{ تفرّد الله سبحانه وتعالى بالوحدانية، فلا مثيل ولا شريك، وهي خاصية به كخالق لكل شيء، معبوداً مطلقاً لا يُعبد بحق إلا هو. { تفردت المخلوقات كل المخلوقات بالثنائية، فلا يوجد مخلوق لا يتكون إلا من موجب وسالب، مما يعني ضرورة هذا التداخل والتفاعل لينتج منتجاً معلوماً طبيعياً، ولقد أثبتت التجارب أن أي مخلوق لا يأتي بهذه الصورة «إن وجد» فلا يكون طبيعياً مثل البغال التي لا تتكاثر مع بعضها. { الإنسان هو محور الخلق، خليفة للخالق في مخلوقاته، وجاء بقدرة الله «كُن فكان» وهي حادثة لا مثيل لها إلا جزئية في خلق عيسى عليه السلام وبالتالي فإن هذا الإنسان من بعد آدم عليه السلام ما هو إلا جمع بين موجب وسالب ليكون وحدة متجانسة متكاملة متناسقة متحدة لا إنفصام لها. { ليكون هذا الإنسان متحداً متكاثراً سنّ الله سنة التزاوج وجعل لها ضوابط لحفظ العلاقات البينية بين بني الإنسان، وجعلها في المخلوقات الأخرى مباحة، في الحيوان والنبات والجماد للتكاثر لعدم الحاجة للتمايز لأنها جميعاً مسخرة لصالح الإنسان. { حتى لا يكون هناك تمايزاً قبلي أو أثني أو ديني، جعل الله الإنسان من آدم وآدم من تراب، وهذا ما جاءت به كل الرسالات السماوية لا تفاضل في اللون أو اللسان بل جعلها آيات بينات في اختلاف الألسن والألوان، لنعلم أنها ليس من عمل البشرية بل من فعل الله، إلا أنه سبحانه قد نادنا بالاسم المطلق يا أيها «الناس» «إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».. لا لتتباغضوا ولا لتتحاسدوا ولا تتفاخروا فيما بينكم أو أن تظلموا بعضكم بعضاً. { من ثم ليقوم هذا الإنسان بدوره في خلافة الله تعبداً له، أرسلت الرسل برسالات الله، وما من زمان ولا مكان إلا قد بلغته إحدى رسالات الله واكتملت برسالة الإسلام. ومن هنا لنعلم أن ليس للأديان أوطان بل كل أرض الله أرض رسالات ولا تستطيع أية قوة أياً كانت أن تمنع وصول هذه الرسالة، وهكذا انتشرت دعوة الله في أركان الأرض يهودية ومسيحية وإسلامية ولا يحول بينها والإنسان حائل. { من منظور ديني لا يحق للمؤمن أن يجعل حدوداً وفواصل بينه وبين الآخرين لأنه مسؤول عن تبليغ دعوة الله، فإن حدث ذلك وأدى لعدم تبليغ دعوة الله وارتد الناس عن العقيدة فإنه يكون ما بلغ رسالة الله. إذ الدعوة للانفصال من ناحية عقدية فيها كلام وإن أقرب الظن أن المسلم وحدوي لا انفصالي. { أجدادنا سلمونا وطناً اسمه «السودان»، له حدوده المعروفة دولياً وله علمه وله مندوبه الدائم بالأمم المتحدة وله سفراء في دول العالم وهو اسم ارتبط بما هو خير من كرم وضيافة ومن حسن جوار، وأمانة، وعزة، ورجولة، أكرمنا الله بتسع دول مجاورة تظل العلاقات بين شعوب هذه الدول والشعب السوداني متجذرة للتداخل القبلي على طول حدود هذا الوطن الواسع. { هذا الوطن جعله الله واسطة خير بين أمتين الأمة العربية والأمة الإفريقية وبين ديانتين الإسلام والمسيحية، ظل يضرب الأمثال في حسن التعايش والتسامح وسيظل كذلك إن شاء الله. فما نحن إلا أبناء هؤلاء