شاهدت قبل أيام حلقة من برنامج (صبايا) على فضائية المحور من تقديم ريهام سعيد. (وصبايا) كما هو معروف يهتم بالمشاكل الاجتماعية والانسانية ويعمل على حلها مباشرة وقد بثت من قبل أكثر من حلقة شهدنا من خلالها نداءات انسانية لحالات طبية غاية في الألم والمأساوية وشهدنا أيضاً الاستجابة لحلها من قبل الخيرين وفاعلي الخير لتعود هذه الحالات معافاة ولسانها يلهج بالشكر والثناء لمن ساهم في علاجها ودموع الفرحة تختلط بدموع الوفاء ورد الجميل. لكن حلقة الاسبوع الماضي كانت مختلفة في فكرتها إذ أنها تناولت موضوع ايجاد حلول للسمنة ومشاكل الوزن الزائد وسط النساء، والمحور تعلن عن تبنيها لعلاج بعض الحالات عبر الجراحة أو المتابعة الغذائية. والحلقة وجدت اهتماماً عندي لأن ريهام كانت قمة في الانسانية والمصداقية وهي تحكي تجربتها الشخصية مع السمنة وكيف أنها مدمرة نفسياً وصحياً، ولعلي والمشاهدين قد لاحظوا أن مقدمة البرنامج كانت مهتمة الى درجة كبيرة بالعمل الذي تقوم به حتى أنها ظهرت على الشاشة فقط (بتي شيرت) أبيض يحمل شعار الحملة وجينز ووجه خال من المساحيق لكنها رغم ذلك كانت (زي القمر) عارفين ليه؟ لأن انسانيتها وتأثرها بمعاناة من حكين تجربتهن مع السمنة انعكسا على وجهها اشراقاً وجمالاً وروعة. ذكرت هذا البرنامج تحديداً لأقول إن فضائيتنا السودانية للأسف حتى الآن تفتقد للإشارة أو الرمز الذي يوصلها الى القضايا الحقيقية التي تهم المواطن وحتى إن وجد برنامج يحكي عن الناس فهو غالباً ما يكون نظرياً (وكلام في كلام يا عوض دكام) لذلك لا يجد حلولاً للمشاكل التي يناقشها وإن وجد حلولاً لا تنفذ لأن صلة الفضائية والبرنامج ومقدمه تنقطع عن المشكلة بمجرد إطفاء الكاميرات وكل حي راح لحاله. على فكرة مشكلة فضائيتنا حتى الآن أنها لا تدرك حجم الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه لأن الحكاية مش ترفيه وبس او خدمة تقدم لأجندة الحكومة وبرامجها، الحكاية ان تتلمس معاناة المواطنين وتتلمس مشاكل الشباب الذين هم بالتأكيد يحملون من الآمال والأحلام والطموحات ما يمكن أن يشغل ألف برنامج وهم يستطيعون الابداع في أي مجال مش الغناء بس، هذه الحمى التي ضربت أجساد الفضائيات، لم يعد لديها هم سوى اكتشاف جحافل الفنانين والفنانات وكأنها أصبحت هذه قضيتهم وهمهم الكبير أو كأن البلد ناقصة فنانين وفنانات. أعتقد أنه وبعد توقف برنامج الصلات الطيبة الذي كان يعده ويقدمه الراحل الإنسان محجوب عبد الحفيظ لم تستطع فضائية سودانية واحدة ان تنتج برنامجاً (ما فيه غناء ومزيكة) وجد الاهتمام الرهيب الذي وجده برنامج الصلات الطيبة وللأسف فإن البرنامج توقف وكأن الشريحة التي كانت تعكس من خلاله مشاكلها وهمومها وابداعاتها قد (انقرضت). نحن يا سادة نعيش أزمة فهم للدور الذي يمكن أن تلعبه الفضائيات تغييراً وتبديلاً لكثير من السلوكيات والمفاهيم ومجمعتنا مليء بالبلاوي التي تستحق أن تفرد لها مساحات ومساحات وكذلك هو مليء بالمبدعين «غير مجال الغناء» الذين يحتاجون أن يتنفسوا من خلال رئة تضمن لهم هواءً نقياً، وحتى ذلك الحين سنظل متحملين اللقاءات الهشة والفطيرة والمواضيع الهايفة والمذيعات شاكلة «أنا لا أفهم لا أفسر فقط أتكلم»!! كلمة عزيزة أظن أنه آن الأوان إلحاقاً لما قلته أن يعاد النظر في برنامج (ما في مشكلة) لأنه بالفعل بقت في مشكلة إذ أن البرنامج أصبحت قضاياه مكررة وغالبها من نوع (حبيته ما حباني إتذكرتو قام نساني) وهي بالضرورة مشاكل شخصية جداً ولا تهم غالبية المشاهدين إضافة الى أن طبيعة الانسان السوداني انه لا يتحدث في خصوصياته بإسهاب وصراحة لذا فما نسمعه دائماً من مشاكل به حلقة مفقودة لذلك آن الأوان أن تلتقط النيل الأزرق قصب السبق لتحول فكرة هذا البرنامج الى برنامج انساني واجتماعي يهتم بمشاكل ومآسي كثير من المشاهدين بل ويتبنى حلها بما يستطيعه من دعم إن كان من شركات أو مؤسسات خاصة والنيل الأزرق اصبحت لها مكانة أدبية كبيرة جداً وسط الأفراد والمؤسسات والشركات، أما أن يظل البرنامج مكاناً لمط العبارات من شاكلة (إنتي يا نون الزول ده بتحبيه) وللا (إنتي يا لام مدلعة) كده بضحِّكوا الناس علينا!! كلمة أعز حلقة الوجه الأجمل التي قدمتها الشروق الخميس قبل الماضي استحقت أن تكرر الخميس الفائت لأنها حلقة استثنائية جملها الفنان الانسان السني الضوي والصوت الرائع صباح وكملتها حضوراً الانيقة نسرين سوركتي!!