فاجأت الحركة الشعبية شريكها في الحكم «المؤتمر الوطني» بموقفها حيال وحدة السودان التي ألزمت نصوص اتفاقية نيفاشا الموقعة بين الطرفين في كينيا 2005م الشريكين بالعمل من أجل تحقيق الوحدة الجاذبة الأمر الذي ظلت تؤكده قيادة الحركة الشعبية ورئيسها الفريق سلفاكير. وقد جدد زعيم الحركة موقفها الداعم للوحدة. وقال كير عام 2008م إبان احتفالات رابطة أبناء «الشيلو» بملاعب كمبوني: إننا لم نكن انفصاليين، بل نحن أول من حارب الانفصاليين داخل الحركة الشعبية يبدو أنه يقصد تلك المعارك التي دارت بين مجموعة قرنق ومجموعة أنانيا في بيلغام. إلا أن كير فاجأ الجميع إبان احتفال تنصيبه رئيساً لحكومة الجنوب في 2010م عقب فوزه في الانتخابات التي جرت في 11 أبريل2010م عندما قال إن الفترة المقبلة لن تحقق الوحدة الجاذبة، أي إن الأوان قد فات لتحقيق ذلك. وهو ذات الاتجاه الذي ذهب إليه الأمين العام للحركة باقان أموم في مؤتمره الصحفي الذي عقد في وقت سابق وكشف فيه خطة الحركة الشعبية لمرحلة الاستفتاء واتَّهم جهات لم يسمِّها قال إنها تسعى إلى تعطيل الاستفتاء، كاشفاً عن اتجاه للحركة الشعبية لفصل الجنوب من داخل البرلمان، الأمر الذي اعتبره اللواء التوم النور دلدوم خروجاً على اتفاقية نيفاشا. وقال دلدوم ل«الأهرام اليوم»: لا يحق للحركة الشعبية أن تعلن استقلال الجنوب من داخل البرلمان؛ فاتفاقية السلام ألزمت الطرفين بإجراء الاستفتاء لحق تقرير المصير للشعب جنوب السودان وأن أية محاولة من داخل البرلمان لن تكون مقبولة بل قد تؤدي إلي عدم استقرار في المنطقة. وأبدى دلدوم تخوفاً من أن يمارس الجيش الشعبي ضغوطاً على المواطنين وإجبارهم على التصويت لصالح الانفصال، معتبراً التصريحات السلبية لقيادات الحركة الشعبية تجاه الوحدة بمثابة الضوء الأخضر للجيش الشعبي لممارسة المزيد من الضغوط على المواطنين وإجبارهم على التصويت للانفصال. وأبان دلدوم أن اتفاقية نيفاشا ألزمت الطرفين للعمل من أجل الوحدة الجاذبة، مشيراً إلى أن تصريحات قيادة الحركة تعتبر خرقاً لاتفاقية نيفاشا. واللواء دلدوم هو قائد قوات السلام السودانية القومية، وهي مليشيا تأسست في عام 1984م ببحر الغزال وتم الاعتراف بها كقوة صديقة لحكومة السودان في عام 1987م، وفي 1997م وفق برامج استيعاب القوات الصديقة عقب اتفاقية الخرطوم للسلام الموقعة بين الحكومة ود. رياك مشار نائب رئيس الحركة الشعبية استوعب الجنرال دلدوم وباولينو متيب وكاربنيو كوانين والراحل طون اروك طون. ومضى دلدوم قائلاً: إن الانفصال يعني معاناة شعب جنوب السودان، محمّلا الحركة الشعبية مسؤولية تدهور الأوضاع في الجنوب جراء الصراعات القبلية، مبيناً أن الجنوب يفتقر إلى التنمية والتوازن الهيكلي في الوظائف في وقت توجد فيه فصائل عديدة داخل الجيش الشعبي لم تحظَ باهتمام داخل الحركة، لذا لكي تجد الحركة مخرجاً من ذلك تذهب إلى اتِّهام الآخرين بعجز عن تحقيق الوحدة الجاذبة. وأشار دلدوم الى أن السودان يجب أن يبقى كما هو عليه الآن فهذا هو تاريخه وهذه هي الجغرافية لا تقبل خارطة أخرى. فيما يرى شويلو دينق أياي القيادي بالحركة الشعبية، أن التصريحات التي أدلى بها رئيس الحركة الفريق سلفاكير والأمين العام للحركة الشعبية تعبّر عن ما يدور وسط الرأي العام في جنوب السودان، مشيراً الى أن من حق برلمان جنوب السودان أن يتخذ مثل ذلك القرار في حالة تماطل الطرف الآخر في إجراء الاستفتاء، مبيناً أن قرار البرلمان هو القرار الأخير الذي تلجأ إليه الحركة الشعبية في حالة نفدت كل الخيارات. قال اياي إن حكمة الرئيس سلفاكير ومقدرته على التعامل مع الأزمات ستكون مكان ثقة لشعب جنوب السودان بأننا سنعبر الجسر الذي أدركناه، مشيراً إلى مقدرة حكومة الجنوب على حسم الصراعات القبلية وضبط الأوضاع الأمنية، وقال إن حكومة الجنوب بدأت الآن في حل العديد من المشاكل التي تواجهها. أما الأستاذ علي تميم فرتاك، مستشار رئيس الجمهورية والقيادي بالمؤتمر الوطني، فقد اعتبر تصريحات قيادات الحركة الأخيرة خروجاً عن السياق الموضوعي، وقال نحن لا نعطيها اهتماماً لأن رئيس الحركة الشعبية ظل يؤكد على الدوام انحيازه لوحدة السودان. ومضى فرتاك قائلاً: بيد أن غياب التنمية في الجنوب دفعهم لتلك التصريحات لكنهم يعلمون أيضاً أن الحكومة القومية لم تكن سبباً في ذلك فهو يقع على عاتق المانحين الدوليين؛ خاصة أنه في نوفمبر 2005م انعقد مؤتمر المانحين في أوسلو وخصص (4.2) مليار دولار لتأهيل البنية التحتية للجنوب ولكنه لم يفِ إلا بالقليل من التزاماته، وأيضاً في نوفمبر 2007م انعقد المؤتمر الثاني في أوسلو وخصص (4.8) مليار، إلا أنها بدلاً من الجنوب ذهبت إلى دارفور وفقاً لتقديرات المجتمع الدولي الذي قال إن الأولوية لدارفور، وهكذا أيضاً لم يفِ بتعهداته وحكومة الجنوب على علم بذلك، معتبراً تلك التصريحات ضغوطاً سياسية على الحكومة، مبيناً أن الحركة بها مجموعات متصارعة منها الوحدوية والانفصالية، لذا الحركة لا تريد أن تتصادم مع أيٍّ من هذه التيارات إلى أن تصل إلى موعد الاستفتاء.