تواصلت ردود الأفعال على خلفية اعتقال سلطات حكومة الجنوب (7) إعلاميين من إذاعة وتلفزيون جنوب السودان بجوبا أمس الأول «الجمعة». وقالت مصادر (الأهرام اليوم) إن المعتقلين بينهم: «صمويل، إدريس محمد، والي جاكوسن، جادين، قبريال وبثينة محمد صالح». وكان الإعلاميون بإذاعة وتلفزيون الجنوب قد دخلوا في إضراب استمر ليوم واحد احتجاجاً على عدم صرف متأخرات عدة أشهر لكنهم رفعوا الإضراب أمس الأول (الجمعة) من أجل تغطية احتفال تنصيب الفريق أول سلفاكير ميارديت أول رئيس منتخب لحكومة الجنوب. وجاء اعتقال الصحفيين ليضفي على الواقع صورة مأساوية لأوضاع الصحفيين في الشمال والجنوب معاً وما يمكن أن يتركه الأمر من أثر على حرية التعبير ومصادرة الحقوق المشروعة. وبالرغم من أن بعض الصحف كشفت أن المدير العام للإذاعة والتلفزيون «أروب بقد» هو الذي وشى بالصحفيين المعتقلين ورفع اسماءهم للأجهزة الأمنية إلا أن أروب نفى في حديث ل(الأهرام اليوم) صحة هذه المعلومة ووصف الاتهامات بأنها افتراءات القصد منها التضليل، وتساءل كيف يطالب باعتقال إعلاميين يعملون معه وهو قادر على محاسبتهم بموجب قانون الخدمة العامة في حالة إخفاقهم. وأضاف أروب أن الموضوع أمني في المقام الأول وهو ليس معني بالاعتقال. وأوضح أن سبب المشكلة المتمثل في منح الصحفين علاوة بدل سكن أقرت به حكومة الجنوب بإرادتها وتعاملت معه كاستحقاق للصحفيين علاوة بدل سكن للذين لم يتوفروا على إسكان في منازل حكومية لأداء عملهم، وقال: «العلاوة جاءت بعد أن أجيزت الميزانية وبالرغم من أنها أضيفت للمرتب الشهري ولكن الحكومة اعتذرت بعدم وجود السيولة الكافية ووعدت بمعالجة المشكلة»، وأضاف: إن هذا ليس حقاً مشروعاً حتى يُضرب الصحفيون وإنما الحكومة هى التى قررت إدخال ذلك البند ولكنها عجزت عن تغطيته في الميزانية»، وتابع: إن وجه الاستغراب بالنسبة لهم هو توقيت الإضراب حيث كان رئيس حكومة الجنوب يتجه لأداء القسم والمجلس التشريعي يتجه لعقد أول جلسة له بعد انتخابه في هذا التوقيت أعلن هؤلاء اعتصامهم عن العمل مما يوحي بأن للموضوع ظلالاً سياسية وكانوا يجلسون تحت الأشجار ويمنعون أي شخص من العمل. وسرد أروب تفاصيل الاعتقال بأنه كان بصحبته تيم في لقاء سلفاكير لأداء القسم وبعد عودته فوجئ بأن أفراداً من الأمن اعتقلوا عدداً من المضربين، وقال إنه شخصياً لا علاقة له مباشرة بالموضوع وأنه ظل يدافع عن هؤلاء الصحفيين ويوفر لهم الغطاء على تصرفاتهم الفردية، وزاد بأنه أنه حتى اللحظة لم يقم بأي إجراء في حقهم وأنه سيسعى لذلك بعد خروجهم من المعتقل، وأضاف أن توقيت إضرابهم كان مشبوهاً، وخلُص إلى أن الإذاعة والتلفزيون لم يتأثرا بالإضراب بالرغم من أن أعداد المضربين كانت كبيرة في اليوم الأول. من جانبها أكدت الإعلامية بتلفزيون الجنوب أميرة الطريفي أنه لا يوجد اتحاد أو نقابة مسؤولة عن الصحفيين في الجنوب، وطالبت إلاتحاد العام للصحفيين السودانين بأن يهتم بقضايا الصحافة في الجنوب إذا كان معنياً بوحدة المصير والوجدان. وشكت أميرة في حديثها ل(الأهرام اليوم) من أن الإعلاميين أحياناً يقع عليهم ظلم كبير ولكن بالمقابل ليس الإضراب وعدم القيام بالواجب المهني هو الحل. وتساءلت أميرة لماذا اعتصم هؤلاء في نفس اليوم الذي أدى فيه سلفاكير وبرلمان الجنوب القسم، وزادت: «أما كان يمكن أن يؤجلوا الاعتصام والإضراب ليوم آخر ويقوموا بواجبهم الذي غطته كل القنوات الإعلامية عدا تلفزيون الجنوب وهو صاحب الحق الرئيسي في تغطية المناسبة؟»، وقالت أميرة إنها مع الحق وليست مع الإضراب، لافتة إلى إن بثينة محمد صالح تسكن في بيت حكومي وتقوم حكومة الجنوب بدفع فاتورة المياه والكهرباء لها مما يجعل إضرابها غير منطقي. رئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان باتحاد الصحفيين مكي المغربي دعا إلى جدولة الحقوق وتسليم جزء منها للصحفيين. وقال ل(الأهرام اليوم) إن الإضراب كان ينبغي أن تسبقه محاولات لطلب وساطة، ولكن الصحفيين باشروا عملهم دون الاتصال بأي شخص ليقوم بالوساطة، وأضاف: إن المشكلة الأساسية في جنوب السودان هي غياب قانون (2009) للصحافة والمطبوعات الذي أجازه البرلمان بموافقة الحركة الشعبية، ومن قبل حدثت حادثة اعتقال «لنيال بول» وتمّت محاكمته بموجب القانون الجنائي للجيش الشعبي. وأشار مكي إلى أن الاتحاد مباشر في تكثيف الاتصالات بحكومة الجنوب لمعالجة هذه القضية قبل أن تستفحل، مؤكداً أن عدم تنظيم المهنة في الجنوب وراءه دوائر القصد منها إضعاف مكانة الصحفي وإضاعة حقوقه. وطالب مكي بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين وجدولة حقوقهم بما يسمح للحكومة الإيفاء بها.