بروفيسور عاطف عبد الرحمن صغيرون* يأتي الاحتفال باليوم العالمي للسكان لهذا العام تحت شعار (كل شخص مهم)، بالتركيز على عملية الإحصاء السكاني وتحليل البيانات بطريقة تؤدي إلى صنع قرارات جيدة ذات أثر إيجابي على المواطن. في هذا الإطار حددت الكتابة عن مؤشرات الصحة العامة والصحة الإنجابية التي تجعل السودان من الدول التي تعاني من مشاكل صحية وخاصة للأطفال والأمهات، بجانب ذلك سوء ونقص في التغذية، وانتشار الأمراض المعدية والمستوطنة والمخاطر البيئية الناتجة عن التلوث. يواجه المجتمع السوداني تحديات بيئية ونقصاً في مصادر مياه الشرب والغذاء، وكل منهما له تأثير سلبي على الصحة العامة وانتشار الأمراض. بالرغم من الجهود التي بذلت في القطاع الصحي إلا أن الخدمات الصحية ما تزال تعاني من قصور الكوادر الصحية والموارد المالية والتقنية، وضعف التنسيق والتكامل بين القطاعات، وقصور المشاركة الفعالة للمنظمات التطوعية والأهلية، كما أنها تتصف بضعف الإدارة ونقص البيانات وعجز الإشراف والمتابعة والتقويم. إن الصحة العامة هي حق إنساني أساسي والرعاية الصحية يجب أن تكون متوفرة، والحصول عليها دون أي عوائق اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وهي العمود الفقري للتنمية البشرية، وهذا يعني أن هناك فرصاً أخرى للاختيار للفرد لكي يعيش حياة طويلة بعيداً عن المرض وأسبابه، وهذه مسؤولية الجميع بمساعدة من المؤسسات غير الحكومية والقطاع الخاص والأفراد، لتحسين وضع الصحة العامة بتقديم خدمات صحية ذات نوعية ممتازة، وقد جاء في دستور السودان - الباب الأول - المادة 13 – الآتي: «تعمل الدولة على ترقية صحة المجتمع ورعاية الرياضة، وعلى حماية البيئة وطهرها وتوازنها الطبيعي، تحقيقاً للسلامة والتنمية المستدامة لصالح الأجيال». وتهدف موجهات العمل السكاني في السودان إلى خفض مستويات الوفيات المرضية من أجل دفع معدل حياة الفرد على الأقل إلى سبعين سنة من خلال الوسائل التالية:- أولاً: وضع أسبقيات للخدمات والبرامج ومراجعة المؤشرات لخفض واستئصال الأمراض المعدية والمستوطنة. ثانياً: تحسين نوعية الخدمات الصحية من خلال التشخيص المبكر للمرض، وتقديم التدريب اللازم لمقدمي الخدمات لتحسين أدائهم. ثالثاً: تعزيز التثقيف الصحي ورفع الوعي بالتطبيق المناسب للخدمات الصحية والإجراءات المتعلقة بالمراجعة وتفادي الحوادث وتحسين نوعية التغذية والبيئة المنزلية. وأيضاً تهدف المؤشرات إلى رفع نسبة التغطية لخدمات الرعاية الصحية الأولية لتغطية 70% من السكان، وذلك من خلال الآتي:- 1/ التوسع في المرافق الصحية للخدمات الصحية الجديدة والعمل على إعادة تأهيل المرافق القديمة ودعمها بالمعدات والمستلزمات والأدوية مما يساعد على تقديم خدمات عالية الجودة وزيادة المجهود في إصلاح قطاع الصحة. 2/ تجهيز خرائط للخدمات الصحية والعمل على تطبيق نظام الخدمات الصحية المستقلة. 