كيكل يعود صلباً... ودرع السودان يكتب صفحة جديدة من الصمود    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    7 منها عربية.. المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم    السودان يتعادل أمام منتخب عمان الأولمبي بمسقط    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    إنهم يكذبون على انفسهم فقط    بعد انتشار أنباء عن استشهاد قائدها "كيكل" بكردفان.. قوات درع السودان تصدر بيان توضح فيه الحقائق كاملة    تفاصيل بشأن عملية نموذجية للجيش السوداني    شاهد بالفيديو.. بعد أن أقاموا له سرادق عزاء.. شاب سوداني يفاجئ أسرته بأنه على قيد الحياة بعد ظهوره في مكالمة فيديو وأحد أقاربه يطالبه بالعودة سريعا: (تعال الصباح بدري عشان تلحق فطور فراشك)    حقق حلمه وكان دائماً ما يردد: "لسه يا قلبى العنيد لا شقيت لابقيت سعيد".. شاهد ماذا قالت مفوضية اللاجئين عن ظهور الشاب السوداني "مهدي" وهو يغني مع الفنان الشهير تامر حسني داخل أحد المصانع بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. "خواجة" يوثق لتجربته الأولى مع شرب القهوة السودانية.. عبر عن قوتها ويصف الجنزبيل بالشطة "سبايسي"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    جعبوب يحرز برونزية الوثب العالي بدورة التضامن الإسلامي    تدخلات طبية وصحية من الهلال الأحمر القطري لنازحي الفاشر بالدبة    المدير العام لقوات الشرطة يتفقد إدارة شرطة تأمين قطاع سكر كنانة    هل ثمة نظام دولي بديل يتشكل فعلا؟ّ!    ساردية يحقق فوزاً ودياً ويؤكد جاهزيته لدوري شندي المحلي    الشعلة والنصر في نهائي كأس السودان برفاعة    (انسوا الدوري الرواندي)    خبير عسكري يطلق التحذير من خطر محدق جديد في السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فوز قاتل ضد الإمارات يقود العراق إلى الملحق العالمي بتصفيات المونديال    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    قناة الجزيرة ... من يختار الضيوف ولماذا … ؟    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    "خسرنا بالسحر".. مدرب نيجيريا يتهم الكونغو بممارسة "الفودو"    خالد عمر: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي لا تتعارض مع "الرباعية"    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    روسيا.. سجن إماراتي 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب صقور مهددة بالانقراض    الأولى منذ 7 سنوات.. محمد بن سليمان إلى واشنطن    شاهد.. "القروش بتخلي البني آدم سمح".. جمهور مواقع التواصل بالسودان يواصل سخريته من المذيعة تسابيح خاطر بنشر صور قديمة لها قبل ظهورها في الإعلام    شاهد بالفيديو.. الفنان المصري سعد الصغير يثير غضب السودانيين أثناء ترحيبه بالفنانة "مونيكا": (أنا أعرف أن السوداني لازم يبقى أسود أو أسمر لكن من السودان وبيضاء أزاي مش عارف!!)    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشيخ : السودان… لماذا يستهدفون حمدوك؟
نشر في رماة الحدق يوم 19 - 03 - 2020

أفاقت مدن السودان، في الأسبوع الأول من شهر مارس/ آذار الجاري، على وقع خبر محاولة اغتيال رئيس وزراء الحكومة الانتقالية، عبد الله حمدوك. وسرعان ما توجهت أصابع الاتهام، وبلا تردّد، تجاه مؤيدي النظام القديم، على أن ثمة سؤالاً يفرض نفسه عن السبب الذي يجعلهم يحاولون اغتيال حمدوك ودلالة التوقيت. وقبل الخوض في الإجابة، يحسن التأكيد أن الذاكرة السياسية السودانية على درجة من الهشاشة، إذ على كثرة من تصدّوا لمعالجة الموضوع، ليس ثمة إشارة إلى الجذور القديمة التي تنبع منها فكرة الاغتيال السياسي، وهي بالتأكيد دخيلة ونادرة في الحياة السياسية في السودان. وعلى الرغم من ذلك، تبدو أسلوباً ومنهجاً معتمداً لدى الإسلاميين، وأنصار النظام القديم خصوصاً. لذلك ولمعرفة منبع هذه المحاولة وجذورها، لا بد من العودة إلى الشهور التي سبقت الانقلاب الذي جاء بالجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الحكم عام 1989، بقيادة حسن الترابي وبواجهة عسكرية هي العميد عمر البشير. ما جرى في تلك الأيام، المتوترة فعلاً والسابقة للانقلاب، مشابه لما جرى لحمدوك. وقتها كنت ضمن عدد قليل مكلف بالبحث والوصول إلى نتائج بشأن القوى التي وقفت وخططت لتنفيذ عمليات اغتيال واسعة في السودان عام 1989، تشمل قيادات حزبية سياسية وناشطين سياسيين ومحامين.. إلخ. عمليات اغتيال كان من شأنها أن تهز السودان، وتغيّب عن الساحة السياسية قيادات سياسية. رأس الخيط كان يمثله ذلك الشاب الذي أوكلت إليه مهمة اغتيال الصادق المهدي الذي كان رئيساً للوزراء وقتها. وتصادف أن كان من أبناء طائفة الأنصار التي يتزعمها المهدي نفسه. لم يرفض فكرة تنفيذ اغتيال المهدي فقط، بل رفض كل محاولات أجهزة الأمن ورئيسه وقتها، عبد الرحمن فرح، بتسجيل اعترافاته أمامهم، وبالإفصاح عما لديه من معلومات، فقد تمسّك بشدة بموقفه الرافض للحديث إلا أمام المهدي بنفسه، وهو ما قد حدث وسجله بدقة رئيس تحرير صحيفة الوطن، سيد أحمد خليفة، وكان أحد الحضور، وأيضاً أحد المستهدفين بالقتل ضمن قائمة طويلة.
