{ تحتل المرأة حيزاً كبيراً في مجالس الرجال، سواء أكانت حاضرة بذاتها أم بروحها. فهم يثرثرون كثيراً في كل القضايا الإنسانية والحياتية، ولكنهم سرعان ما يعودون لحديثهم المفضَّل الذي تكون المرأة عنوانه الرئيسي، سواء أكانوا راضين عنها أو ساخطين عليها. وكثيراً ما يشعر الرجال بالاضطهاد والدونية لأن المرأة تتمتع بمزايا تُحسد عليها، وأكثر ما ينزعج له معظم الرجال؛ تنافس أبناء جنسهم وتهافتهم على خدمة المرأة ومحاولة إرضائها بشتى السبل. { والعديد من الرجال يحسدون المرأة، على أساس أنها (مرتاحة)، بمعنى أنها لا تتحمل مسؤولية أي أعباء اجتماعية أو مادية، ولا تتجاوز مهامها تربية الأولاد وتسيير شؤون المنزل في حال كانت ربة منزل غير عاملة. وهم للأسف لا يدركون حجم المعاناة التي تكمن في التربية والتدبير، وليتهم يدركون أو يجربون أو يقدرون! وبعض الرجال يرون أن المرأة بجمالها وأنوثتها قادرة على فتح الأبواب المغلقة، ومحظوظة جداً في إيجاد فرص عمل ممتازة، وفي الاستحواذ على اهتمام الآخرين وتعاطفهم، حتى وإن كانوا رجالاً. { وفي مقال نُشر في صحيفة «الشرق الأوسط» يقول الكاتب السعودي عبد الله باجبير المتخصص في الشأن الاجتماعي: «ثمة مزايا واضحة تتمتع بها المرأة لمجرد كونها امرأة، وتجعل الرجل يحسدها عليها. ومنها على سبيل المثال أنها لا تحلق ذقنها يومياً، وكلما تعطلت سيارتها وجدت من يساعدها على الطريق، إضافة إلى أن المجتمع كله يتعاطف معها إذا وقعت في أي مأزق، ويتسابق نحوها الجميع بالمناديل الورقية لتمسح دموعها، ويعرضون عليها المساعدة. وعلى العكس من ذلك فعلى الرجل أن يواجه أخطاءه وحيداً، ويتحمل العقاب دون شفقة أو رحمة من أحد. ومن الصفات التي تُحسد عليها المرأة ذكاؤها وسعة حيلتها ودهاؤها، وهذا أكثر ما يكره الرجال الاعتراف به لها. ربما لأن الرجل نفسه على يقين ثابت بأنه الضحية الأولى لدهاء المرأة هذا، وأنه قد يجد نفسه على نحو متكرر وعلى غير إرادة منه مدفوعاً إلى أن يكون ضحية دموعها ودلالها. كما أن مما يثير الرجال ويجعلهم يحسدون المرأة هو أن المرأة في استطاعتها العمل طوال النهار في مكان عملها، ثم عند عودتها إلى المنزل تجد مجموعة من المهام في انتظارها لإنجازها. ومع ذلك تجدها في نهاية اليوم محتفظة بابتسامتها، وباستخدام بعض الوسائل الخاصة بها بإمكانها أن تستعيد رونقها، وعلى العكس من ذلك، تجد الرجل يشعر بالقلق إذا ما طُلب منه أداء أكثر من مهمة في وقت واحد. فالمرأة باستطاعتها تحمل الضغوط والإرهاق ولها قدرة رهيبة على الاحتمال، على الرغم من أنها قد تنهض باكراً من ليلة طويلة مرهقة، إلا أنها تجتهد في أن تبدو مشرقة وجذابة. كما أن المرأة قادرة على التعامل بكياسة وتجيد فن امتصاص الغضب ممن هو أمامها بابتسامة ناعمة، كما أنها أفضل من يقف في الشدائد والمحن من دون أن يفقدها ذلك مشاعرها وأحاسيسها، فهي ذات فائدة أكبر في الحياة وفي حل الأزمات الشعورية». { وانطلاقاً من حديث (باجبير)؛ حملت سؤالي لبعض المقربين من الرجال، وسألتهم «على ماذا يحسد الرجال النساء؟!». بعضهم استنكر السؤال وضحك مردداً أن المرأة لا تملك أبداً ما تُحسد عليه! أحدهم أكد لي أنه يحسدها على قدرتها الفائقة على التدبير وتصريف الأمور. آخر قال إنه يحسدها على أنها مسنودة ومدللة في جميع الظروف بحجة أنها امرأة. والعديدون اتفقوا على أنهم يحسدونها على قدرتها المذهلة على استدرار الدموع وتقمص دور الضحية والتأثير في الآخرين بحيث تقلب كافة الموازين لصالحها وتحصل دائماً على أفضل النتائج. { ولكن الحقيقة أن المرأة تستحق الشفقة لا الحسد، وكنت أتمنى لو بإمكان الرجال اختبار آلام المخاض والولادة شخصياً. وتجربة مهارات التربية والتدبير والغسيل والطبيخ والكي وتدريس الأولاد ومجاملة الأهل والأصدقاء والاهتمام بتفاصيله هو شخصياً ورعايته وممارسة دور الزوجة والأم والخادمة والأنثى. حينها كان سيتأكد لجميع الرجال أن النساء يتمتعن بمزايا خارقة تجعلهن يبززن أعتى الرجال في العديد من مناحي الحياة، عندها كان كل رجل سيعامل زوجته معاملة كريمة ويشهد لها بالنبل والتجرد والعطاء. وربما تمكنا عندها من تحقيق معادلة الحياة الزوجية العامرة بالمودة والرحمة والاحترام والامتنان. { تلويح: حتى على الرهق والعنت والوهن.. لا نخلو من الحسد.