الشيخ/ سينان الشيخ أحمد الشيخ قريب الله الأخ الكريم الصحفي البارع الأستاذ الهندي عز الدين، أطالع يومياً صحيفتكم الغراء في شغف شديد لتعليقاتكم الهادفة عبر عمودكم اليومي «شهادتي لله» التي أرى فيها الكثير من النصح الذي يصب جميعه في خدمة الوطن والمواطن. وفي عددكم (158) الصادر بتاريخ الخميس 13 جمادي الآخر 1431ه الموافق له 27 مايو 2010م، وعلى صدر صفحتها الأولى بعنوان: «خبير مصري: أمريكا تمد خطاً بترولياً من العراق عبر دارفور إلى أوروبا سراً». الذي أنهى عموده الخبير المصري حمدنا الله مصطفى الخبير الإستراتيجي ورئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس المصرية، باتهامه الطرق الصوفية في السودان بشكل كبير في زيادة حدة الخلافات، وقال إن أشهر تلك الطرق الختمية والميرغنية اللتين ظهرتا في شرق السودان، وقال إن الطائفية تلعب دوراً أخطر من القبلية في تدهور السودان. يتضح ملياً للقارئ عندما يقف على حديث الخبير المصري بوصفه للطريقتين الختمية والميرغنية «وهما اسمان لطريقة واحدة» هذا مما يدل على أن الخبير هو خبير في مجاله، الذي لا نعلم نحن إن كان خبيراً فيه أم لا، ولكنه ليست لديه أية خلفية مرجعية عن التصوف في بلادنا. لأن الختمية والميرغنية أيها الخبير اسمان لمؤسسة دعوية واحدة قدمت للوطن في مجد استقلاله الكثير الكثير ولا زالت تقدم ويرتجي الوطن والمواطن منها الكثير. وهي من أقدم الطرق في السودان وأكثرها عدداً وزعيمها ومرشدها هو أحد أعمدة ذلك المثلث الهرمي العظيم في السودان الذي صنع الاستقلال مولانا الحسيب النسيب السيد علي الميرغني والثاني هو كذلك سلالة الدوحة النبوية الطاهرة الشريف يوسف الهندي وثالثهم رأس رمح ذاك المثلث الذي يحمي حماه قائد دفته، ذاك المعلم السوداني الزاهد الشريف الراحل الزعيم إسماعيل الأزهري. تلك الحقبة العظيمة التي سطرها هؤلاء الأعلام الحكماء بأقلام من نور على صدر تاريخ أمتنا السودانية والعربية الناصع، يحكي عن زهد أعمدة هذا المثلث العظيم في السلطة. شيخان صوفيان أرادا أن يحافظا على هوية الأمة وعقيدتها وسلامتها بضبط نفوس تلاميذهم وأهل السودان جميعاً عند خروج المستعمر، ومعلم أجيال أراد أن يكون للسودان وطن عز وشموخ عربي يحكي مجاهدات أمة صابرة مجاهدة وحكيمة ضد المستعمر. كما أن ذلك الخط البترولي الذي يتحدث عنه الخبير المصري من العراق عبر دارفور إلى أوروبا وأمريكا سراً، لم نسمع به لا من حاكم من بلادنا ولا من باحث في دول الجوار من الذين نثق بمقدراتهم وبحفاظهم على الوطن. فاحمد الله أيها الخبير أن السودان هو دولة الجوار لك التي ترعى حق الجوار خوفاً من المولى تعالى، لا من غرب يخافون بطشه وحصاره، عضدهم في ذلك استمساكهم بدينهم عقيدة لا تلين وثقة أكيدة في المولى عز وجل، سندهم الدائم الطرق الصوفية التي تسعى ولا زالت لوحدة البلاد وصون كرامتها وعزتها. إن النهج الذي خطه ساداتنا المتصوفة من قديم الزمان وحتى حاضرنا الآن، بقدم دعوتهم المستمد من فجر الرسالة الإسلامية؛ شعارهم «للدين نذود عن حياضه وللأوطان نذب عنها أذى المعتدين»، إذ لا يعني المنهج الصوفي، بحال، فصل الدين عن الدولة، بل جميع مقاصده هي التوجه الخالص لعبادة المولى تعالى، واهتمام متعاظم بأمور وقضايا المسلمين أينما كانوا وحيثما حلوا في حلهم وترحالهم في عيشهم واستقرارهم، ورد الخارجين والمعتدين دون التشبث ولو قيد أنملة بالسلطة وملذاتها. والشهادة لله الحق أننا لم نسمع يوماً أن السيد محمد عثمان الميرغني مرشد الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل حدث مريداً عن السياسة والحزبية ولم يشترط يوماً على مريد سلك طريقته الانضمام للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قديماً وحديثاً، ومعلوم أن الكثير من أتباعه في الطريقة الختمية ينتمون إلى أحزاب سياسية أخرى، أو كانوا في حزبه وانسلخوا، يجاهرون بها وهو يعلمها، لم يتبدل عنهم يوماً، نصحاً وإرشاداً ومواصلة، في الأفراح والأتراح. إن النصر الذي تحقق بفوز البشير كان أسّه وأساسه وعدته وعتاده الطرق الصوفية، لم يكن المؤتمر الوطني كمؤسسة حزبية مرتبة العضوية ومنظمة الخطط والبرامج، مع العلم بأن حظ الصوفية من ذلك الفوز لم يكن حتى كلمة «شكراً» ناهيك عن المشاركة في السلطة، ومن هنا أود أن ألفت انتباه مهندسي المؤتمر الوطني إلى صلاتهم بالطرق الصوفية وسبل تحسينها وتطويرها لكي لا يحدث ما حدث للاتحادي الديمقراطي والأمة القومي اللذين نسبة الصوفية عندهم تمثل صفراً، والسند الذي قدمه الصوفية للبشير ما كان إلا حفاظاً على وحدة البلاد ودفعاً لتنميتها وأملاً ورجاءً أن يتم التخلي عن المحسوبية والحزبية الضيقة. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.