مما اهملت الجماعات الاسلامية تعليمه لاتباعها : (السعة في الامور الاجتهادية) ولامانع من وجود عدد من الآراء في المسالة الواحدة دون الاصرار علي راي واحد اوالقول احيانا : هذا او الطوفان فلا مانع من اختيار رأي من الآراء والاعجاب به والمجادلة ليتبناه الاخر لكن دون تسفيه لما عداه من الآراء او احتقارها ، هذا بلا شك مما نهي عنه ما سبقنا من اهل العلم والفقهاء ، يقول ابو حنيفة رحمه الله : ( هذا رأيي وهذا احسن ما. رايت فمن جاء براي اخر احسن منه قبلناه ) ويقول احمد بن حنبل ( نحن رجال نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا ونقول القول غدا ونرجع عنه بعد غد ) ومما يدل علي عدم جواز حمل الناس في القضايا الاجتهادية علي راي واحد ما وردنا من حوار بين الامام مالك وابو جعفر المنصور ( عرض ابو جعفر المنصور علي امام دار الهجرة مالك بن انس رحمه الله أن يعمم كتابه الموطأ علي الامصار وأن يلزم الناس بالأخذ به والعمل بمحتواه ، فنهاه الامام مالك عن ذلك قائلا : ( يا أمير المؤمنين ، لا تفعل هذا ، فإن الناس قد سبقت اليهم اقاويل ، وسمعوا احاديث ، ورووا روايات ، واخذ كل قوم بما سبق اليهم وعملوا به ، فإن ردهم عما اعتقدوه شديد ،فدع الناس وما هم عليه ، وما اختار كل اهل بلد منهم لا نفسهم ) سير اعلام النبلاء ج/ 8 / ص/ 78 اهل العلم اهل توسعة والمراقب او المتابع لاقوال الفقهاء وهم يتناولون مسالة كثرت فيها الآراء يلاحظ اولا : ان كثرة الآراء في المسالة الواحدة امر طبيعي بل هو حالة صحية بعكس ما ينادي البعض بضرورة اتفاق العلماء في القضية المعينة اولا قبل ان يفتي بها للسائل ظنا منهم ان هذا افضل بكثير من عرض عدد من الآراء عليه ومن ثم الإفتاء له ثانيا : يختارون له الايسر بقولهم : ( وهذا القول ارفق بالناس ) لذلك تجد الخليفة العادل عمر بن العزيز خامس الخلفاء الراشدين واول المجددين يقول في ذلك : ( ما يسرني ان اصحاب رسول الله لم يختلفوا لانهم اذا ما اتفقوا علي امر وخالفهم مسلم كان ضالا ، ولكن اذا ما اختلفوا فاخذ هذا براي هذا وهذا براي كان في الامر سعة ) اعتمد شيخ الاسلام ابن تيمية كلام عمر هذا واضاف اليه : (لذلك يقولون اجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة ) فلذلك جاء التقرير عن بعض السلف ان اهل العلم اهل توسعة قال يحي بن سعيد الانصاري : ( اهل العلم اهل توسعة وما برح المفتون يختلفون فيحل هذا ويحرم هذا ، فلا يعيب هذا علي هذا ولا هذا علي هذا ) لذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية ( ان هذا هو مذهب اهل السنة فإنهم لا يرون تأثيما لمن اجتهد في المسائل كلها من غير تفريق بين الاصول والفروع ، فمن استفرغ وسعه في مراد الله عزوجل وكان اهلا لذلك فانه لا يأثم بهذا الاجتهاد بل هو بين اجر واجرين ) ج/ 13 / ص / 125, كما يقول الشافعي رحمه ( انني لا اقول لرجل خالفني في مسالة علمية فقهية :,( تب الي الله تعالي من هذه المسالة لأن التوبة انما تكون من الذنوب ), فمن الكياسة والفطنة أن لا نضيع العمر في طلب الاجماع علي مسائل لا تقبل بطبعها وحدة الرؤية والطريقة والوسيلة ) الاختلاف في الاحكام اكثر من ان ينضبط ولذلك يقول اهل العلم : ( إن الاختلاف في الاحكام اكثر من أن ينضبط فلو كان كل ما اختلف مسلمان في شي تهاجرا وتباغضا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة ) اذن لابد من الأعتراف بالراي الاخر واعتمادة وإن لم نأخذ لطالما انه مبني علي اجتهاد وما اكثر ما هو مبني علي اجتهاد في هذا الدين فنصوص القرآن والسنة محدودة ونوازل العباد ومستجدات الحياة مستمرة فلابد من مقابلة ذلك بالاجتهاد حتي يظل الدين مواكبا للحياة مستعدا للايفاء بحوائج المسلمين من الفتوي والاجابة علي اسئلتهم هذا وبالله التوفيق