معتصم فضل عبد القادر، إذاعي معتق.. عمل بالإذاعة السودانية سنين عددا.. ولأنه متميز؛ تدرج في الرتب حتى أصبح مديراً لها. يعشقه الصغار لأنه يخرج لهم برامج الأطفال، ويحبه أهل الصوفية والسلف لأنه يفتح للقرآن وبرامجه نافذة ونافذة، وكان وصوله إلى كرسي الإدارة فتحاً لكل العاملين بالإذاعة لأنه منهم.. يحس بألمهم ويسعى لتحسين بيئتهم ويعلم أين مكامن النجاح والخلل. «الأهرام اليوم» اقتحمت حوش الإذاعة السودانية وجلست إليه ووجهت له (حزمة) من الأسئلة الصعبة، ولكن الرجل أجاب عنها بصدر رحب، فإلى مضابط الحوار. { بعد أن أصبحت الإذاعة هيئة مستقلة، يتساءل العاملون هل هذا الاستقلال في مصلحة الإذاعة أم لا؟ وما هي التغييرات المرتقبة في الإدارات؟ - استقلال الهيئة العامة للإذاعة يتيح لها الاستقلالية الإدارية والمالية، لا سيما والبلاد مقبلة على مرحلة مفصلية في تاريخها، أما في ما يتعلق بالتغييرات المرتقبة في الإدارات فاستقلال الهيئات الثلاث يتطلب بالضرورة تغييرات في هياكل الإدارة العامة وإدارات الأقسام، وقد تم وضع هيكل لكل هيئة على حدة ونأمل أن يلبي الهيكل الوظيفي للهيئة العامة للإذاعة القومية تطلعات العاملين وآمالهم. { ظلت الإذاعة تعتمد على المتعاونين لسنوات طويلة، وشكا بعض البرامجيين الثابتين من البطالة، فما هو مصير المتعاونين في ظل الوضع الجديد؟ - لا يمكن لأي جهاز إعلامي أن يستغني عن المتعاونين، والإذاعة ظلت وستظل بإذن الله تستعين بهم في مختلف مجالات الفن الإذاعي، والمعيار الذي نطلبه هو التميز في العطاء والقدرات لا سيما في المجالات التي تعاني الإذاعة نقصاً فيها. { برامج التدريب الخارجي أين هي وكيف تسير؟ - إضافة إلى البرامج الراتبة في التدريب الخارجي التي توفرها الهيئات، ونحن أعضاء فيها، مثل اتحاد إذاعات الدول العربية؛ فإننا بدأنا بعمل دورات تدريبية بمعاهد للتدريب بدولة ماليزا، ولدينا اتصالات مع معهد الجزيرة للتدريب بدولة قطر نأمل أن تؤتي ثمارها قريباً إن شاء الله. { يرى البعض أن العمل بالإذاعة متدنٍ بدليل أن الكثير من الأجهزة معطوبةولم يتم اصلاحها حتى الآن؟ - منذ بداية العام بدأنا خطة متدرجة لإعادة تأهيل أستديوهات الإذاعة، والآن بحمد الله تمت إعادة تأهيل أربعة أستديوهات وإعادتها للعمل، منها أستديو جديد يعمل لأول مرة (أستديو صالحين) كما تمت إعادة تأهيل مركز الأخبار بالأجهزة التي تمكن العاملين من أداء مهامهم بصورة جيدة، والآن اتجهنا نحو الأرشفة الإلكترونية، ذلك المشروع الكبير الذي نرمي من خلاله لحفظ أكثر من مائة وستين ألف شريط من البرامج الإذاعية إلكترونياً مما يجعلها متاحة للبرامجيين عبر الوسائط التقنية الحديثة، ومستقبلاً نسعى لجعلها متاحة للمستمعين عبر موقع الإذاعة على الإنترنت، وفي هذه السانحة نتوجه بالشكر الجزيل للأخ نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي رعى مشروع الأرشفة الإلكترونية بالدعم المقدر. { فرق الإذاعة التي تنفذ البرامج لا تحظى بتجديد في الشخوص، حتى أصبحت البرامج متشابهة، أتوافق أم تعترض ولماذا؟ - تقديم البرامج الإذاعية وإعدادها يتطلب قدرات ومهارات خاصة يجب أن تتوفر في من يتصدون لهذه المهام، لذا تحرص الإذاعة وعبر تاريخها الطويل على اختيار أجود العناصر وأصلبها لهذه المهام، لا سيما البرامج التي تقدم على الهواء مباشرة، فشرعنا خلال الفترة الماضية في تدريب عدد من الإذاعيين الشباب من خلال إشراكهم في بعض البرامج، والآن قويت سواعد بعضهم فأصبحوا يمثلون إضافة حقيقية وملحوظة في عدد من البرامج مثل (الصفحة الأولى) بالبرنامج العام، وإذاعة السلام، وبرامج إذاعة البيت السوداني التي لها بصمتها الخاصة في العمل الإذاعي، ونعتمد فيها على الأصوات الجديدة تماماً. { لماذا توقفت تسجيلات كبار المطربين؟ وهناك همس بأنكم تعدون ولا تفون، وتبررون بأن أستديو الموسيقى معطل؟ - لم تتوقف تسجيلات كبار المطربين، وخلال الفترة الماضية سجلنا لعدد من المطربين على سبيل المثال صلاح بن البادية، مجذوب أونسة، سيف الجامعة، ومن الشباب وليد زاكي الدين، محمود عبد العزيز وسليمان أبو علامة، وتستقبل إدارة الموسيقى بالإذاعة النصوص الشعرية والألحان لعرضها على اللجان المختصة. { يرى المبدعون من خارج الإذاعة أن (تعرفتكم) ضعيفة جداً ولا تتناسب والجهد الذي يقدمونه، حتى توقف البعض ملمحين إلى صرفكم مبالغ كبيرة في حفلات التكريم الخاصة بالإذاعة؟ -هناك عوامل كثيرة تحكم (التعريفة) البرامجية، منها التدفقات المالية والميزانيات المصدق بها، ورغم ذلك نحن نسعى لتمييز عدد من البرامج الكبيرة المتميزة في إنتاجها، وتخصيص مكافآت تتناسب مع الجهد الكبير المبذول، ومع الضيوف الكرام، لا سيما برامج الدورات الخاصة مثل دورة شهر رمضان المعظم والأعياد، أما في ما يتعلق بحفلات التكريم وأعياد الإذاعة؛ فإن ميزانيتها خارج إطار ميزانية إنتاج البرامج، وهي تأتي في الغالب برعاية عدد من الشركات التي تعلن عن منتجاتها عبر الإذاعة. { برامج الأطفال كانت سبعة برامج في الأسبوع، والآن مرة أو اثنتين في الأسبوع، مع العلم بأنك مخرج برامج أطفال، والسؤال: هل تريد الانفراد بهذا الجانب؟ - أتفق معك أن برامج الأطفال قليلة في الإذاعة، وهي الآن لا تتعدي أربعة برامج أسبوعية بإذاعة البرنامج العام، إضافة إلى عدد من البرامج بإذاعتي البيت السوداني والسلام، ونحن نسعى لزيادة الكم والنوعية لبرامج الأطفال، ولكن الذين يعملون في مجال برامج الأطفال قليلون جداً مما يجعلهم لا يكادون يغطون البرامج الموجودة الآن، وأعلن عبر «الأهرام اليوم» ترحيبنا التام بكتاب دراما وبرامج الأطفال. { إذاعة ال (BBC) تناقش المسكوت عنه عربياً وسودانياً عبر برنامجها التفاعلي (نقطة حوار)، فلماذا لا تقوم إذاعة أم درمان بهذا العمل؟ - المتابع لبرامج إذاعة أم درمان يجد بينها عدداً من البرامج ذات المساحة المفتوحة لمناقشة مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية عبر مختلف وجهات النظر، ودونك برامج (منبر الرأي)، (منتدى الحوار)، و(مؤتمر إذاعي). { القيادي بالحركة الشعبية باقان أموم قال إن الشمال لم يعمل للوحدة الجاذبة رغم افتتاح رئيس الجمهورية للعديد من المواقع الخدمية بالجنوب، ألا تتفق معي على أن الإذاعة - صوت السودان الواحد - متهمة بالتقصير في تعريف الجنوبيين بما تم إنجازه؟ - الإذاعة هي الجهاز الذي عمل بكل جد واجتهاد في سبيل إرساء قواعد الوحدة الجاذبة عبر البرامج المختلفة، ولهذا الغرض أنشأنا خدمة متخصصة قبل ثلاث سنوات وهي إذاعة السلام التي تخاطب الجمهور باللهجات المحلية، وقد استعانت الإذاعة القومية بأربعين مراسلاً في الولايات الجنوبية وولايات دارفور لنقل نبض هذه الولايات عبر برامجها المختلفة. { دوراتكم الإذاعية شبه مكررة، وغالباً ما تطعَّم ببرنامج أو اثنين، فلماذا هذا الإصرار على خريطة مقدسة؟ - لكل إذاعة بصمتها الخاصة المميزة، وهناك عدد من البرامج بإذاعة البرنامج العام أصبحت علامة مميزة وبارزة، ولها مستمعموها، لذلك رأينا ثباتها في الخريطة البرامجية، وهذا نظام معمول به في كل إذاعات الدنيا، كما أن هناك برامج تطالها يد التجديد من دورة لأخرى. { يرى البعض أن اختيار الوظائف الجديدة لم يكن موفقاً، ويرون أن هناك العديد من الكفاءات المبدعة لم يتم اختيارها؟ - الإذاعة قامت باختيار المتميز من الكفاءات المتعاونة معها واختيارهم جاء بعد تمحيص شديد ووفق احتياجات الإدارات والأقسام المختلفة، وهم الآن يؤدون عملهم بصورة طيبة للغاية. { يؤكد مستمعو الإذاعة أن توقيت بث بعض البرامج غير مناسب، مثل برنامج تفسير القرآن والسيرة النبوية للبروفيسور عبد الله الطيب، ويطالبون ببث حلقتين معاً؟ - قد يكون موعد البث بالنسبة لمستمعي العاصمة وما جاورها غير مناسب لبرنامج دراسات في القرآن الكريم للبروفيسور عبد الله الطيب، لكن مستمعينا في بقية الولايات وخارج السودان غالباً ما يكون البث مناسباً لهم، وحتى نتيح الفرصة لأكبر عدد من المستمعين لمتابعة هذا البرنامج الممتاز؛ وضعناه في الخريطة مرتين صباحاً ومساءً ويذاع أيضاً بإذاعة القرآن الكريم. { أين تسجيلات الإذاعة القديمة لرموز الثقافة والأدب مثل البروفيسور علي المك، عون الشريف قاسم، جمعة جابر، محمد سليمان وليلى المغربي وغيرهم؟. - لهذا الغرض أنشأنا إذاعة ذاكرة الأمة التي جاءت لتلبي رغبات الكثيرين ولنعيد الذكريات لمن أسعدهم الحظ بمتابعة رموز الثقافة السودانية، حتى نتيح الفرصة للجيل الذي لم يستمع لهؤلاء الرموز. { بعض العاملين كانوا يمارسون عملهم بالإذاعة والتلفزيون والآن بعد استقلال الاذاعة كيف توفقون أوضاعهم، لا سيما المعدين؟ - بالنسبة للموظفين في الإذاعة والتلفزيون فكل يعمل بهيئته التي ألحق بها، غير أن ذلك لا يمنع أن يتعاون مع الهيئة الأخرى متى ما استوفى مطلوبات الجهاز الذي يتعاون معه، ومتى ما أدى المهام الموكلة إليه في الهيئة التي يعمل بها على الوجه الأكمل. { البروفيسور علي شمو قال في ورشة تلفزيون الخرطوم إن نشرات الأخبار بالإذاعة والتلفزيون تحتاج إلى جهد في الإعداد والتقديم. ما تعليقكم على ذلك؟ - أتفق مع رأي البروفيسور علي شمو في ما يتعلق بالأخبار فهي حقيقة من أصعب وأشق أشكال العمل الإذاعي وأكثرها متابعة وانتقاداً، لذا نولي الأخبار اهتماماً خاصاً ويقوم الإخوة بإدارة الأخبار بجهود مقدرة للغاية، وقد تم تزويدهم مؤخراً بتقنية حديثة تمكنهم من أداء مهامهم بطريقة احترافية وتجعلهم في مصاف الإذاعات العالمية، وهم بقدراتهم وإمكانياتهم مؤهلون للقيام بهذه المهام. { لماذا لا تنقل الإذاعة بصفة دائمة الفعاليات والمنتديات كسهرة راتبة كل يوم؟ وهذا غير مكلف ويحبب الإذاعة إلى الناس؟ - قد يكون من الصعوبة بمكان للإذاعة القومية نقل الفعاليات والمنتديات بصورة راتبة، ولكن أسندنا هذه المهمة لإذاعة البيت السوداني وهي تقوم بهذه المهمة بصورة طيبة للغاية لا سيما أن كثيراً من الفعاليات تتناسب وطبيعة إذاعات ال إف إم «FM» مثل إذاعة البيت السوداني.