بصفتي أحد الإتحاديين الناشطين الذين لهم اسهاماتهم الفكرية المتواضعة في مجال إثراء الحوار الإتحادي عبر الصحافة السودانية فقد تسلمت في وقت سابق صورة من المذكرة الضافية التي تم إعدادها من بعض المكاتب التنفيذية للحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل بولاية الخرطوم بغرض رفعها لرئيس الحزب مولانا السيد محمد عثمان الميرغني والتي جاء نصها على النحو التالي.. سيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني حفظه الله نخاطبكم في هذا الظرف الدقيق الحساس الذي تمر به بلادنا الحبيبة والذي يتطلب اقصى درجات الوعي والأهلية من القوى السياسية وعلى رأسها حزبنا العتيد الذي نعتقد أنه يعاني من أزمة خانقة اقعدته عن القيام بدوره الوطني المعهود والشاهد على ذلك الاسقاطات السالبة التي خلفتها المعركة الانتخابية الأخيرة والتي أوجدت حالة من الشتات والتشرذم والإحباط وكذلك لا يفوتنا ذكر ظاهرة التراشق الاعلامي بين القيادات ونشر غسيل الحزب بالصحف اليومية بسبب الغياب التام لمؤسسة الحزب!. وتمضي المذكرة لتقول إن الجهد العظيم الذي بذل في اقامة مؤتمر المرجعيات بالقاهرة في مايو 2004 والذي كان لكم الفضل والريادة في عقده نتج عنه دستور وهياكل ولوائح تنظيمية ومؤسسات كان يمكن أن تقود الحزب إلى العديد من الإنجازات الحقيقية ولكن تم تقويض هذه المؤسسات والالتفاف عليها حتى افرغت عن محتواها وشلت قدرتها على الفعل وترهلت بإضافة العديد من الأعضاء مما تسبب في خرق دستور ولوائح المرجعية نفسها. وأكبر من ذلك تم مؤخراً وضع دستور وهياكل ولوائح سجل بها الحزب وفقاً لقانون تسجيل الأحزاب دون أن تخضع هذه اللوائح لنقاش وإجازة من مؤسسات الحزب. وتخلص المذكرة الضافية إلى القول (لكل ما تقدم سوقه فاننا نرى أن المخرج من الأزمة الراهنة يتمثل في الآتي: 1/ تكوين لجنة تحضيرية عليا تكون مهمتها الإساسية الإعداد والتحضير لعقد المؤتمر العام للحزب. 2/ يجب إختيار اعضاء اللجنة بمعايير دقيقة يراعى فيها تمثيل عادل لكافة الولايات والقطاعات والكيانات وأن يتم تشاور واسع حول تكوينها. 3/ تحديد سقف زمني لقيام المؤتمر العام على أن لا يتعدى نهاية العام الجاري! وفي الختام لا يخالجنا ادنى شك في استجابتكم الكريمة لهذه المطالب الموضوعية وتقديركم للدوافع الخيرة التي حدت بنا لذلك! (إنتهت المذكرة). والدارس لهذه المذكرة الضافية وما تضمنته من سرد مرتب وأمين لمسيرة الحزب الإتحادي الديمقراطي الاصل منذ انعقاد مؤتمر المرجعيات بالقاهرة عام 2004م وحتى اليوم والدور الفعال الذي لعبه مولانا السيد محمد عثمان الميرغني في إنجاح المؤتمر وما تمخض عنه من قرارات ومواقف يلحظ بوضوح تام أن هذه المذكرة جاءت تعبيراً صادقاً وأميناً عما يحدث ويعتمل في نفوس السواد الأعظم من جماهير حزب الحركة الوطنية والتي تتطلع بكل الأمل والرجاء الى إعادة بناء الحزب من القاعدة إلى القمة على هدى من الديمقراطية والمؤسسية والشفافية دون وصاية من أحد إلا جماهير الحزب نفسها باعتبارها صاحب المصلحة الحقيقية في أن يعود حزبها قوياً عملاقاً يهز الأرض ويسعى بكل الحسم والعزم لاسترداد اراضيه السليبة وعرشه الضائع ومجده الذي اوشك أن يلفه النسيان ويطويه التاريخ ويحيله إلى متاحفه! إن هذه المذكرة صيغت بمفردات رائعة ونهجت نهجاً ديمقراطياً راقياً ومبدعاً وخلاقاً وذلك من خلال وصف واقع الوطن والحزب بعبارات دقيقة فيها الكثير من الاتزان وحفظت لرئيس الحزب الدور الذي لعبه وما يزال يلعبه من اجل العودة القوية للحزب لمسرح السياسة السودانية من جديد وفي نفس الوقت فقد اشاعت نوعاً من الخوف والارتباك في صفوف بعض الذين يقبضون على مواقع اتخاذ القرار بالحزب وفي اوساط الحرس القديم الذين باتوا يشكلون الخطر الحقيقي على الحزب حتى يظل على هذه الحالة من الإنكماش والاضمحلال والتلاشي! يريدونه حزباً مضعفاً مشلولاً عاجزا عن الحركة والتفاعل مع قضايا الوطن وهموم ومشاكل المواطنين. يريدونه حزباً لا هو حي فيرجى ولا ميت فينسى! يريدون أن تصدق على الحزب مقولة (حزب الوفد) ناسين ومتناسين أن هذا الحزب سيظل بإذن الله تعالى باقياً في وجدان الشعب السوداني الذي لا يرى على مسرح السياسة السودانية غير حزب الحركة الوطنية بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني الذي ظلت الجماهير تحيط به إحاطة السوار بالمعصم في كل بقعة سودانية قام بزيارتها. والحرس