{ هذا المقال الذي كان بعنوان «المواطن العربي» سجل صدىً طيباً في رصيد إطلاعي وهو للكاتب الخليجي والمبدع المعروف كريم معتوق وقد كان يكتب بصفة راتبة بالصفحة الأخيرة بمجلة «كل الأسرة» الأسبوعية من ثم رأيت أن أعيد نشر ذاك المقال تعميماً للفائدة. «المواطن العربي عموماً وحده الذي يعرف كل شيء عن فلسطين وعن العراق وقضية لوكربي واحتلال بنما ومشكلات كوريا الشمالية والجنوبية وقضية إقليم التبت والتفرقة العنصرية سابقاً في جنوب افريقيا وجنوب لبنان والشريط الحدودي واحتلال الجولان ويعرف عن الجيش الايرلندي والبوسنة والهرسك وبلاد الإغريق في مستنقع ديونها والانتخابات البرلمانية في بريطانيا. المواطن العربي هو المواطن العالمي الوحيد الذي وقع ضحية إعلامه العربي الذي آمن بنظرية المثقف، هو الذي يأخذ من كل علم بطرف، فصار مثقفاً غصباً عنه. إن كل المحطات العربية والصحف العربية والإذاعات، تقوم بتغطية كل حدث، رياضي واجتماعي وسياسي، وكل المجلات العربية تهتم بصورة «امرأة» على الغلاف ومتابعة أخبار النجوم والأبراج وصور الزفاف والتعارف والكلمات المتقاطعة. المواطن العربي لا يأخذ رأيه أحد. فالمسؤول في التلفزيون يفكر عنه ويعرف مصلحته أكثر منه، والإذاعة تعرف نوع الأغاني والبرامج التي يتوجب عليه سماعها. ومن باب حرية الرأي أقاموا برامج ما يطلبه المستمعون و المشاهدون. والمسؤول في الصحافة لا يدع خبراً صغيراً أو كبيراً إلا وينشره له من منطلق الشمولية. وفي المقابل فإن الانسان في الغرب لا يشغل نفسه إلا بما يهمه، فهناك من يعيش في الريف ولا يعنيه من أمر الحياة إلا الحقل والماشية وأكبر همه ولادة بقرة جديدة، والذي يعيش في المدينة يعرف تفاصيل عمله وكيف ومتى يذهب إلى الحانة، ومتى يأكل ومتى ينام، أما الانسان العربي فإنه ينام على التساهيل. إن إهتمام إعلامنا شاملاً كاملاً بالأحداث الرياضي، الدمار والموت والانقلابات والانتخابات والفضائح، لا يشبهه إعلام آخر. إعلامنا بكل أسف لا يؤمن بالتخصص وكله يتسابق الى المواطن العربي والمواطن حائر بين هذا وذاك، فنجده يهرب الى الإعلام الغربي حيث يرضي كل واحد منهم حاجة معينة يريدها هو. قال لي أحد الأصدقاء «كم أتمنى أن أعيش في مكان يكون فيه تركيب حدوة الحصان أكبر همومي، ولا أعرف شيئاً عن العالم الآخر». { مسطول عاوز يطلع بعربيته من موقف سيارات، شاف واحد جايي يركن عربيته مكانه، رجّع عربيته وقام ركب تاكسي!!