{ هو ذلك الإحساس المبهم بالرغبة واللهفة والشوق، هو ذلك الشعور الذي يباغتنا فجأة في غفلة منا فيحرك كل ما حولنا من الجهات الأربع ويهزمنا بفعل الرعشة الكهربائية التي تعترينا كلما خطر الحبيب بذاكرتنا أو مددنا له اليد بالسلام. البعض يؤكد أن الحب خرافة قديمة، وأنه إحساس وهمي نغذيه نحن بأحلامنا وخيالنا حتى جعلناه أسطورة قائمة على مر العصور، أو كما قال الرائع نزار قباني سيد العشاق: «الحب في الدنيا بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها.. لاخترعناه» في تأكيد واضح لضرورة هذا الحب وحاجة الإنسان الماسة إليه تماماً كحاجته لكل الأولويات المساعدة على الحياة في حياته. { ولكن ما هو التعريف العلمي للحب؟! وهل يصلح أن نخضع هذا الإحساس الغريب لنظريات وحسابات وتجارب معملية ومنطقية لنخرج له بتعريف علمي وعقلاني محدد؟ أعتقد «لا»، لأننا نفقد متعتنا بهذا الحب في ذات اللحظة التي نبحث له فيها عن أسباب أو نحاول أن نضع له نهاية منطقية معينة أو تفاصيل محددة ومتفق عليها. إن الحب ينمو في فضاءات الحرية بطريقة صحية أكثر، والحرية هنا أعني بها حرية التفكير وإبداء الرأي والمشورة والصراحة والصدق. ليس هناك حب حقيقي ينمو في ظل الخوف والتوجس والقلق والإحساس بالقمع والدونية والانهزام. ومن قال إن لا كبرياء في الحب كاذب.. لأن الحب مرادف للكرامة والثقة بالنفس، ولا يمكنك أبداً أن تحب حبيبك كما يجب بينما يهدر هو كرامتك أو يحجمك ويُخرس صوتك ويهددك دائماً بالفراق أو الهجر. { وتأكدوا أن حلاوة الحب في أنه يمنحنا القدرة على النجاح والعطاء والإبداع، ويفجر بداخلنا مكامن الإلهام والابتكار والخلق فنكون بفضله كالفراشات أو ربما كالأنهار المتسامحة الدؤوبة التي تمنح الحياة الخضرة والرواء بلا كلل أو مقابل. { إذن، أحبوا كثيراً، أحبوا جداً، فقط حاولوا أن تتأكدوا من حقيقة هذا الحب، تأكدوا من صدقه وعمقه ونضجه وقدرته على قبول الآخر والتعايش والتعاون والانسجام والاحترام. لا تسمحوا لحب المركبات العامة والمناسبات الاجتماعية ومدرجات الجامعة بالسيطرة على مكامن الحب بأعماقكم، فطاقة الحب الحقيقي قادرة على تجاوز كل المزالق والنزوات التي تفرضها ظروف أو حدود مكانية وزمانية معينة، ولا تعتقدوا أنني ضد الحب بأنواعه سالفة الذكر ولكن الحقائق تؤكد أن نسبة قليلة جداً من حب الجامعات تحديداً قد عبرت إلى بر الأمان العاطفي، أما حب المركبات والحافلات وبيوت البكا فهو حسب اعتقادي حالة عارضة من التعلق ومحاولة للاستمتاع المؤقت تزول بزوال هامش الحرية المتاح للتواصل وفقاً للضرورة الزمنية والاستعداد النفسي. { أحبوا، ولا تسمحوا لأفكاركم المسمومة وعقولكم المتيقظة بالتقليل من هذا الحب أو تشويهه بافتراضات كثيرة لا معنى لها، حلقوا في سماء الحب أحراراً صادقين وستشعرون بأحلى متعة إنسانية على الإطلاق. فقط، لا تبحثوا عن هذا الحب الحقيقي ولا تطاردوه ولا تتعمدوا صناعته، لأن الحب الحقيقي عادة يأتي على غير انتظار ولا يشبه الصورة التي تداولناها عنه أبداً. { تلويح: حبيبي الحقيقي: «من غير ميعاد، والصدفة أجمل في الحقيقة من انتظار».