أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهنية والقومية هما الوصفة السحرية لنجاح هنا أم درمان و(المينوس) من أعظم المشاريع
مدير الهيئة القومية للإذاعة معتصم فضل:
نشر في الصحافة يوم 01 - 12 - 2010

يعتبر الأستاذ معتصم فضل من رواد التجديد في الإذاعة السودانية فهو ثائر على كل ماهو تقليدي، ولا يسمح ببث البرامج الضعيفة والمكررة .. عمل ببرامج الأطفال، وتدرج في العمل الإداري حتى تسنم منصب المدير التنفيذي، ومن ثم مديراً للبرنامج العام، ومنه مديراً للهيئة.. وخلال هذه الفترة العملية كان دائم البحث عن الجديد، ويحلم ببناء مستوى إذاعي عالمي ينافس كبريات الإذاعات العالمية فحدّ المنافسة عنده ينطلق إلى خارج المحيط العربي والأفريقي.
من أشهر البرامج التي قدمها معتصم للإذاعة برنامج (ألحان) الذي قدم ثروة من الأغنيات التي حفظت للفن السوداني وجوده في مكتبة الإذاعة، ويحسب له إخراجه لبرنامج الأطفال لأكثر من ثلاثين عاماً حتى وهو مدير للإذاعة.. يطرح الأستاذ معتصم في هذا الحوار العديد من المشروعات التي تنفذها الإذاعة السودانية وهي ترتاد (70) من العطاء الكبير.
{ إنشاء الإذاعة السودانية كان سابقاً لبقية إذاعات الدول الأفريقية؟ إلي أي مدى استفدتم من هذه الميزة في جعلها واحدة من الإذاعات الرائدة في المنطقة؟
- نشأة الإذاعة جاءت في الثاني من مايو 1940م، ويشير كثير من المعاصرين إلى أنها بدأت البث التجريبي في أبريل 1940م، والبث الفعلي بدأ يوم الخميس الثاني من مايو 1940م، وبالقطع تعتبر الإذاعة السودانية من أقدم الإذاعات في أفريقيا جنوب الصحراء في ما كان يعرف بشمال وجنوب الصحراء.. في شمال أفريقيا كانت هناك بعض الإذاعات في مصر وتونس على سبيل المثال، وهي إذاعات حكومية في ذلك الحين، وحسب معلوماتنا أن (هنا أم درمان) أول إذاعة حكومية جنوب الصحراء بعد بداية بثها الأثيري عبر الموجات القصيرة والمتوسطة لتصل إلى مناطق كثيرة في أفريقيا، لم تكن تعرف الإذاعة، إنما تعرفت عليها من خلال التجّار السودانيين الذين كانوا ينتقلون في دول شرق وغرب أفريقيا، ولذلك انتشرت الأغنية السودانية وهذه واحدة من ايجابيات الإذاعة أنها حملت ثقافة وفن السودان إلى دول الجوار، وعلى سبيل المثال في دولة تشاد الشقيقة إذ يتابعون الاستماع لها، بالإضافة إلى دول أخرى.. وهي بذلك أحدثت تغييرا كبيراً في مجال الغناء والثقافة والمجال السياسي، وكثير من الدول التي استقلت لاحقاً كانت تنظر للسودان باعتباره الأمل، والمرجعية لنيل استقلالها، وبالفعل قدّم السودان لحركات التحرر الأفريقي مساهمات طيبة عبر الإذاعة السودانية التي تبنت تحرير أفريقيا عبر البرامج التي تقدمها، والأناشيد الوطنية والحماسية التي كانت تبث الحماس في نفوس الكثيرين، وكانت تأخذ على عاتقها التحدث باسم القارة السمراء.
