هبّت المشاكسات والصراعات بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية منذ أن اعتليا سدة الحكم في السودان باعتبارهما أكبر حزبين جاءت بهما اتفاقية السلام الشامل في العام 2005 وما تبعها من فتح لجبهات الصراعات في إقليم دارفور لسبع سنوات مضت أدخلت السودان في جملة مشكلات بين الجنوب ودارفور وجدت في بعضها استنكاراً وغضباً من المجتمع الدولي وفي أخرى محاولات للتدخل أو التحايل أو باللعب في مساحات التشاحن التي تظهر بين الشريكين من الحين للآخر وتلك التي تعتلي الحملات التصعيدية بين أطراف الحكومة والحركات المسلحة، والتي أفلحت أهواء ومصالح المنتفعين في إشعالها بيد أنها ما بلغت غاياتها في اقتلاع اتفاق السلام الشامل الذي لطالما تقف الحركة الشعبية بمعاونة اطراف خارجية في التمسك بعدم هدمه او التفريط فيه، للاتفاقية التي جمعت بين صفحاتها فلسفة منهج لحكم حلم من وضعوه بأن يفضي الى صيغة من التعايش واختيار صيغة الحكم التي توافي حق الانسان في الانتماء الطوعي وتبني الكونفدرالية او الفدرالية علاقة مع بقية اجزاء السودان بإبعاده عن الدهاليز والمطبات الخاصة التي شابت العلاقة بين الطرفين بما يشي بتلمس طرف ثالث خفي بينهما، وبينهما ترتسم صورة من ينوون دهس التحركات لتنفيذ الاتفاق بوطأة ارجل مسترزقة بقصد او دون ذلك تسعى لان تعطله او انها هكذا تنفذ ادواراً في سيناريو الاتفاق. وعلى خشبة المسرح السوداني اجتمعت كافة عناصر المجتمع الدولي في الداخل بعد ان كانت تحرك في اطراف الاتفاق من الخارج، وهو ما بدا في التظاهرة التي شهدتها ردهات برج الفاتح امس السبت اعلاناً لانطلاقة الاجتماع التشاوري الدولي حول السودان الذي ورغم ان الاتحاد الافريقي الجهة الراعية للملتقى الدولي وضعت له بحسابات عقارب الزمن والساعة ان ينطلق في العاشرة صباحاً الا انه وبعد ان انتظم كافة ممثلي المجتمع الدولي بما في ذلك المبعوث الخاص للرئيس الامريكي اسكوت غريشن، ممثل الامين العام للامم المتحدة بالسودان ورئيس القوة المشتركة في اقليم دارفور، ورئيس المجموعة الافريقية بيير بييويا المبعوث الصيني ومفوض الامن والسلم بالاتحاد الافريقي رمضان العمامرة وممثلو مجموعة دول الساحل والصحراء وممثل مجموعة مجلس الامن الدولي ورئيس مفوضية التقويم والتقدير، بمشاركة ممثلي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة (إيغاد) ومنظمة الأممالمتحدة، وممثل الحركة الشعبية وزير رئاسة مجلس الوزراء ودولة قطر بصفتها راعية مفاوضات سلام دارفور، والنرويج لاستضافتها مؤتمر المانحين لدعم إعادة الإعمار والتنمية في السودان عام 2008، ولكن الاجتماع المحضور دولياً والذي قدر له ان يناقش مجمل قضايا السودان، بما فيها سير تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وقضية دارفور، باعتباره الاجتماع الأول للآلية التي انبثقت من اجتماع أديس أبابا حول قضايا السودان في مايو الماضي، لم يسلم من العراقيل في الانطلاقة بعد ان تاخر عن موعده المحدد لاكثر من الساعة والنصف مما اثار تساولات الوفود وإن كان بصورة غير رسمية ارتسمت على نظراتهم وترقبهم في