استشاري أمراض النساء والتوليد يقول الله تعالى: (وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) الطلاق:3 مقدمة: فترة انقطاع دم الحيض وعدم إمكانية الإنجاب وهو ما يسمى بسن اليأس، والواقع أن النساء يتفاوتن في ذلك تفاوتاً كبيراً، بأسباب شتى وراثية وبيئية وصحية، ولذا نجد بعض الفرق بين نساء الغرب ونساء الشرق. فقيل: إن نساء الغرب ييأسن في خمسين، ونساء الشرق إلى ستين، ولكن هناك مدى واسعاً بين النساء في هذه الفترة من 30 60 سنة، حيث تعتبر فترة 30 سنة أقل فترة انقطاع مبكر وفي بعض الحالات قد لا تحيض بعض النساء إطلاقاً. متى تبدأ؟ هي مرحلة منتصف العمر بالنسبة للمرأة تبدأ عند سن 45 55 وهي مرحلة مهمة ومشرقة للغاية فهي مرحلة العطاء الحقيقي والنضوج الذهني والإرشاد والنصح والتفرغ الطبيعي للمرأة من أهم مسؤولياتها في الحياة من إنجاب ورضاعة وتربية للعمل العام المنضبط لما لها من حكمة ومسؤولية، لكنها فترة مهمشة وللأسف يتم تسميتها بسن اليأس وهي تسمية خاطئة تسبب إحباطاً للمرأة كأنها فقدت أنوثتها وأصبحت بدون فائدة. تبدأ هذه الفترة عند انقطاع الحيض لفترة تزيد عن سنة كاملة بسبب توقف المبايض للاستجابة لهرمونات الغدة النخامية في المخ وتتوقف عن إفراز البويضات وبالتالي هرمون الاستروجين «هرمون الأنوثة» وهرمون البروجستيرون الذي يعادل هرمون الأنوثة ويضبط مستواه في الجسم، وحينها ينخفض مستوى هرمون الأستروجين في الدم مما يؤدي إلى ظهور الأعراض التي تصاحب فترة انقطاع الحيض. وهذه المرحلة الفيزيولوجية ترافقها بعض التغيرات الجسدية والنفسية، فنجد أن البحوث والدراسات عن هذه الفترة تعتبر حديثة نسبياً نسبة إلى أن النساء ما كنَّ يعشن لأعمار طويلة في الماضي وبالتالي عدم دراسة حالتهن في هذه الفترة. كيف تبدأ هذة الفترة؟ تبدأ بعدم انتظام في الحيض وتباعد حدوثه واختلاف كمية الحيض نفسها تسمى هذه الفترة فترة ما قبل وقوف الحيض وغالباً ما تحدث عند بداية انخفاض مستوى الإستروجين في الجسم، وأكثر ما يقلق في هذه الفترة كثرة وغزارة دم الحيض مما يؤدي إلى مشكلات عديدة مثل التعب والفتورالعام وضعف الدم. قد يكون سبب انقطاع الحيض المبكر قبل سن 35 بسبب وراثي أو جراحى نسبة الاستئصال للمبيضين أو تعرّض المبيض للعلاج الإشعاعي أو الكيميائي أو حدوث عجز مبكر في المبيض بسبب مشكلات في جهاز المناعة. التغيرات المتوقعة عند انقطاع الحيض: تختلف التغيرات التي تحدث من امرأة إلى أخرى، قد لا تشعر بعض النساء بحدوث أي أعراض ملازمة لانقطاع الحيض. في حين قد تكون هذه الأعراض شديدة وغير محتملة وتحتاج إلى متابعة طبية واطمئنان. من هذه الأعراض: 1/ نوبات سخونة الجسم والتعرّق وتسمى «الهبّات الساخنة». تصيب أكثر من 80 % من النساء بسبب انخفاض مستوى الأستروجين في الجسم وهذا يؤثر على مراكز تحكم الحرارة في الدماغ ويؤدي إلى اضطراب في الميزان الحراري للجسم. تشعر المرأة بإحساس حراري مفاجئ قد يستمر لفترة 3 6 دقائق يتركز في الوجه والرأس والعنق والصدر ثم بقية الجسم مع زيادة في سرعة النبض والتنفس يليها التعرُّق الغزير ثم قشعريرة باردة. تستمر نوبات الحرارة والتعرُّق لبضع دقائق وتحدث الهبّات الساخنة في أي وقت وتكون خفيفة أو شديدة تسبب الأرق وعدم القدرة على النوم وصعوبة التركيز. ومع تقدُّم العمر تتناقص شدتها. وقد تستمر لأكثر من 5 سنوات في فئة قليلة من السيدات. والسبب الرئيسي لحدوثها غير معروف ولكن قد يكون بسبب اختلال في الجهاز العصبي التلقائي التي تؤثر على الأوعية الدموية والغدد العرقية وتنشيطها ويساعد على ذلك زيادة حرارة الجو الخارجي في الغرفة أو المطبخ والمشروبات الساخنة والأطعمة الحارة، التوتر، والتدخين. تجنب هذه المثيرات يقلل حدوثها لكن لا يمنعها. وقد تستجيب للعلاج بالهرمونات المعوضة إذا أمكن استعمالها. 