تزامناً مع هذه الحادثة، كانت هناك محاولة أخرى لاغتيال الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني، محمد إبراهيم نقد، وأخطأ المنفذ العنوان، وفي حالة من الهلع والارتباك قام بالاعتداء على سيدة تصادف أن سكنت بالمنزل نفسه، الذي كان يسكنه نقد. والحادثة الثالثة، وكان واضحاً أن الغرض منها إثارة ضجة كبرى، مثلما حدث مع حالة عبد الله حمدوك، ونشر حالة من الذعر والفوضى، واستهدفت منزل زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي، محمد عثمان الميرغني، بإطلاق زخات من الرصاص ليلاً في الهواء. ما خلص إليه الاستقصاء وقتها أن ما جرى هو كان ضمن الخطة أ التي تسبق الانقلاب المعدّ له سلفاً من الجبهة الإسلامية، وإيجاد حالة من الفوضى في البلاد، ومن ثم تنفيذ الانقلاب، بعد التخلص من معظم القيادات السياسية والنشطاء، والبقاء في السلطة من دون مقاومة، طالما أن القوى السياسية ملتهية بحالة الفوضى في صفوفها.
تُساق هذه التفاصيل هنا، لأن ما جرى لحمدوك لا يمكن قراءته بعيداً عن إدراك أن من نفذ المخطط خارج من رحم التنظيم البائد نفسه، والذي حكم السودان، ويقود الآن معارضة قوية ضد الحكومة الانتقالية، وهو التنظيم نفسه الذي خطط وسعى إلى اغتيال الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، في أديس أبابا. ولم تكن فكرة مجنونة أو طائشة من مجموعة أفراد ناشزة طائشة، وإنما هو تخطيط محكم، شارك فيه قادة الحكم، بمن فيهم حسن الترابي الذي لما انقلبوا عليه أخرج ما في جوفه من حقائق فاضحة. وهو التنظيم نفسه الذي نفذ، بعد فشل المحاولة، عمليات اغتيال واسعة، شملت سودانيين ومصريين ممن شاركوا في محاولة اغتيال مبارك، أو عرفوا بالمصادفة المحضة أنهم قد استغلوا لنقل فرقة الاغتيال عنوة ضمن الفرقة الفنية المتوجهة إلى إثيوبيا لإحياء حفل غنائي هناك. وهو أيضاً التنظيم نفسه الذي تستّر قادته على عمليات اغتيال عدة طاولت دبلوماسيين أوروبيين، ومنهم الدبلوماسي الأميركي، جون مايكل غرانفيل، المسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وسائقه السوداني عبد الرحمن عباس، عام 2008، ثم قام بتهريب المنفذين المحكومين بالإعدام من سجن كوبر المحصّن، وهو هروب مستحيل إلا بمعرفة الأجهزة وتسترها.
مؤكّد أن محاولة اغتيال عبد الله حمدوك رسالة لها ما بعدها، طالما أن الحكومة الانتقالية، وخصوصاً جناحها العسكري المناط به الجوانب العسكرية والأمنية لم يقدم على تنفيذ مطلوبات مهمة واستباقية، بشأن كتائب الظل والمليشيات المسلحة التابعة لأجهزة النظام القديم. ولا بد من الإسراع بالقضاء على بؤر التمكين التي ما تزال تعمل، وعلى مرأى ومسمع من القانون المدجج برجالات النظام القديم. لتنفذ الحكومة ما قاله الناطق باسم مجلس السيادة، محمد الفكي، وحديثه عن فرع الأجهزة الأمنية الذي لا يزال يأتمر بأمر قيادات مرتبطة بالنظام القديم. وفوق ذلك لا بد من رأي واضح وصريح، وخطوات تؤمن الجبهة الإعلامية المحتشدة بمجموعات إعلامية هي، في الحقيقة، واجهات لجهات ومصالح مرتبطة بشكل وثيق بالنظام البائد. ولا يمكن لعاقل أن يفكر لحظة في أن صحافة ما قبل الثورة قد تطهّرت وخلعت ثوبها القديم، وباتت مصطفة إلى جانب قوى الثورة. وعلى العكس تماماً، فهي تبرهن، عند كل منعطف، على مدى ارتباطها القوي بمصالح الفئات وبؤر الفساد، وما أكثرها. لكي تستقيم الحياة، لا بد من أن تذهب الصحافة البائسة التي حملت لواء التحريض على قوى الثورة، وما تزال تجتهد في ترويج النظام القديم، بمقارنات سمجة، ونشر بذور الكراهية والفوضى في المجتمع. وليس في أمر معالجتها ما يدعو إلى العجب والتستر المزيف بشعارات الثورة في الحرية، لأن السؤال المهم قبل الحرية هو الحرية لمن؟
.. نعم السوداني بطبعه متسامح، لكن الأمر هنا لا يقتصر على حمدوك، وإنما الهدف هو قتل الثورة وزرع الفوضى في ربوع السودان. وهنا لا تستقيم الغفلة ونسيان أن المعركة ما تزال سجالاً بين قوى الثورة وأعدائها المتربصين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.