عدم حضور ممثل للمؤتمر الوطني بعد استراحة احتسى فيها الجميع الشاي والقهوة انسحب بعدها رئيس لجنة حكماء افريقيا ثامبو امبيكي والمجموعة الافريقية الى الطابق العلوي من برج الفاتح فسرها البعض بانها للتشاور فيما بينهم للخروج من المشكلة، حتى ان رئيس مفوضية التقويم والتقدير السير بلمبلي قال للصحفيين بعد ان طال الانتظار إنه لا يتعجل الناس للتفسير لكون ان الأمر ياتي في سياق الدبلوماسية، ورفض مبعوث الجامعة العربية صلاح حليمة ربط التأخير على انه لموقف مسبق من الوطني او انه يريد بذلك احراج المجتمع الدولي او الربط بين الامر وقضية المحكمة الجنائية الدولية بعد ان تكالبت عليه اسئلة الصحفيين، الى ان حضر وزير الدولة بالخارجية كمال حسن على وبدا أن ما قدمه من كلمة ارتجالية وكأنما الرجل جاء في اللحظات ما بعد الاخيرة لانقاذ الموقف من الدخول في نفق ازمة دولية جديدة، ليتدافع بعدها الجميع الى داخل قاعة المؤتمر وتنطلق اعماله بمشهد عرض طرفي الحكم في البلاد الحركة ممثلة في وزير رئاسة الجمهورية د. لوكا بيونق، والوطني ممثلاً في وزير الدولة بالخارجية كمال حسن مشهداً آخر من مشاهده امام ناظري المجتمع الدولي بعد ان بادر الوزير كمال بتذكير الاسرة الدولية بالتزام الحكومة بالقيام بالاستفتاء في موعده المحدد والالتزام بنتائجه ونقل تاكيدات الحكومة السابقة في استعدادها لحل ازمة دارفور عبر مفاوضات الدوحة وان المنبر يعتبر على الاقل بالنسبة لها الاخير والوحيد والنهائي لحل الازمة عبر استراتيجية جديدة، ولكن يبدو انها على النمط القديم بعد ان سارع الرجل الى مطالبة المجتمع الدولي طالما انه اجتمع معه في الداخل للضغط على الحركات المسلحة خاصة خليل ابراهيم وعبد الواحد محمد نور ومع ذلك لم يستغن الوزير عن التذكير للمجتمع الدولي بتقديم المساعدات الانسانية وتحويلها الى عملية حقيقية في الاقليم لمساعدة النازحين واللاجئين، الا ان الرجل سارع لتذكير غريمة الحركة الشعبية بحضور المجتمع الدولي باهمية ان يتم الاستفتاء في أجواء نزيهة تؤكد على خيار اهل الجنوب ، وبعث كمال برسائل مبطنة تشي بمواطن الخلافات بين الطرفين والدفع بها إلى طاولة الاسرة الدولية حينما قال ان الوطني يريد ان يصل مع شريكه الحركة الى اتفاق حول كافة القضايا العالقة خاصة في ما يلي الحدود والجنسية وتمنياته بان يتم الامر قبل الاستفتاء، عندها سارع ممثل الحركة الشعبية د. لوكا بيونق باخلاء مسؤولية الحركة من التاخير الذي شاب انطلاقة المؤتمر الدولي عن موعده المحدد دون توضيح اسباب واضحة لا من قبل الاتحاد الافريقي راعي الملتقى ولا الوطني او الحركة الشعبية، وقدم بيونق اعتذاراً للوفود، ربما نسيه او تناساه ممثل الوطني وزير الدولة بالخارجية كمال حسن علي ، وجاءت رسائل بيونق الترحيبية وامانيه للاجانب بان ياتوا الى السودان في المرات القادمة ليس من اجل حل المشكلات وانما تعويض ذلك بالسياحة والتمتع بجمال السودان، ووجد الرجل سانحة لشكر النرويج وواشنطن والأممالمتحدة على ماقدموه للجنوب وقالها صراحة «الحركة تعرب عن تقديرها لجهودكم ولن تخذلكم»، الى ان التفت الى