{ لعل الإذاعة أيضاً أسهمت في التعبير عن آمال السودانيين في الاستقلال؟
-الإذاعة بشرّت بالاستقلال رغم وجود المستعمر، وعبرّت عن أحلام وأشجان السودانيين، وألهبت حماسهم بالأغنيات، والتمثيليات الإذاعية، والبرامج المختلفة، واستقطبت المثقفين والسياسيين الذين كانوا يتحدثون عن ضرورة استقلال السودان، ومن أشهر البرامج (حديث الأربعاء) الذي كان يقدمه الأستاذ أبو عاقلة يوسف،
{ وكيف تحقق لها الأثر الإقليمي عربياً وأفريقيا؟
- الإذاعة استقطبت العاملين في دول الجوار، وكانت تقدم بعض البرامج باللغات واللهجات الإفريقية وهذه مرحلة لاحقة عندما قدمت على سبيل المثال برامج بلغة الهوسا، والسواحيلي، والأمهرا، والتقراي، ولغة الصومال. وكانت تمنح مساحة زمنية لهذه الدول لتقدم برامجها بتلك اللهجات. والإذاعة ببثها للأغنيات الوطنية ألهبت الحماس في نفوس دول الجوار، والذين يستمعون لها يحسون بأن السودان دولة مستقلة وحرة، وقبل الاستعمار اهتمت الإذاعة بالتوعية والتعليم ونقل الأحداث داخل البلاد.
{ وماذا عن تأثيرها العربي؟
بالنسبة للمستوى العربي كان تأثيرها ضعيفاً مقارنة بتأثيرها على المستوى الأفريقي، ربما لأن الموجات لم تكن تصل إلى الدول العربية، واختلاف الأغنية السودانية عن نظيراتها في العالم العربي، في النغمة والسلم الموسيقي، ولم يكن تأثيرها إلاّ بعد انضمامها إلى اتحاد إذاعات الدول العربية، وأتاح استخدام شبكة (المينوس) شبكة للتواصل مع اتحادات إذاعات الدول العربية، وتبادل البرامج.
{ ماهي مساعيكم لتقوية هذا الدور عربياً؟
- لا استطيع القول إن هناك مساعي، ولكن دور الإذاعة عربياً لم يتعد المشاركة في المناسبات الوطنية والاحتفاء بأخوتنا في العالم العربي، نتبادل معهم البرامج، وهم بالتالي يذيعون برامجنا، ولم تتعد هذه الأدوار بعض الزيارات التي يقوم بها المسئولون.. هذا قبل تفعيل دور اتحادات إذاعات الدول العربية، ولكن النقلة الكبرى تمت بعد نظام (المينوس) والبث المباشر بين الإذاعات العربية، والآن الإذاعة السودانية تحتل مرتبة رفيعة، والمرتبة الأولى في التبادلات باعتبارها الإذاعة الأكثر تبادلاً وثنائيات عربية، وأنشأنا إذاعة فريدة من نوعها، وهي مختصة، تهتم بالتبادل الإذاعي بين الأقطار العربية، ووجدنا إشادة اتحاد إذاعات الدول العربية باعتبار أن السودان رائد في هذا المجال.
{ ماهي علاقتكم بالإذاعات الأخرى؟
- اتصل جهدنا في الفترة الأخيرة لتكوين علاقات متميزة مع العديد من الإذاعات، وبدأنا بالجانب الأفريقي ممثلاً في إذاعة أثيوبيا التي سنبدأ تعاوناً معها، وبصدد عمل اتفاقيات مع إذاعة تشاد، وأبعد من ذلك لدينا علاقات مع إذاعة جنوب أفريقيا وبيننا مذكرة تفاهم في طريقها للتوقيع.. وفي خطتنا للعام الجديد بداية البث باللهجات الأفريقية تحت مسمى (الإذاعة الأفريقية)، وستعمل على الموجات القصيرة، والمتوسطة بثلاث لهجات أو لغات افريقية منها السواحيلي، والهوسا، الأمهرا.. والآن نشط اتحاد إذاعات الدول الأفريقية بعد تغيير تسميته من (أورتنا)، ونذكر أن اتحاد إذاعات الدول العربية قدم خبراته وتجاربه للاتحاد الأفريقي، وبدأ الأخير ينشط في عقد سلسلة من الاجتماعات لتنشيط لجان البرامج والتبادلات الإذاعية ونحن نتمتع بعضويتنا داخل هذا الاتحاد باعتبار موقعنا كمؤسسين لاتحاد إذاعات الدول العربية.
