مع ارتفاع درجات الحرارة وازدياد حاجة الناس للماء الذي جعل الله منه كل شيء حي، نجد أن أزمة نقص المياه في كلية الزراعة شمبات (جامعة السودان)، ظهرت بوضوح وأثرت على انتظام الطلاب في المحاضرات وأدت إلى اعتصامهم احتجاجاً على تردي الخدمات المتعلقة بمياه الشرب والوضوء خلال الأسابيع الأخيرة. ولمعرفة حقيقة الأوضاع اقتحمت (الأهرام اليوم) مباني الكلية وتحركت بين الطلاب وتلمّست الأزمة على حقيقتها.. { برميلان ل(6) آلاف طالب في بداية الجولة علمت (الأهرام اليوم) أن هناك برميلان فقط بلاستيكيان بهما ماء وثلج وهما المصدر الوحيد للماء البادر والمخصّص لسقا (6) آلاف طالب وطالبة، ومن هول المفارقة سألت (الأهرام اليوم) صلاح الدين أحمد، طالب بالكلية والذي أكد لنا حقيقة المأساة التي لم يمكن تلوينها، وقال:(كما تشاهدون فإن مصدر مياه الشرب غير آدمي وتملأه الشوائب من الداخل، إلى جانب عدم كفايته مقارنة بالعدد الكبير للطلاب وهذا الوضع ليس وليد اليوم وإنما نحن على هذه الحالة منذ أسابيع وبالدرجة التي تجعلنا نترك الكلية ونذهب إلى منازلنا تاركين المحاضرات رغم أهميتها حتى نتجاوز حالة العطش التي نعيشها). { الوضوء خارج الكلية في مكان آخر اقتربنا من جامع الكلية ووجدنا الأستاذ (ع. م) وملامح الغضب تكسو وجهه وسألناه عن معاناتهم، فقال:(كما تشاهدون لا أجد الماء الكافي للوضوء، وأنا ذاهب «كالعادة» إلى خارج الكلية لأتوضأ وهذا يستهلك زمناً طويلاً ويعيق عملنا)!. وفي نفس الدائرة التقينا مجموعة من الطلبة الذين أكدوا على أن الإهمال هو المتسبِّب في هذه الأزمة خاصة من الشخص المسؤول عن تشغيل وابور المياه، الذي يُفترض أن يكون متابعاً وملماً بكل التفاصيل المتعلقة بالمياه واستخداماتها المختلفة سواءً كان الشرب أوالوضوء أوالحمامات. آخرون أشاروا لنا أن المياه تكون دائماً متوفرة في الخزانات المخصصة للمعامل وفي نفس الوقت يعاني الطلاب من العطش، فهل يا ترى المعامل أهم من الطالب؟. { الإهمال يتجسّد وأما المبرِّد الكهربائي لاحظنا أنه بدون غطاء مما يعرّض المياه إلى التلوُّث بأوراق الأشجار والحشائش، وذلك ما أكده الطالب صلاح أحمد الذي طالب محررة (الأهرام اليوم) بأن تنظر داخل المبرد حتى ترى بعينها الحقيقة المأساوية، وبينما نحن وقوف، فإذا بأحد الطلاب يستخدم يده بعد أن إنحنى نحو (الماسورة) يرتشف جرعة ماء في منظر يحكي المأساة بكل تفاصيلها!. { أسئلة مشروعة تساءل الطالب محمد يوسف عن الجهة التي تتحمّل مسؤولية ترك الطلاب لمحاضراتهم بسبب انعدام المياه؟ وتعجّب الطالب (ك. ع) من الوضع مطالباً المسؤولين بتوفير المياه وتهيئة البيئة الجامعية للطلاب حتى يتمكنوا من التحصيل الأكاديمي. وأضاف: اقترحنا على عميد الكلية أن نتعاون كطلبة على توفير مبلغ مالي معين نتمكن من خلاله شراء (أزيار) حتى نجد حلاً لهذه الاشكالية، لكنه رفض ذلك الحل من حيث المبدأ متعللاً أن فكرة الأزيار غير صحية. { موقف محرج حدثتنا إحدى الطالبات قائلة إنها في يوم حضرت إلى الجامعة بصحبة والدها وعندما أراد أن يشرب وقف على حقيقة الوضع وسألها بحيرة: (هل تشربون من هذا المكان)؟! وأضاف: (أنه ماء غير صحي ويمكن أن يتسبب في اصابتكم بالأمراض خاصة وأنه بلاستيكي وغير مغطى). { غياب دور الاتحاد تلك هي الصورة الواقعية التي يعيشها طلاب كلية الزراعة جامعة السودان (شمبات) نقلناها في السطور أعلاه دون تزييف، ونتمنى أن تكون فكرة هذه الأزمة قد وصلت إلى اتحاد الطلاب الذي يمثِّل الجسم النقابي المتبني لكل المشاكل والمعوِّقات التي تعترض الدراسة وهو الجهة التي يجب أن تكون يقظة ومتابعة لتذليل كل العقبات في إطار دوره ومسؤولياته تجاه تحسين البيئة الدراسية لطلاب الجامعة.