محيي الدين عبد الرحمن المبارك بتقلُّد الأستاذ فتحي خليل قيادة الولاية الشمالية؛ تدخل الولاية مرحلة جديدة ومهمة، ولأول مرة تدفع الحركة الإسلامية بأحد قيادييها النافذين والأقوياء لقيادة هذه الولاية. والوالي الجديد تسنده قوة دفع كبيرة بالمؤتمر الوطني، فهو العضو البارز في مكتبه القيادي، ويرتكز كذلك على رصيد سياسي كبير اكتسبه من عطائه في أروقة الحركة الإسلامية منذ أيام الطَّلَب. وخاض خلال مسيرته السياسية معارك كثيرة وكبيرة كانت آخرها تصديه وهو يقود نقابة المحامين لادعاءات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بحنكة القانوني الضليع، والسياسي القدير، التي وظفها في المحافل الإقليمية والدولية ضد تلك الادعاءات، وكانت حصيلة المعركة التي خاض غمارها بجانب جهد الدبلوماسية السودانية؛ أن تم إفراغ ادعاءات أوكامبو من مضامينها وأهدافها، وانحازت الدول الأفريقية والعربية والآسيوية وقوى الخير في العالم إلى جانب السودان وقضيته العادلة. والأستاذ فتحي خليل، عاصرته بمدرسة وادي سيدنا إبان عصرها الذهبي في الستينيات من القرن الماضي، وقد سبقته بعامين، ومنذ فترة الصبا تفتحت مداركه وتبلورت شخصيته القوية والمؤثرة، ومن المدهش أن يتصدر العمل الوطني الآن عدد من دفعته بوادي سيدنا، على رأسهم الشهيد الزبير محمد صالح، والدكتور نافع علي نافع، وبروفيسور عبد الرحيم علي، والشهيد حاج نور، والدكتور صابر محمد الحسن، والفريق عوض خوجلي. والشمالية تتطلع إلى عمل كبير على يد واليها الجديد، وهي تستشرف مرحلة جديدة في مسيرتها. وإنسان الولاية الذي عرف عبر تاريخه بالإيثار والتجرد سيقدم - كالعهد به - كل العون والسند للوالي، وإنسان الولاية هو الذي أقام بجهده الشعبي أغلب المشاريع الحرفية بالولاية، وقضايا الشمالية لا تنفصل عن قضايا الولايات الأخرى المتمثلة في الزراعة والصحة والتعليم والخدمات الأخرى. ولكن الولاية تنفرد عن الولايات الأخرى بقضية مهمة تتمثل في الهجرة الكبيرة من الولاية التي بدت آثارها وإفرازاتها في ملامح تغيُّر التركيبة السكانية بالولاية، وعلى الوالي أن يعد العدة لمواجهة الأسباب التي دفعت مواطن الولاية إلى النزوح عنها. والتصدي لهذه الظاهرة وحلها يكمن في توفير أسباب الحياة من زراعة مجزية وتعليم وصحة وغيرها من وسائل الحياة، والسنوات القليلة الماضية شهدت إقامة عدد من المشاريع الخدمية المهمة، تمثلت في مياه الشرب وإنارة القرى والمدن والطرق وهي مشاريع مهمة وحيوية أحدثت حراكاً إيجابياً وسط مواطن المنطقة وحققت الطموحات المشروعة لإنسان الولاية. ولاستكمال أسباب الاستقرار؛ على الوالي قيادة نهضة زراعية في إطار النهضة الزراعية القومية التي يقودها السيد نائب رئيس الجمهورية، وعليه قبل ذلك اجتثات كل المعوقات التي جعلت الزراعة مهنة طاردة بعد أن كانت مصدر الرزق الوحيد لإنسان الشمال منذ آلاف السنين. وهذا لن يتحقق إلا بقرارات قوية وصارمة وبخلق أداة تنفيذية قوية للمتابعة، والأخ الوالي قادر على هذا؛ لما يتمتع به من خصال متمثلة في الإرادة القوية والحسم والشفافية. وسيجد الوالي أمامه إرثاً كبيراً في مجالات العمل العام والطوعي، إذ انتظم إنسان الولاية في تجمعات واتحادات ومنظمات مجتمع مدني، قامت بجهد كبير وفاعل في تطوير المنطقة. ومثال ذلك؛ الجهد الذي قام به الاتحاد العام لأبناء منطقة كنار، الذي يضم إحدى عشرة قرية يحتضنها منحنى النيل، هذا التجمع رفع شعار «العودة إلى الجذور» منذ مطلع التسعينيات وبمساندة الدولة أنجز العديد من المشروعات الحيوية بالمنطقة، التي كان لها الأثر الفاعل في استقرار إنسان المنطقة. وأؤكد للأستاذ فتحي خليل أنه سيجد السند والعضد من كل أبناء الولاية على امتداد أرض الوطن وبالمهجر، وأنقل إليه أن أبناء الولاية يعيشون الأمل بنجاح ابن المنطقة القامة الفريق أول صلاح قوش نائباً لدائرة مروي، ويتطلعون إلى تعاون مشترك وتناغم بينكما لانتشال الولاية من وهدتها وإعادتها سيرتها الأولى.