{ وماذا عن التعاون المشترك مع الإذاعات العربية؟
- نفس الأمر ينطبق على علاقاتنا مع الإذاعات العربية، وهي علاقات ممتدة في مجالات التبادل البرامجي، والبث المشترك للندوات الإذاعية والبرامج المشتركة.. ولعلنا نستضيف هذه الأيام اجتماعات الجمعية العمومية لاتحاد إذاعات الدول العربية بالخرطوم، ونحتفل معه بمرور أربعين عاماً على إنشاء الاتحاد، وسيتم تكريم العديد من السودانيين باعتبار السودان أول من احتضن اجتماعاته التأسيسية، وتعلم أن السودان رفد الاتحاد بكوادر مهنية أحدثت تطوراً كبيراً على المساقين الهندسي والإداري. وأصبح حالياً من انجح الاتحادات الإذاعية في العالم، ويمتد نشاطه في تبادل البرامج، وإقامة الدورات التدريبية، والمهرجانات، والمسابقات، ولجانه المتعددة تعقد اجتماعاتها المتواصلة من أجل ترقية ودفع العمل الإعلامي العربي.. ويقف مشروع (المينوس) كواحد من المشروعات العملاقة التي ابتدعها الاتحاد، وتبناها بربط كل الدول العربية ببعضها البعض.
{ دعنا نتحدث عن الإذاعة السودانية وتحقيقها للتوازن المطلوب باعتبارها جهازاً حكومياً وقومياً من جهة، وجهاز إبداعي يحتاج إلى مساحات من الحرية من جهة أخرى؟
- هذا مردّه لمهنية العاملين في هذا الجهاز، كانوا مهنيين أكثر من كونهم سياسيين، ويحمد للأوضاع الحكومية المختلفة تركها شأن المحطة لأبناء الإذاعة الذين كانوا على رأس العمل الإداري، وهم الذين ترعرعوا في الإذاعة، لذلك كان هناك تواصل للأجيال. والمهنة الإذاعية ظلت هي الشاغل بالنسبة لهم، والفن الإذاعي يطغى على كل احتياجاتهم.. وهم يطالبون بما له علاقة بالفن الإذاعي بعيداً عن السياسة، والحكومات المتعاقبة رأت في الإذاعة جهاز إعلامي شعبي استفادت منه في توعية المواطنين بمختلف القضايا خاصة في ما يتعلق بالقضايا الصحية والتنموية وقضايا الفن والثقافة والرياضة، كانت الوسيط الأنسب في التواصل مع المواطنين. وهذا لا ينفي أنها كانت تهتم بالأخبار وتتيح فرصة طيبة لها، ولتوعية المواطنين وتعليمهم كجهاز له خصوصيته وأهميته في الشئون الجارية داخل وخارج البلاد. ولم تكن منفصلة عن ما يدور داخل الوطن من أحداث، ولكنها دائماً تنأي بنفسها عن الصراعات الحزبية والسياسية، كانت وستظل وسيطاً إعلامياً محايداً بين الحكومات والمواطنين، لتجد كل هذا القبول.
{ ترى من أين اكتسبت الإذاعة هذه الصدقية وأصبحت المصدر الأول لدى المواطن؟
- كما قلت المهنية، فالإذاعة تتحرى المهنية في كل ما تقدمه، والأجيال التي سبقتنا كانت تهتم بمصداقية الخبر، ودائما تتحرى المصداقية في أي خبر تبثه الإذاعة، ليدرك المستمع أن ما تقدمه الإذاعة صادق، والإذاعة لا تبث خبراً إلاّ بعد استيفاء كل مراحل التحري والدقة المطلوبة، كما أن المصادر موثوق بها.
