نعيش تفاصيل التفاصيل في هذه الحياة التي أصبحت مرهقة للغاية مما أسقط بعض المعاني والدلالات في عصر التحولات دون جدل في يوميات عاداتنا وتقاليدنا وكأننا عن قصد نذهب لننهب سر قداستها ونمضي تاركين ما كان يفعله الأجداد وهم أكثر رضى.. أصبحت شارة المرور «حمراء» تجاه التحول في عادة ندمنها نحن دون سائر شعوب الأرض.. «أبو مُروّه» ولمة مجموعة في «صحن» واحد ومع ذلك لا نقول أنها ماتت على الإطلاق ولكن غطاها الرماد وسرعان ما تشتعل حينما تهب أي ريح عليها.. أنها أصالتنا وطابع البريد المتفرّد الذي يحمل جواز العبور إلى قلوب الناس في الدنيا.. «الأهرام اليوم» وقفت تفتش إلى أين خرجت «أبو مُروّه» ولم نر حتى ملامحها إلا قليلاً.. استطلعت بعضاً من العابرين على شوارعنا فماذا قالوا وهم في مرورهم الاعتيادي إلى مشاغلهم الخاصة والعامة؟! { زيادة مشاغل عطا إبراهيم الزين عزا ذلك إلى أن اليومية التي يعيشها السوداني صارت أكبر من «جتته» مما جعل البعض لا يفكر في عمل ينال فيه رضا الله والناس.. وأكد بأن ما حدث لغياب بعض القيم لم يكن بفعل قصر الظل الاجتماعي بقدر ما هو زيادة المشاغل. وقال: أن خروج قيمة «أبو مُروّه» التي تميّزنا بها عن سائر الشعوب أن الأبناء لم يأخذوا من الآباء شيئاً بل جيل بكامله انصرف بعيداً عما كان يفعله الآباء ناهيك عن الأجداد. { أضاعوا الأمانة أما إسماعيل عمر أبو بكر أبان بأن لكل جيل سماته ومظاهره لذا أن نحاكم جيل اليوم بأنه أضاع الأمانة نكون قد أجحفنا في حقهم، ولابد أن نقرأ العبارة بشكل متوازٍ بعيداً عن نزعة الحكم بالظن والخيانة. وألمح إلى أن هناك عادات مع مر الأيام تزول وتبقى ما كانت جذورها ثابتة وفرعها في السماء، وأضاف أن «أبو مُروّه» كونها تخرج من حياة البعض لا يعني أن نحاكم هذا الجيل بأنه فارق ما كان ثابتاً قبله ولكن أصبحت هناك أشياء فيها الخصوصية كما أن التحولات التي طرأت على مجتمعنا لها آثار وظلال فلم يعد الناس هم الناس حتى في المعاملات. وأشار أن «أبو مُروّه» موجودة ولكن ظلال الجريمة وتوابعها قد حدّت من ثقة بعض الناس فصاروا عازفين على تقديم خدماتهم وكما هو معلوم (الشر يعم والخير يخص). وذكر المليح إدريس العاقب بأن الحياة اليوم اختلفت تماماً وهناك عادات دخيلة إلى مجتمعنا، كما أن زيادة معدل الجريمة والتفسُّخ الأسري أديا إلى غياب بعض عاداتنا الجميلة، وأشار أنا مع بقاء قيمنا السمحة ولكن فلنكن أكثر واقعية «فهاك» أنني ذات يوم وقفت لامرأة والوقت صار متأخرا «يعني» بين 9 مساء وعشرة وأنا في طريقي للمنزل وعلى اتجاه بحري قالت لي «متزوج»؟ قلت: لها الحمد لله. قالت لي في طريقة أمشي معاك» بادئ الأمر لم تصدق عيني ولكن هذه الحادثة جعلتني احترز وأعف على نفسي بأخذ أي «واحد» مهما كان.. ولكن لا أجرم كل المجتمع إلا اني «حلفت» بذلك. { نشيل الفاتحة على ذات السياق تحدثت آمنة عثمان بأن البعض يشن هجوماً على «حواء» وليس هناك مبرراً فلا تذكر بأن هناك حالات وليس الجمع. وفضل الظهر حث عليه رسولنا الكريم، كما أنها عادة سودانية ولا زالت موجودة لكن بعض الناس يسئ الظن فهناك أيضاً من هم من «الرجال» رسخوا ثقافة «أبو مُروّه» لخدمة أغراض غير حميدة ووجدوا ضالتهم. وأشارت وهذا جعل البعض أن ينعت بأن كل من تقف بالشارع هي منهن..! وأكدت أن مجتمعنا لازال بخير رغم ما حدث من تحوُّل في تعاملاتنا الخاصة والعامة.. وقال عبد الله الأمبراطور بأن أصحاب السيارات «عندهم» خيار وفقوس، مما أضاع هذه العادة وليس هذا منحصر في فضل الظهر بل يمتد إلى التعاملات الأخرى في حياتنا. واعتبر غياب «أبو مُروّه» فاجعة قيمية «نشيل لها الفاتحة» .. من جانبه أكد الباحث الاجتماعي الأستاذ أحمد أبو بكر بأن غياب مثل هذه الظواهر يندرج تحت طائلة التحولات التي أصابت الأسرة السودانية والمجتمع من جراء تغيرات أخرى في البنية المجتمعية التي نعيشها كل لحظة وثانية، وأشار أن العلاج يكمن في تعميق ثقافة تواصل الأجيال وتزكية القيم الفاضلة والحميدة من خلال وسائل الإعلام المختلفة. مضيفاً وهذا يحتاج بذل جهد كبير يقع على القائمين في مجال الشؤون الاجتماعية بغرس القيم الفاضلة في أطفالنا ومدارسنا وحياتنا المختلفة مع زيادة جرعة إضافية تفتح شهية الناس في المعاملات الحياتية ما أمكن ذلك.