3/ تحسين وتطوير نظام الحالات المحولة والإشراف؛ لخفض مستويات الوفيات والمرضى ولا بد من وضع سياسات خاصة بكل مؤشر على حدة. صحة الطفل: هناك تحسن ملحوظ في صحة الطفل في السنوات الأخيرة مما أدى إلى انخفاض في نسبة وفيات الأطفال، بالرغم من أنها نسبة عالية مقارنة بالمستوى العالمي ودول الإقليم العربي الأخرى، ومن العوامل الرئيسية المسببة لهذة الوفيات وفقاً لدراسات ومسوحات الإخوة الأطباء هي الأمراض المنقولة، وخاصة الإسهالات والالتهاب الرئوي الحاد وأمراض الطفولة السبعة، والنسب العالية لسوء التغذية بين الأطفال، وخدمات الرعاية الصحية الفقيرة أثناء فترة الحمل والولادة ما زالت تحتاج تحسيناً وتأهيلاً، عموماً تهدف سياسة الدولة إلى خفض وفيات الأطفال الرضع والأطفال دون الخامسة، وتعمل وزارة الصحة الاتحادية على دعم برامج التطعيم للأطفال ضد أمراض الطفولة السبعة، وزيادة الوعي بأهمية التباعد بين الولادات. الصحة الإنجابية: تعتبر الصحة الإنجابية العنصر الأساسي للصحة العامة، وتهتم بها الدولة، نسبة للمشاكل والصعوبات المصاحبة للولادة التي تواجه عدداً كبيراً من الأمهات والنساء في عمر الحمل. من العوامل المؤثرة في الصحة الإنجابية في السودان عدد من العوامل الخطيرة مثل الزواج المبكر، الحمل المتكرر في الأعمار الخطيرة للولادة، وفترة التباعد القصيرة بين الولادات المتتالية، وضعف التغذية، وسوء الحالة البيئية وانتشار الأمراض المنقولة جنسياً، الاعتلال الجسدي الحاد للأم ومضاعفات ما بعد الولادة، كل هذه الأشياء تتزايد بنسب مخيفة، وفي ظل هذا الوضع يجب توفير وتوسيع الخدمات الصحية على نحو عاجل وضروري فهي عامل مهم لخفض مستويات الوفيات والمرض - وذلك من خلال الطرق التالية: أولاً: توفير فرص الرعاية الصحية للمرأة الحامل قبل الولادة وتكون الولادات عن طريق عاملين صحيين مؤهلين وأن تصل الرعاية الصحية للأم والأطفال حديثي الولادة إلى نسبة ممتازة ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنوير الأسرة والمجتمع بمخاطر الحمل والولادة المتقاربة وأهمية خدمات الوقاية الصحية الإنجابية بالمؤسسات الصحية وأيضاً تحسين خدمات الصحة الإنجابية من خلال تدريب العاملين بالتركيز على أطباء أمراض النساء والولادة والقابلات، ودفع مستوى طرق الإشراف والحالات المحولة وتوفير الموارد اللازمة. ثانياً: محاربة الممارسات الإنجابية الخطيرة مثل الحمل المبكر والمتأخر والولادات المتتالية من خلال تقديم خدمات تنظيم الأسرة وتوسيع دائرة تنوع اختيار وسائل منع الحمل، مع تباعد الولادات أقله كل ثلاث سنوات. تنظيم الأسرة: إن تنظيم الأسرة هو أحد العناصر المهمة للصحة العامة لتحسين صحة الأم والطفل ورفاهية الأسرة، وهو أيضاً وسيلة للسياسة الوقائية ضد كل التعقيدات المصاحبة للحمل المبكر والمتأخر بالإضافة إلى أن تنظيم الأسرة يساعد الأزواج على تحديد زمن الحمل وعدد الأطفال المرغوب في إنجابهم بالإضافة إلى تقديم الخدمات الأساسية لمعالجة العقم. في هذا الإطار يجب على الحكومة ومؤسساتها المختلفة العمل على تنظيم حملات التوعية على الصعيد القومي حول أهمية تنظيم الأسرة والتأثير على التوجهات والسلوكيات الاجتماعية لقبول مبدأ تنظيم الأسرة وذلك من خلال توسيع أنشطة التوعية لصانعي القرار وأصحاب الرأي وراسمي السياسات المسؤولة بالوزارات الحكومية، وصانعي القرارات والمجموعات الشعبية والاجتماعية والقيادات النسائية، وأهم من ذلك العمل على رفع مستوى فهم الرجل لتنظيم الأسرة. (*) جامعة الأحفاد للبنات