الأجداد، (ومن بر البر وصل ود أبيك). { دواعي الوحدة كثيرة لا تعد ولا تحصى وفوائدها تعود علينا وعلى إفريقيا كلها بالخير وهذا ما يدعو له القادة الأفارقة. فقيام الاتحاد الإفريقي بديلاً عن منظمة الوحدة الإفريقية هو تأطير للفكرة، وهكذا العالم من حولنا يعمل بجد للوحدة في كل الأنشطة تيسيراً وتسهيلاً لرفاهية الإنسان، الوحدة هي الإبقاء على السودان بشكله هذا مدعوماً بما اتفق عليه في اتفاقية السلام بالعمل سوياً لرفع الظلم ورد المظلمات وبسط العدل والحق وبذل الجهد في بناء الوطن على قدم المساواة. { أما دواعي الانفصال فما أعقدها، فهي قضايا خلافية متداخلة متقاطعة، يغيب فيها العقل والقلب معاً وينشط فيها (دا حقي) فتكون أرض خصبة للشيطان فيفعل فعله الخبيث.. ولا أظن بأي حال من الأحوال أن الأمر يقف في حدود السودان، بل قد يكون نواة لإثارة نفس القضية في مناطق أخرى من إفريقيا، وهكذا تتبعثر موارد إفريقيا ويضيع إنسانها المسكين في غياهب الأجندة الخارجية. لا يظن أحد أن هؤلاء الذين وراء هذا العمل هم حريصون على مصالح ومنافع الإنسان الإفريقي، فالماضي والحاضر يقولان «لا» والمستقبل سوف يؤكد خبث التخطيط وسوء النوايا (نحن جميعنا عندهم عبيد) تصنع أدوات القمع ويكتب عليها (للكلاب والزنوج) (For Dogs & Negros). يخططون لتقسيمنا إلى وحدات متنافرة، متقاتلة مستضعفة ليشغلوننا عن الانصراف للبناء والتعمير واستخراج مواردنا، لتبقى هذه الموارد (بنك إدخار لمستقبل أبنائهم الذين لم يولدوا بعد). ألم تقل أمريكا عن بترول السودان (بترولنا).. كل إفريقي حر ووطني لا يدع للانفصال مهما كانت الأسباب، كل عميل يبيع وطنيته في سوق النخاسة يجب أن يُسكت صوته ولا يُسمح له باستخدام الأجهزة الوطنية للدعاية الرخيصة. { أخيراً إذا كان الخيار (الانفصال) (فليبشر) السودان بطول معاناة حتى يتم الانفصال، جملة أشياء قديمة العمر يصعب الاتفاق عليها منها ما هو داخلي وما هو خارجي. ناهيك عن قضايا قيام دولتين منفصلين أصلهما واحد (توأمين ذات رأس واحد) في ظروف عالمية معقدة تتجاذبها مصالح إقليمية ودولية يلعب فيها السودان الحالي قمة الصراع العالمي في مصادر المياه، «مستقبل مظلم» في وقت وصلت فيها كهرباء مروي للرنك، الذين يعملون للانفصال يمثلون الخيانة العظمى في حق هذا الوطن الجريح من بعض قادته السياسيين. { مخرج (1): شكراً اتحاد المرأة هو الظن بكم أخوات نسيبة أن تولين أمركن أختكن سارة، أكملن جميلكن لهذا الوطن الجميل بتحقيق الوحدة كما حققتن النجاح في الانتخابات، فليكن برنامجكن هزيمة الانفصاليين من أمثال باقان، عرمان وإدوارد لينو ومن سار سيرهم. { مخرج (2): على دعاة الوحدة شدّ المئزر ورص الصفوف، وبذل الجهد والدعوة جهراً بكل القوة، والقوى، لا يتأخر أحد فإنها عبادة الساعة كما قال ابن المبارك. والله غالب على أمره... والسلام. { مخرج.. هذا المقال الرائع هو بتوقيع المهندس محمد أحمد محمد نور المهندس الكاتب، أو الكاتب المهندس الذي ضلّ طريقه إلى الطرق والكباري.