتبه إليه، وهو أن الإعلام وصل إلى مرحلة الصناعة، ولا بد من الاهتمام به، إذ أن الإدارات السابقة أوجدت حاجزاً من التهميش للإعلامي في هذه الولاية، حتى أن المؤتمرات الصحفية التي تعقد تحت مسمى مؤتمر صحفي، يحضرها أناس ليس لهم من الصحافة والإعلام إلا المسمى، لذا فوزارة الثقافة والإعلام جديرة بأن يتبوأها إعلامي له من الدراية ما يجعله يستطيع التعامل الفعلي مع تلك الشريحة المهمة. ووزارة الزراعة التي كان يتبوأها مهندس متخصص قاد الولاية إلى فجوتين (إن سميناها مجازاً فجوة) غذائيتين، مما أجبر الولاية على استيراد الذرة من ولايات أخرى، فياله من عار! في ولاية كل أراضيها صالحة للزراعة! حتى لو زرعت بها حجراً لنبت. وهناك قلعة مهمة محصنة، وكانت بمثابة القلعة الحصينة، وهي وزارة المالية، التي ينتظرها الكثيرون، وينظرون إليها كأنها حق مشاع و(أرنب كوع) كما يقول المثل، وهذه العيون المنتظرة ترى أنها الأحق بذلك، وبالتالي فإن الفشل سيلازم تلك الوجوه بسبب عدم الدراية والخبرة والتخصص، فوزارة المالية لا بد أن يكون وزيرها من العينة التي تستطيع أن (تقلع) حق الولاية قلعاً من المركز، ولديه من العلاقات في المركزية ما يسهل له انتزاع الحقوق، بالإضافة إلى العفة ونظافة اليد.