{ هل ترى أن دور الإذاعة الاجتماعي لازال راسخاً لدى الشعب السوداني.. خاصة وأنها تنقل أخبار المجتمع من وفيات وغيرها؟
- قلّ هذا الدور ولم يعد كما السابق، خاصة بعد دخول التقنيات الحديثة وسهولة الاتصال بالهواتف المحمولة، لكن عدداً كبيراً من المواطنين لازالوا يعتمدون على الإذاعة في استقصاء الأخبار، وتحديداً أخبار الوفيات باعتبار أن الخبر الذي تنقله صادق وبالتالي يجئ دور المستمع في توصيل الخبر بفضل التقنيات الحديثة ليكمل نقله إلى مزيد من الناس الذين لم يستمعوا له..ونشرة الوفيات خدمة تميزت بها الإذاعة عن غيرها ولازالت تقدمها كخدمة للمواطنين يتقبلونها وينقلونها لبعضهم البعض.
{ ارتادت الإذاعة سبعين عاماًَ.. ترى ماذا ينتظرها مستقبلاً من مهام وطنية واجتماعية؟
- لدينا خطة برامجية كبيرة.. ولعل الإذاعة تحمل همّ الوحدة الوطنية وهو شعارها لهذا العام في الاحتفالية (وحدة الوجدان.. وحدة السودان) باعتبار أن الإذاعة هي التي ربطت وجدان الشعب، والأمة السودانية جنوباً وشرقاً وشمالاً وغرباً، وهو الدور الذي اضطلعت به منذ نشأتها، ومثلما قدمت الفنانين من مختلف مناطق السودان، وفنون تلك المناطق ترى لزاماً عليها أن تحرص على وحدة الأمة السودانية، وألاّ يتجزأ السودان.. في هذا الإطار نفذنا الكثير من البرامج تحت شعار(وحدة الوجدان.. وحدة السودان)، وأفردنا حيزاً مقدراً لبرامج استضفنا فيها رموزاً وطنية وقادة ومثقفين وسلاطين من أبناء الجنوب في حوارات وإفادات لتغليب خيار الوحدة الوطنية ووحدة السودان، أيضاً عملنا على تنامي الشعور الوطني وأهميته في توحيد الجهود الداخلية خلال المرحلة المقبلة، وإعلاء حب السودان كقيمة راسخة في النفوس، وهدفنا الأساسي أن يسمو الناس بخلافاتهم خلال المرحلة القادمة لتقديم مصلحة السودان باعتباره وطناً يسع الجميع.. وأنتجنا خطة برامجية اشتملت على إنتاج برامج وثائقية، وبرامج خاصة، وشعارات، ومشاعل، ودراما إذاعية تتحدث عن وحدة السودان ووحدة الوجدان.
{ ولكن الأمر يتطلب جهداً على مستوى إعداد شبكة المراسلين ومحطات الإرسال ليشمل كافة أنحاء السودان؟
- أولاً بدأنا في تقوية بث إذاعة السلام باعتبارها الإذاعة التي تخاطب المواطنين باللهجات المحلية بالذات المواطن المستهدف في جنوب السودان، وأصبحت إذاعة السلام تسمع في كثير من المناطق في الجنوب، وقدمنا خدمة إذاعية متخصصة تستهدف مواطن الجنوب تحت مسمى إذاعة (نقارة) تبث (4 ساعات) يومياً باللهجات المستخدمة في الجنوب، وفي نفس الوقت استعنا بعدد من المراسلين في كل ولايات السودان ولدينا ما يربو على (160) مراسلاً إذاعياً، وفي بعض الولايات يوجد أكثر من مراسل، وتم تعيين مراسلين في المحليات لرفد الإذاعات العاملة والبرنامج العام، كما تم توزيع الأدوار بحيث تقوم كل إذاعة بمهامها في إطار الدور المرسوم لها.
{ هناك مذكرة تفاهم تم توقيعها مع وزارة الإعلام بحكومة الجنوب.. إلى أي مديى تمّ تنفيذها؟
- سعدنا جداً بزيارة مدينة جوبا حاضرة الاستوائية، وللاستقبال الطيب من وزير الإعلام بحكومة الجنوب د. برنابا بنجامين، والأخوة في هيئة الإذاعة والتلفزيون وعلى رأسهم رئيس الهيئة أروب وشكلنا زيارات للهيئة ومحطات البث الإذاعي، وكانت ملاحظاتنا غياب موجات (الأف. أم) من مدينة جوبا، والاتصالات جارية مع هيئة البث الإذاعي لتكملة المشروع لعدد من مدن الجنوب.