القديم بالحزب هو المسؤول الأول عن كل الإخفاقات التي لازمت الإنتخابات منذ بدايتها وحتى لحظة إعلان النتيجة المحبطة. لقد ظل هذا الحرس مكتوف الايدي مشلول الارادة لم يحرك ساكناً أو يبدي رأياً أو مجرد ملاحظة على التعداد السكاني الذي قامت به أجهزة المؤتمر الوطني. تم واصل الانكفاء على نفسه واكتفى بالجلوس والفرجة في مراحل وضع قانون الانتخابات وتشكيل المفوضية ووضع السجل الانتخابي وتوزيع الدوائر والكيفية التي تم بها الاتفاق على الرموز والكيفية التي تم بها التصويت والفرز وإعلان النتيجة. هذا الهلع وتلك الربكة في وسط الحرس القديم عبر عنها اصدق تعبير الأخ الكريم د. يحيي مكور المشرف السياسي لمحلية جبل اولياء المفترى عليها وهو يرد على بيان صادر من الأخ كمال محمد أحمد ناصر امين التنظيم للحزب بمحلية الخرطوم يتحدث فيه عن بناء الحزب. وجاء رد السيد مكوار في شكل تصريح لإحدى الصحف السودانية اليومية تحدث فيه عما اسماه (محاولات التشرذم من قبل المجموعة قال إن ظنها خاب لدفع القيادة للوقوف ضد رغبات الجماهير). ومضى ابعد من ذلك عندما طالب جماهير الحزب بمنطقة الخرطوم (باليقظة ضد ما يحاك بمقدرات الحزب)!! ولم ينس المشرف السياسي لمحلية جبل اولياء أن يوفر لنفسه الحماية المطلوبة وهو يتحدث عن (ثقتهم ووقوفهم مع قيادة الحزب ممثلة في مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وهيئة القيادة). لقد ضربنا كفاً بكف وضحكنا من أعماقنا لهذا التصريح العجيب الذي يعد الافتراء على الحقيقة. ولو سألنا الحرس القديم ومن بينه د. يحي حول انجازاتهم وما قدموه منذ عودة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني للبلاد وحتى اليوم لما وجدوا شيئاً يستحق الذكر أو إنجازاً يشفع لهم الاستمرار. إن د. يحي مكوار ومن خلال تصريحه هذا كأنه اراد أن يقول (كلو تمام يا أفندم) وبذات الطريقة المعروفة عن بعض اخواننا في احدى الدول الشقيقة. قد يتحدث د. يحي عن إشرافه على محلية جبل اولياء وأنه قد أوجد الحزب في تلك المحلية وقام بالإشراف على معركة الإنتخابات ونحن بالتأكيد لا يمكن أن ننكر اسهامه المتواضع جداً جداً في هذا الجانب. وما لم يقدم تقاريره السياسية والمالية للجنة الانتخابات بالمحلية والمرشحين باسم الحزب في دوائرها فلا كيل له عندنا ولا إشراف سياسي له علينا وتلك هي قناعة الجميع التي يعرفها حق المعرفة. نطالب بما هو حق لنا طالما أن الحزب طالبنا بتقارير مالية عن الانتخابات وعن الأموال التي تسلمناها!! إن الإتحاديين بمنطقة الخرطوم يعيشون في حالة تفاهم تام فيما بينهم وما يربط بينهم هو مبادئ الحزب العريق وقيمه ومثله وتاريخه الحافل بالأمجاد وحاضره الذي يصرون على أن يكون زاهياً ومستقبله الذي لابد أن يكون مشرقاً وكلهم بحمد الله كوكبة متألقة لا تعرف الخروج على قائدها مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وراعي دستور الحزب ونظامه الاساسي ولوائحه كما اراد مكوار أن يوهمهم!! وبحمد الله تعالى فإننا في محلية جبل اولياء نتعامل مع محلية الخرطوم باعتبارها عمقنا الطبيعي ومع قياداتها وكأنها بنيان مرصوص يشد بعضه بعضاً كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ونحن سعداء بذلك كل السعادة. ونحن على أهبة الاستعداد لإعادة بناء الحزب وعقد مؤتمراته القاعدية في احيائنا ومربعاتنا وصولاً لمؤتمرات القطاعات والمحليات والمؤتمر العام وبما يحقق المؤسسية ويؤكد الديمقراطية وفي تناسق تام مع التوجيهات العليا للحزب. ونقول ذلك من منطلق حرصنا التام على امتلاء جل شرايين حزبنا العريق بدماء الحداثة والتجديد ومن أجل توطين الديمقراطية وبناء المؤسسية وتمكين الشرعية لمن يشغلون مواقع الحزب خاصة في الأجهزة العليا المنوط بها إتخاذ كافة القرارات التي تخدم مصلحة البلاد والعباد! والقناعة الراسخة عندنا أنه لا بديل للسيد محمد عثمان الميرغني في قيادة الحزب لانه الرمز الكبير والمؤثر الذي حظي بإجماع القاعدة الإتحادية في حله وترحاله وفي مجاهداته ونضاله ولانه صمام الوحدة الإتحادية المرتقبة لما يتميز به من حكمة وجلد وصبر وسعة افق! اما من دون السيد محمد عثمان الميرغني فلابد أن يجلسوا على مقاعد الحزب القيادية والوسيطة والقاعدية عبر التنافس الديمقراطي الحر وصناديق الاقتراع ورضي الجماهير ولن ينفعهم ابدا وضع العراقيل والمتاريس في طريق إعادة بناء الحزب وقيام المؤتمر العام.