بعيداً عن تفاصيل تلك المفاوضات الدائرة اليوم بين دولتين السودان وجنوب السودان وبعيداً عن الزخم السياسي وسخونة الأجواء العامة وسرعة وتيرة الأشياء .. فالحال كل يوم فى حال .. مروراً بالصحافة .. وحتى تلك القضايا التى تخص الفساد المنظم والفساد العشوائي .. ختاماً بنبض الرياضة الصفرية لدرجة إنها تمتلك صحف رياضية وقنوات فضائية ومحطات إذاعية وصفحات يومية فى كل الصحف السياسية والشاملة رغم هذا الرياضة صفرية وستظل صفرية طالما الحال كما هو . المهم .. بعيدا عن كل هذا دعونا نذهب سوياً لدهاليز تلك الأحياء العتيقة والجديدة داخل عاصمتنا المثلثة والتى أصبحت اليوم سباعية الأضلاع لتمددها الأفقي والرأسي .. فهناك بين تلك المنحيات داخل الأحياء أشياء كثيرة لا تنفصل عما يدور خارجها .. فبعض الشوارع الرئيسية والمنارة والمشجرة فى عاصمتنا تعكس لنا الأشياء ليست كما هي .. حكى لي أحد أصحاب الدكاكين الصغيرة والتى كانت فى الزمن الغابر تعرف بدكان اليماني ( أياميها ) ثم تحولت لدكان الفواروي .. واليوم تحولت لدكان ود الجزيرة فهؤلاء هم من يستثمر فى هذا المجال .. ولكل إسم من هذه الأسماء دلالة إقتصادية ووضع سياسي معين .. ولوضع هذه الدكاكين الجفرافي وعلاقة صاحب الدكان بناس الحلة يضع صاحبنا دفتر ( الجرورة ) ويتم مراجعته شهرياً او كل نصف شهر .. فصاحبنا يحكى لي وهو فى حالة حسرة ويقول ( يا أستاذ فى قضايا أهم من القضايا السياسية بتاعتكم دي لازم تكتبوا فيها ، الناس تعبانة شديد لازم تكتبوا عن قضايا الناس الحقيقية ، ولا عشان الناس ما بتدفع ليكم ؟ ) هكذا بدأ صاحبي حديثة ثم قال لي أن مايحدث لنا من بعض ناس الحلة وبعضهم جاورتهم لسنين لا يسر صديق ولا عدو فالوضع الإقتصادي الضاغط جعل الناس تفعل أشياء خارج إرادتها .. فبعض السكان رحلوا عن الحلة وهم مطالبون مبالغ مالية ولم يقوموا بتسديدها لسنين وبعضهم أذهب وأبحث عن مكان سكنهم الجديد ، حتى أن البعض من سكان الحي من أصحاب الملك أشاروا لي بعدم فتح حساب جرورة لأي ساكن مؤجر فعليه التاكد من قبل أن يفتح له حساب جرورة هل هو مؤجر أم صاحب ملك .. ومن المؤكد أن تعميم الوضع لكل المؤجرين هو ظلم للملتزمون بالسداد حسب الإتفاق فليس كل مؤجر غير ملتزم ..ولكن ماجعلني أكتب فى هذا الموضوع لكونه أصبح ظاهرة متفشية فى معظم الأحياء .. والجرورة أصبحت ثقافة لا يستطيع السواد الأعظم العيش بدونها ، فالماهية لا تكفي والغلاء مستشري ولاسبيل أمام الناس سوى هذه الجرورة فلا تخربوا عليهم بعدم الإلتزام ، فالمواطن وصاحب الدكان فى ( فى الهوا سوا ) حتى إشعار آخر .. مع ودي .. الجريدة [[email protected]]