في ذات الإطار تم الاتفاق على تبادل التدريب للعاملين في إذاعة جوبا ونتوقع مجموعة من العاملين للحضور للتدريب بإذاعة أم درمان، وهناك اتفاقية بأرشفة المواد الصوتية الموجودة بإذاعة جوبا لأرشفتها بالإذاعة القومية باعتبارها جزء من تاريخ السودان ويجب أن تكون متاحة للمستمعين سواء في حالة الوحدة أو الانفصال.. أيضاً نتوقع أن يكون هناك بث برامجي مشترك لإذاعتي جوبا وأم درمان في المناسبات ونخطط لبرمجة احتفالية بمناسبة أعياد الميلاد.
{ هناك أيضاً اتفاقيات تعاون مع إذاعة الصين وماليزيا؟
- في إطار العلاقات المتميزة بين السودان والصين تمّ دعم الإذاعة العربية في الصين بمذيع في إطار التبادل ليشارك في تقديم البرامج والنشرات، ونص الاتفاق على زيارات الوفود وبالفعل سجلت وفود الإذاعتين زيارات متبادلة. كما أن الإذاعة السودانية أتاحت الفرصة لنقل بث إذاعة الصين من موقعها الإلكتروني وهم كذلك سيفعلون نفس الشئ مما يتيح لنا الوصول للعالم.. وطرحنا مسابقة كانت جوائزها زيارة الصين لعدد من الفائزين السودانيين.
أما الاتفاقية مع ماليزيا فهي تتصل بأغراض التدريب الإذاعي بمعهد التدريب الإذاعي التابع للمعهد الآسيوي الباسفيكي، ونحن أعضاء في هذا المعهد، وسيتم توقيع الاتفاقية مع الإذاعة الماليزية قريباً.
في احتفالكم بالسبعينية المجيدة هل استصحبتم تطوير بيئة العمل والاهتمام بالدورات التدريبية لترقية الأداء؟
-الإذاعة الآن تمر بطفرة تقنية كبيرة وكل معداتها تعمل بالتقنيات الرقمية وكان لابد من تهيئة العاملين وإبراز الأجواء المناسبة للعمل لتدريبهم في مختلف المجالات، وبالفعل تم إرسال عدد من العاملين للتدريب بماليزيا وهولندا ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولدينا الآن مذكرة تفاهم مع جمهورية مصر العربية.. وحريصون لتوفير كل المعينات التي تساعد في إنتاج البرامج من خلال تهيئة الاستوديوهات وإعادة تأهيلها بصورة جيدة، وتم في نفس الوقت تأهيل الاتصالات بالتعاون مع هيئة البث الإذاعي لكثير من المدن.
{ السودانيون يريدون الاطمئنان على إنتاجهم الإنساني وإنتاج رموزهم في ما يتعلق بالمكتبة الصوتية؟
- الإذاعة السودانية لديها مكتبة غنية بالمواد التاريخية الوثائقية في مختلف المجالات السياسية والفنية والثقافية ولدينا أكثر من (160) ألف ساعة من البرامج، وكل هذه المواد الثرة كان حريّاً بنا أن نعمل على حفظها، لذلك كان المشروع الأول خلال العامين الماضيين الأرشفة الإلكترونية لهذه المواد حتى لا تضيع بفعل الزمن ومنها ما هو مسجل في أشرطة عمرها أكثر من خمسين عاماً ، وكنّا نخشى أن تفقد جودة الصوت ولذلك سعينا في إنشاء مشروع الأرشفة الإلكترونية الذي بدأ في أغسطس الماضي وأنجزنا حوالي ثلاثة ألف ساعة في الوسائط، وستكون هذه المواد متاحة من بعد للمستمعين وللباحثين للدخول عبر موقع الإذاعة الإلكتروني، وتمكنا من عمل إذاعة خاصة لمواد المكتبة الصوتية باسم (ذاكرة الأمة) وتبث يوميا حوالي (4) ساعات، ووجدت استقبالاً كبيراً من جمهور المستمعين خاصة من شريحة الشباب الذين لم يعايشوا تلك الحقب التاريخية.. مكتبة الإذاعة حفزتنا لإنشاء هذه الإذاعة حفظاً لهذه المادة حتى لا تتعرض للتلف، ومشروعنا سيتصل بالتعاون مع دار الوثائق القومية لحفظ نسخة لكل المواد حتى تكون في الحفظ باعتباره مشروعاً قومياً.
{ مستمع الإذاعة وتلبية رغباته وفقاً لتباين ثقافاته ومناطقه؟
- (قومية الإذاعة) هي الوصفة السحرية التي ظلت الإذاعة تتناقلها جيلاً بعد جيل من خلال البرامج المختلفة، وهنا أتحدث عن عبقرية القائمين على أمرها منذ سنوات، فقد فكروا في برامج على شاكلة (ربوع السودان) الذي كان يذاع على مدى أكثر من (50) عاماً، وأصبحت الإذاعة البوتقة التي انصهرت فيها فنون تلك المناطق المختلفة.. وأصبحت منبراً لكل مواطن سوداني يطل من خلالها بثقافته وتراثه وفنونه المختلفة، ودائماً تحتضن المبدعين وتفسح لهم المجال لتقديم إبداعاتهم المختلفة.. فلا غرو أن يجد هؤلاء المبدعون الملاذ، ومن هنا جاءت قومية الإذاعة.
{ هناك تميز واضح للدراما الإذاعية مما جعلها مدرسة متفردة عبر السنوات؟
-الأمر يعود إلى التأسيس لان السابقين وضعوا أسساً متينة للدراما الإذاعية ومنهاج عمل تمثل في لجان النصوص وكيفية اختيارها للنصوص المناسبة للمستمع، ومراعاة عاداتنا وتقاليدنا، وعدم خدش الحياء العام، والتعرض لفئات أو مهن، عملاً بأخلاقيات العمل الإذاعي لتعبر في النهاية عن تطلعات وواقع المجتمع السوداني، وتوعيته وعكس قضاياه المختلفة.. في الجانب الآخر تميز المخرجون والممثلون الذين عملوا بالإذاعة السودانية استطاعوا تقديم مادة استصحبت خيال المستمع، ولذلك عاش المستمع بخياله مع الدراما الإذاعية، وظلت تحقق نجاحها في سحر الملايين من خلال الصوت الذي يصدر من المذياع وكأن الدراما واقع معاش.. وأنا اعتبر أن الدراما في الإذاعة السودانية واحدة من الانجازات التي تمثل البراعة والمهنية.
{ هل من منافس للإذاعة الآن على الساحة الإعلامية في ظل تعدد الإذاعات؟
-لكل إذاعة بصمتها، وهنا أم درمان استطاعت أن توجد بصمتها الخاصة التي لاتخطئها الآذان.. ومتى ما وجدها المستمع تعرف عليها على الفور باعتبارها أصبحت ذات أسلوب وشكل واضح، إضافة إلى أن لديها رسالتها التي تضطلع بها تجاه المستمع والمواطنين، ولديها أهداف ورؤية ومهمة تقوم بها.. ولكننا نأخذ على الإذاعات الأخرى عدم وضعها لرؤية محددة للوصول إلى الأهداف، وتحس بأنها تقدم برامجها من أجل التقديم فقط دون أهداف.
{ هل من كلمة أخيرة ونحن نتطلع لعام جديد؟
- في تقييمنا المتصل للبرامج توصلنا إلى ضرورة أن يكون للشباب إذاعة خاصة مع مطلع العام الجديد، إضافة إلى إنشاء إذاعة تعليمية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، سواء للمنهج التعليمي أو المواد التوعوية لتعليم المواطن، إلى جانب إذاعة ثقافية على نسق البرنامج الثاني لتخاطب شريحة مهمة، وإذاعة افريقية.. وهذه الإذاعات ضمن خطتنا للعام الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.