منذ فترة ما قبل الاستقلال، والمواطن السوداني ينتظر (أن تُفرَج)، قالوا له انتظر حتى يخرج الاستعمار فتأكل الرُّمان والعنب، فخرج الاستعمار وأكل (المقلب)؛ بسبب تصارع الأحزاب على (كيكة) الحكم!! حكم إبراهيم عبود بحكومة تتكون من ثمانية وزراء فقط، وأنجز العديد من مشروعات التنمية، وكان يسير بالبلاد في خطى حثيثة نحو تنمية شاملة، لكن لم يتركوه، فخرجت مسيرات أكتوبر تحت شعارات المطالبة بالحرية وحكم الشعب بالشعب وإرجاع العسكر إلى ثكناتهم وغيرها من الشعارات التي كانت تنزل إلى الشارع السوداني بتخطيطٍ محكم من الخارج، فنفذ المخطط عالمون به وغير عالمين، وطافت الجماهير الهادرة وهي تطالب بإزاحة إبراهيم عبود لكنها لو سُئلت أيامئذ عن الدواعي لفشلت في تبيان السبب، وبعدها بسنوات قليلة وجدوا إبراهيم عبود يتسوق في سوق الخضار فحملوه على الأكتاف في مظاهرة هادرة مرددين (ضيعناك وضعنا وراك)!! ثم جاءت الأحزاب وطالبت الشعب السوداني بالتريث حتى يجني الثمرات، فجنى الحصرم، فانقلب عليها جعفر نميري (يرحمه الله) وأنجز معظم مشروعات التنمية الماثلة حتى الآن، لكن خرجت أكتوبر جديدة في أبريل 1985م بمخططات خارجية أيضاً في معظمها وأزاحته عن السلطة وصعدت الأحزاب إلى سدة الحكم وطالبت الشعب السوداني مجدداً بالانتظار حتى ترفعه إلى الثريا، فرمته في الحضيض، حتى اتسخت ملابسه، فلم يجد حتى الصابون الذي يغسل به ملابسه وشاهدنا المغتربين يخجلون من التفتيش الجمركي في مطارات السعودية والخليج وهم عائدون من إجازاتهم بالسودان لأنهم كانوا يعودون بملابسهم وملابس أطفالهم المتسخة ليغسلوها هناك لانعدام الصابون والانقطاع المستمر للمياه والكهرباء في بلد الأنهار والخزانات والميلون ميل خيرات!! وجاءت ثورة الإنقاذ الوطني، وقالت للمواطنين انتظروا قليلاً وشدوا الحزام حتى نفرغ من حرب الجنوب، فأوفت بوعدها وأوقفت نزيف الحرب واستخرجت البترول والذهب والكثير من الخيرات فتنسم السودانيون قليلاً من العافية التي لم تكتمل بعد، وها هم بعدما صبروا كثيراً وقدموا أبناءهم شهداء في أحراش الجنوب ومختلف مواقع العمليات في السودان، وبعدما حققت الحكومة الحالية إنجازات اقتصادية شهد بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية، ها هم ينتظرون الانفراج الكبير في مستوى معيشتهم الذي لا يزال متدنياً بسبب قلة الأجور وارتفاع أسعار السلع رغم الوفرة في كل شيء، هذه الوفرة التي غدت سمة تميزت بها بلادنا في عهد حكومة الإنقاذ الوطني وحدها دون غيرها من الأنظمة التي حكمت السودان منذ الاستقلال، فهذه الخاصية – أي الوفرة - اعترف بها حتى أعداء ثورة الإنقاذ الوطني في الداخل والخارج!! لكن المواطنين ينتظرون الآن المكافأة الأكبر، لا سيما بعد الفراغ من الفترة العصيبة التي تميزت بها الانتخابات العامة الأخيرة في بلادنا، وإجماعهم على الرئيس المشير عمر البشير، حادياً للركب وقائداً للمسيرة، للخروج بالبلاد من تحديات ومؤامرات عدة. ينتظرون المكافأة المتمثلة في الآتي: - زيادة المرتبات والأجور بنسب تتغلب على معدلات التضخم في مستويات المعيشة. - تخفيض أسعار السلع بتخفيض الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم التي تثقل المنتجين المحليين والتجار المستوردين من الخارج معاً حتى تصل السلعة للمستهلك بسعر يتواءم مع مستوى دخله. - مراقبة أسعار المواد الاستهلاكية ومواد البناء والملابس والأجهزة الكهربائية وغيرها وعدم تركها لهوى التجار وذلك لا يتأتى إلا بوضع ديباجات الأسعار عليها والتأكد من التزام البائعين بها. - تكثيف الجولات على الأسواق لمراقبة الالتزام بجودة السلع وتواريخ انتهاء صلاحيتها ومدى مطابقتها للمواصفات والمقاييس والأوزان الموضوعة لها، وكذلك مطابقتها لظروف التخزين المنصوص عليها قانوناً. - محاربة السلع والأدوية المقلدة والمهربة بحزم وتكثيف جولات التفتيش والمتابعة في كافة المنافذ والأسواق من خلال وحدات المباحث الاقتصادية والبلديات والأمن الاقتصادي وغيرها. - تخفيض رسوم تركيب عدادات الكهرباء، وكذلك رسوم استهلاك الكهرباء إذ أنها تُعتبر الأكثر ارتفاعاً مقارنةً بالعديد من دول الجوار. - تخفيض رسوم تركيب عدادات الماء في المنازل، ورسوم استهلاك الماء إذ أنها مرتفعة في بلادنا المتميزة بكثرة الأنهار والسدود، والمتميزة أيضاً بانخفاض تكلفة نظافة وتعقيم الماء للاستهلاك البشري مقارنةً مع العديد من الدول الشقيقة التي تقوم بتحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب للاستهلاك البشري لمواطنيها، ورغم ذلك فسعر الماء لديها أرخص من بلادنا!! - إلغاء رسوم الجبايات التي أثقلت كاهل المواطنين سواء المفروضة على الطرق أو على المحاصيل وكافة أنواع الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي في بلادنا. - التخفيض المدروس لسلعة السكر التي غدت بعبعاً يخاف منه المواطنون باستمرار للصعود المفاجئ في أسعار هذه السلعة الإستراتيجية بأسلوبٍ متكرر كذا مرة كل عام، وفي مواسم معينة، مما يسمها بسمة التخطيط المسبق لرفع الأسعار من جهات ذات صلة بتوزيعها!! - تخفيض أسعار لبن البودرة المستورد، وتوفير كافة مستلزمات تعبئة وتوزيع الحليب الطازج الذي يتوافر في بلادنا ويحتاج فقط لمستثمرين وطنيين يتولون التعبئة والتوزيع بأساليب حديثة. قائمة مكافأة المواطنين تطول وتطول، والصبر لا يجب أن يطول أكثر مما هو طائل، لا سيما أن الزمن الحالي في عهد الحكومة الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة هو الأنسب للإعلان المتتالي عن مكافأة المواطنين في بيانات تصدر تباعاً بين كل فترة قصيرة وأخرى في بشريات يفرح لها كل المواطنين.