2/ صعوبة في النوم وأرق وكثرة التعرُّق الليلي مما يضطر النساء في بعض الحالات لتغير ملابس النوم والفراش. 3/ تغييرات نفسية وسيكلوجية وشعور بالإحباط والإهمال من الزوج والأقارب والصداع. 4/ تغيُّر محسوس في شكل ونعومة الجلد. 5/ التغيرات في المهبل: تصبح جدران المهبل رقيقة وجافة وأقل مرونة وأكثر احتمالاً للإصابة بالالتهابات بسبب نقص الإستروجين. هذه التغيرات تجعل عملية الجماع الجنسي غير مريحة وأحياناً مؤلمة. قد يساعد استخدام الأستروجين الموضعي في المهبل على التخفيف من الإحساس بعدم الارتياح مع ضرورة متابعة الطبيب. 6/ التغيرات في الجهاز البولي: تجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بالسلس البولي والتهابات البول، للوقاية لا بد من التأكد أن المثانة غير ممتلئة لفترات طويلة من الزمن. - تناول كميات وافرة من الماء. - الحفاظ على المنطقة التناسلية نظيفة. 7/ أمراض القلب: عوامل الخطورة المسببة لحدوث أمراض القلب تتضمن: - ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، قلة النشاط الحركي وزيادة الوزن، التدخين، ارتفاع كولسترول الدم. الوقاية تكون بالسيطرة على عوامل الخطر. 8 / هشاشة العظام: يصبح العظم رقيقاً وهشاً وأكثر قابلية للكسر بسبب نقص الإستروجين مما يسبب كسور فقرات العمود الفقري وفقدان الطول الطبيعي، كسور في الرسغ، كسور الحوض وعظمة الفخذ، فالكالسيوم وفيتامين «د»، التعرُّض لأشعة الشمس، والتمارين الرياضية ضروري لسلامة العظام. هل يمكن أن تكون هذه الفترة أكثر راحة؟؟ اعتقد أن قوة اليقين وقوة الإيمان والرضا والتكيُّف مع الأحداث من الأسباب التي تساعد كثيراً في القبول بالواقع والنظر إليه بعين الرضا والتعرُّف على دورات الحياة الطبيعية التي لابد منها. وقد قال لنا المولى عز وجل في الآية: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم«54». فيصف الله تبارك وتعالى مراحل نمو الإنسان من حيث أنه كيف يكون ضعيفاً من أول خلقه ثم بعد ذلك يكون في مرحلة القوة ثم بعد ذلك يأتي ضعف وشيبة أي مرحلة الشيخوخة، ونحن نسعى في أسباب تخفيف الأعراض بالعلاجات المتوفرة ومنها: الهرمونات المعوضة: التي تعمل على ضبط مستوى الهرمونات في الجسم وهي عبارة عن جرعات صغيرة من الاستروجين والبروحستيرون؛ خصوصاً إذا كان الرحم موجودًا، أما في الحالة عدم وجود الرحم «في حالة استئصاله» فيمكن الاكتفاء بهرمون الاستروجين فقط بجرعات صغيرة. وفي حالة وجود الرحم يتوقع حدوث حيض شهري منتظم بعد العلاج. العلاج قد يكون في شكل أقراص، ملصقات جلدية، حقن هرمونات تحت الجلد، تحاميل مهبلية أو بخاخ بالأنف. ولكن لابد من الإشراف الطبي المباشر مع الطبيب المختص لتناول هذه الأدوية. كما أن هناك بعض المضاعفات التي قد تحدث بتناول هذه الهرمونات ولابد من الانتباه لها وهي: - زيادة نسبة حدوث سرطانات بطانة الرحم . - زيادة في نسبة حدوث أمراض وسرطان الثدي. - زيادة في نسبة أمراض الشرايين والأوردة والقلب والجلطات. الختام: نجد أن التعامل مع الحياة بالطريقة الصحية الصحيحة تحمي من الكثير من المشكلات التي تؤثر على البشر ولابد من اتخاذ التدابير التي تساعد على التغلب على تلك الأمور ومنها: - الإكثار من الحركة وعدم الخمول والرياضة خصوصاً المشي لفترات محددة يومياً. - تناول الأغذية المفيدة والطبيعية والإكثار من الخضار والفواكه والألبان التي تمد الجسم بالفيتمينات والأملاح المناسبة. ونذكر هنا بذرة الصويا واستعمالها في كثير من البلاد كمعوض للهرمون الناقص. - الابتعاد من المواد الضارة والتدخين. ونسأل الله دوماً أن يلبسنا ثوب العافية وأن يختم لنا بالطيبات الصالحات أعمالنا وأعمارنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .