عفواً.. هذا العنوان ليس تشويهاً أو فعلاً إجرامياً تجاه لغة القرآن العربية الفصحى، ولكنه هو حال معظم السودانيين الذين يعتمدون في معاشهم ومعيشتهم على (الجرورة) والجرورة لمن لا يعرفها من المرطبين وأصحاب الحسابات الجارية هي أن (يجر) الشخص ما يحتاجه من لوازم غذائية (دكاكينية) من دكان الحلة ويكتب على ذمته أسعار هذه اللوازم التي تتحول نهاية الشهر من أسعار إلى (سعار) ينهش كل الماهية فيجعل صاحبها يتلفت بحثاً عنها ليبدأ رحلة الجرورة للشهر القادم!! أعتقد أن معظم البسطاء من الطيبين أصحاب الدخول المحدودة يعتمدون مائة بالمائة على هذا السلوك الاقتصادي الذي اعتبره يحمل كثيراً من السحر والقائمين به هم بالتأكيد (سحره) لأنه بحسبة بسيطة من أي كراس يمتلكه صاحب الدكان كصك يحفظ به حقه تجد نفسك تسأل تلقائياً يا ربي صاحب الكراس ده مؤجر كيف وبيتعالج من وين؟وبتوصل كيف؟وهل يا ترى يمارس هو أو اولاده حق الترفيه والترويح اما أن هذه أصبحت من عجائب الدنيا السبع؟ على فكره لو أن القائمين على أمر إدراج العجائب إلى قائمة موسوعتهم العالمية لو أنهم (علموا) بكراس (الجرورة) لقدموه على تاج محل أو ابي الهول لانه يضاهيهما إعجازاً وتعدياً لخط الخوارق لأن ما في الكراس أكبر من هم الرأس مما يؤهل اي رب اسرة سوداني أن يكون وزيراً للمالية ومتفوقا كمان لانه البني آدم الذي يستطيع أن يكون استهلاكه اكبر من دخله وهو قادر على تسيير هذه المعادلة ومخلي الحكاية ماشة، ده وزير مالية عبقري وما في زيه. إذن معظم السودانيين عباقرة إلا القليل أو ربما أكثر بشوية من القليل من أولئك (القاطعين) العلاقة مع دكاكين الحلة وتعاملهم طوالي مع الاجمالي ولو سمع الواحد كلمة (كراس الجر) يقول (ياي) ده فعل جديد دخلوه كتاب القواعد؟ .. يا سادة هذا المواطن السوداني عبقري بأخلاق اهل السمو يلوك الصبر ويتجرع صباح مساء علقم البحث عن لقمة الحلال التي تكفيه وعياله لذلك ما عدت استغرب إن تفحصت في وجوه الناس لاجد اكثرهم إما شارد الذهن أو مقطب الجبين ونحن الجيل ده والقبالنا ممكن يتحمل لكن ما مصير الأجيال القادمة تلك التي نحلم لها بمستقبل مشرق (ومترف) وجميل، مستقبل يتفرغون فيه للعطاء بشهية مفتوحة دون بطون جائعة أو طعنات عنصرية بغيضة تفرق ولا تلم؟ نريد للجيل القادم أن يكون جيلاً سودانياً واحداً لا يعرف البغضاء ولا التشرذم حبه السودان وعشقه الوطن وغايته أن يجعله دائماً في مصاف الأقوياء والمميزين، وده ما بجي بالأمنيات ولا الاحلام ! ده بجي بوضع إستراتيجيات حقيقية قابلة للتنفيذ وليس للتنظير، إستراتيجيات توضع في أرض الواقع يحسها محمد أحمد الغلبان في مأكله ومشربه وسكنه وملبسه فهل نحلم بعد سنة قولوا سنتين أن يمزق (الغبش) كل كراسات الجرورة التي تجعل أحدهم يحني جبينه وهو يمر أمام دائنه ويكون الكلام كله بالكاش البقلل النقاش؟. على فكرة هذه الزاوية ليست كسير ثلج لصاحب الدكان الذي يجاور منزلي لانني ببساطة ما عندي كراس جر، مش لاني من الجماعة الطيبين لكن لانها فقط ماشه بالبركة ودعاء الوالدين!! كلمة عزيزة حتى مجرد التفكير في أن يطرح علي مهدي نفسه كرئيس لإتحاد المهن الموسيقية إن كان من باب الدراميين أو من أي باب آخر، مجرد التفكير في ذلك فيه ضرب من الخيال وعدم المنطق لأنه وإن كان علي مهدي مرفوضاً من الكيان الذي ينتمي له فكيف تداعبه الأحلام في أن يكون رئيساً لقطاع آخر مؤثر بدرجة كبيرة ولا ينفع إلا أن يكون المسؤول عنه واحدا من داخل الحوش نفسه؟ بالمناسبة لا أدري لماذا يصر علي مهدي أن يؤسس لمبدأ الخلود في المناصب والعالم بأجمعه يتجه نحو ثورة الشباب باعتبار أنه الجيل الحالي الذي يفهم متطلبات عصره ويستطيع بما لديه من حركة ونشاط أن يفعل ديناميكية أي عمل كان؟، ياريت لو أن علي مهدي ومن تلقاء نفسه بعُد عن هذا الصراع وترك الفرصة لغيره لعله يستطيع أن (يخدِّر) ارض الدراميين اليباب بعد كل تلك السنوات العجاف التي لم يقدم فيها شيئاً للدراما السودانية. كلمة أعز مع فائق احترامي للاستاذ بشير عباس الا انني اعتقد أن قراره بمنح أغنيات البلابل لفنانين آخرين وحجب هذا الرصيد الغنائي عنهن فيه استخفاف وعدم احترام لمشاعر المستمع السوداني الذي خلدت في دواخله هذه الأعمال بصوت الثلاثي الإستثنائي!!