عادة ما تظهر المنتخبات صاحبة الأسماء اللامعة في البطولات الكبيرة وعلى سبيل المثال بطولة الأمم الإفريقية الأخيرة بغينيا والجابون والتي فازت بها زامبيا لكن مشاركة منتخبنا الوطني في هذه النسخة وبلوغه دور الثمانية كان بمثابة بطاقة معايدة غابت عن العشاق أكثر من أربعين عاماً ونحن بهذه المناسبة السعيدة سنحت لنا فرصة هذه المقابلة مع نجم النجوم الكابتن أمين زكي الذي قاد منتخب السودان لأضخم إنجاز عام 1970م والذي أدلى في هذا اللقاء بحديث ممزوج بالعلمية والاحترافية.. فإلى مضابط الحوار.. حوار أجراه: عاطف فضل المولى بوصفك لاعباً من الجيل الذهبي والآن محاضر في هذا المجال ماذا تقول عن واقع الكرة اليوم؟ - شكراً على هذا الإطراء وأنا أعشق كرة القدم منذ الصغر، واللافت في ذلك الزمن الجميل لم نكن نمارس هذه الرياضة كما هو عليه الآن، ولكن دعني أصفها لك بما يشبه السلم التعليمي القديم بما فيه من دعم للتربية النفسية والأخلاقية للشخص على الرغم من التقدم الذي يحدث الآن، لكن افتقدنا أشياء أساسية في تقديري هي الأهم.. وأتمنى أن أوفق في ما أقدمه من عمل يدفع كرة القدم في السودان. وكما هو معروف أي شخص يتمنى أن يرى وطنه متقدماً في كل المجالات بما فيها كرة القدم التي أصبحت عنواناً كبيراً للتواصل الاجتماعي والثقافي والمادي والسياسي. { ما تقييمك لمشاركة منتخبنا الوطني لكرة القدم في النهائيات الإفريقية للأمم بغينيا والجابون؟ - السودان خطا خطوات جيدة هذا العام، أولاً في الصعود للنهائيات، لأن الأداء كان جيداً منذ البداية وإلا لما حصل على بطاقة أفضل الثواني حتى يتسنى له المرور الى النهائيات الافريقية.. بطبيعة الحال المشاركة لها أبعاد كثيرة تعود بفوائدها في المستقبل، وأتمنى من القائمين بأمر رياضة كرة القدم في السودان استثمارها. ووجود منتخبنا في هذه المناسبة يعطي دلالات كبيرة ويعدل من وجهات نظر آخرين تجاه الكرة السودانية خاصة المنتخبات، والترتيب الدولي يتأتى عبر المنتخبات وليس مشاركة الأندية. تقصد من خلال الحديث أن هناك أرباحًا سوف تصل في القريب العاجل لكرة القدم في السودان بسبب هذه المشاركة؟ - بالضبط هذا ما أقصده، لكن لا بد من استثمار هذه الفرصة وحتى أكون معك أكثر وضوحاً نحن دائماً ما نصنَّف من الدول المتأخرة في الترتيب، وحتى إذا نظرت الى المجموعة الثانية التي كان فيها منتخبنا مع منتخبات صاحبة أسماء كبيرة مثل ساحل العاج وبوركينا فاسو وأنغولا هذه المنتخبات صاحبة علامات مميزة ونحن الأضعف في الترتيب، لكن بعد أن قلب منتخبنا الطاولة ودخل مجموعة الثمانية الكبار سوف يصبح التصنيف مختلفاً والنظرة مختلفة جداً وهذا ما نريده أن يحدث مستقبلاً. ما هو المطلوب في المرحلة المقبلة للمضي قدماً في النجاح بشكل أكبر ومختلف مما هو عليه الآن؟ - هناك أشياء كثيرة لا بد أن تحدث، أولاً لا بد من الثقة بالنفس، مع وجود الطموح، ونحن لدينا عقدة اسمها الدونية، وهذا ما نعاني منه في الكثير من الأشياء، وهذا ما يعيق تقدمنا ويضعف حظوظنا، ونحن لدينا مشكلة لا نعرف كيف نعلن عن أنفسنا، والدليل على ذلك لماذا ذُهل العالم بأسره من أداء منتخبنا مع العلم أن هناك منتخبات جيدة وأدت بصورة أحسن.. لكن الفارق بيننا وبينهم أنهم يعرفوا كيف يقدمون أنفسهم وكنا مفاجأة البطولة، وحتى بعد خروج منتخبنا هناك من قال خسرنا فاكهة البطولة. السؤال السابق يحمل في طياته أسئلة كثيرة وملحّة وأنا أصر على تكراره مرة أخرى؟ أنا أفهم ماذا تقصد من حديثك، والإجابة في مثل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات الكثيرين.. لكن المهم في الموضوع أن يكون الاهتمام أكبر، ومن قِبل الجميع بما فيهم الدولة، فعليها أن تدرك أن الرياضة تخدم مصالح مشتركة كثيرة وعلى القائمين بالأمر أن يغيروا من ذهنياتهم ويكونوا أكثر وعياً مما مضى، وعليهم أن يدركوا أن كرة القدم ليست مجالاً للفهلوة بل صناعة تحتاج الى مقومات. سبق أن تحدث لنا المدرب المصري حسام البدري إبان وجوده في السودان بأن الأندية لديها خامات جيدة من اللاعبين لكن على الجهاز الفني للمنتخب أن يجتهد أكثر في التنقيب.. ما تقييمك لهذا الرأي؟ - هذا صحيح، والدليل على ذلك أن توليفة المنتخب التي شاركت في النهائيات هذا العام ضمت عناصر من خارج ناديي القمة، كما لم يحدث في السابق، وأدوا بصورة أكثر من لافتة، وأنا قرأت تصريحاً للمدرب الزامبي عقب مباراتنا الأخيرة قال فيه إنه ارتاح كثيراً عندما أخرج المدرب مازدا لاعب الوسط نزار حامد.. وهذا اللاعب انضم للهلال في التسجيلات الأخيرة لكن بطبيعة الحال هو كان في الأمل عطبرة، وهناك المزيد من الخامات الجيدة في أندية الولايات، ولكن الجهاز الفني بقيادة مازدا اجتهد كثيراً. هل أنت مع الرأي الذي يقول إن الخسارة أمام زامبيا بثلاثية مع الأداء الباهت خصم كثيراً من أرقام منتخبنا؟ - الأشياء لا تقاس بهذا المعيار.. صحيح هناك استفهام كبير حول شكل المنتخب أمام زامبيا في أولى مباريات دور الثمانية.. والخسارة بثلاثة أهداف مزعجة مع أن الأداء كان في البداية متصاعداً ويختلف.. هذا الواقع يجلب معه المزيد من ردود الأفعال ويترك الباب مفتوحاً للأسئلة.. لكن أكثر من يجاوب على هذا الجهاز الفني والإداري لأنهم الأقرب الى اللاعبين وبطبيعة الحال هم الأدرى بما يدور داخل أجواء المعسكر، لكن أنا لا أتحدث ولا أستطيع أن أجاوب على مثل هذه الأسئلة. هناك اتهام متداول من اخوتنا العرب والافارقة بأن اللاعب السوداني جيد لكن تنقصه ثقافة كيفية حسم الأمتار القليلة في المسابقات.. هل هذا صحيح؟ - أنا في تقديري الشخصي أن اللاعب السوداني »محترف« وحتى المدرب نفسه، وهذه أكبر مشكلة تواجه كرة القدم في السودان، وإذا لم تتغير هذه النفسية تصبح مشاركاتنا مجرد اجتهادات.. بمعنى أن اللاعب لا يعرف ما يدور حوله ولا يستطيع أن يقيِّم ما يفعله، وحتى كما سبق أن قلت المدرب وهذه أشياء خطيرة.. والسبب الأساسي انعدام الطموح لدى اللاعب، وهناك أشياء اجتماعية تدخل في هذا الشيء منها التكوين النفسي للمجتمع السوداني. ما هو الحل المناسب للتخلص من هذه المشكلة المعقّدة؟ - الحل أن نعمل باحترافية وأن نحترم القوانين المسيِّرة للنشاط وأن يعرف أي شخص دوره بصورة جيدة وأن نبتعد عن الشحن الزائد، وعلينا أن نختار الشخص المناسب في المكان المناسب، وعلينا أن نهتم بدور الشباب في ادارة كرة القدم مع مزج الخبرة من أجل خلق مواءمة، ولا بد من إنشاء أكاديميات لدراسة كرة القدم وقواعد كرة القدم والجوانب النفسية الأخرى.. واذا نظرنا الى افريقيا نجد أنها اتجهت الى الاكاديميات وأصبحت تصدر لاعبين إلى أوروبا تجني منهم ووراءهم المليارات. مشاركة منتخبنا هذا العام أفضل بكثير من العام 2008م فإذا قدر للمنتخب المشاركة في »2014« ما هو المطلوب حتى يحقق نتائج جيدة؟ - لا بد من نظرة موضوعية للأندية حيال ظاهرة التجنيس، لأن هذه الظاهرة أضرت كثيراً بالمنتخب وأدت إلى تهميش اللاعب الوطني، ثانياً لا بد من ظهور نادٍ أو ناديين يعملان على كسر هيمنة القمة. وهذا ضروري لرفع مستوى الدوري الممتاز، ولا بد من السعي وراء أصحاب الخبرات وإشراكهم بصورة فعلية وإبعاد الاداريين عن التدخل في النواحي الفنية للأندية، وهذه أكبر مشكلة، وهذه المشكلة أصبحت ظاهرة خطيرة، فدخول أصحاب المال كرة القدم كان من أجل الشهرة، وهذا أضر كثيراً، وإذا أخفق الفريق فلا يهمه كثيرًا لأن هدفه الظهور اجتماعياً ليس إلا.