ما دفع به ممثل الوطني بشأن الاستفتاء وبادله القول بان شعب السودان ليس راضياً عن تنفيذ اتفاقية السلام وان هنالك خيارا بشأن الانفصال امامهم وان حكومة الجنوب بحاجة الى دعم قدراتها لادارة الاستفتاء وان هنالك قوانين محددة بحاجة لتغييرها من اجل تحديد ارضية مناسبة لعقد الاستفتاء وان الحركة مثلها مثل الوطني منشغلة بأمر الاستفتاء لعكس آرائهم بنزاهة، وكشف الرجل امام المجتمع الدولي عن رفض الوطني لما تم الاتفاق عليه في الغرف المغلقة بالداخل او الخارج بشان مساعدة المجتمع الدولي والاممالمتحدة على وجه التحديد في امر الاستفتاء وتقديم الدعم للمفوضية عندها سارع بيونق برمي المسؤولية في المساعدة في الاستفتاء على عاتق المجتمع الدولي حال رفض الوطني المقترح . رئيس مفوضية الامن والسلم الافريقي رمضان العمامرة الذي وبعد أن ذكّر بمشكلات وتحديات السودان في الاستفتاء المقبل وما انجزه خلال المرحلة الماضية، اكد على ان الملتقى يأمل في نهاية مداولاته التي من المقرر ان تكون قد انهت اعمالها مساء امس، في انجاز ثلاثة اهداف حول قضايا السودان اجملها في انه يتوجب على الملتقى ان يتمكن من مراجعة استراتيجية المجتمع الدولي تجاه السودان والتركيز على تدابير مابعد الاستفتاء والتحضير من اجل اجراء استفتاء الجنوب في يناير المقبل بجانب تحديد الاولويات والاعمال التي ينبغي ان تتخذ بشان دعم العملية السياسية في السودان وبحث تلك الاعمال والتدابير في ضوء التفويض الخاص لبعثتي اليوناميد وفريق الوساطة المشتركة والاممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ، ووضع العمامرة الحل للوضع السوداني بالحديث مع حكومة الاقليم والحوار مع المنظمات الاقليمية وشبه الاقليمية في ما يتعلق بمفاوضات ما بعد الاستفتاء والتدابير الخاصة بالامر والاستفادة من الاتفاق الذي تم بين الشريكين في مدينة مكلي الاثيوبية الفترة الماضية لتحديد الرؤية الاستراتيجية حول كيفية قيام المواطنين في الشمال والجنوب بتعزيز العلاقة بصرف النظر عن نتائج الاستفتاء وترقية الاستراتيجية الدولية دعماً لجهود الجهات المعنية في السودان، وارسل الرجل رسالة سياسية للاطراف بالسودان مؤكداً فيها مساعدة المجتمع الدولي لكافة الاطراف السودانية من اجل انشاء سلم وامن مستمرين، وتشديده بان تنتهي ازمة دارفور قبل اجراء استفتاءي الجنوب وابيي وتعزيز مفاوضات الدوحة باشراك كافة الاطراف المناوئة من اجل التوصل الى سلام وتحقيق قضايا العدالة والمصالحة في اقليم دارفور بتنفيذ الاتفاقية مقررات الاتحاد الافريقي التي تم التوصل اليها بين الحكومة السودانية وفريق الخبراء الافريقي ولم ينس الرجل ان يذكر الحكومة باهمية التنسيق مع المجتمع الدولي حتى يتم التوصل الى السلام المرجو. ووجد ممثل الاممالمتحدة الين روي نفسه يعرض مساعدة الاممالمتحدة الفنية واللوجستية والترتيبات الامنية والاستشارات واجراءات تسريع العمل للوصول الى نهاية في امر الاستفتاء. وتعهدات الرجل جاءت بان الاممالمتحدة عليها التزام في العمل مع الاطراف الرئيسية والايقاد والمانحين لتسهيل الامر ولكن بعد تحديد الاولويات.