حوار: هاشم عبد الفتاح/ المثنى عبد القادر شيخ صادق .. جبهة الدستور الإسلامي وصفتها المجموعات المعارضة بأنها محاولة بعث جديد لما يسمى بالمشروع الحضاري؟ نحن جاهزون للدفاع عن هذه الفكرة والرد على كل الاتهامات ضدنا ولا نعتقد اننا سنواجه اعتراضًا على هذا الطرح الإسلامي ولكن نتوقع ان يكون الاعتراض على بعض المواد في الدستور الا اذا كان المعترض مدفوعًا دفعًا لهذا الاعتراض، ولا أعتقد أن مسلمًا يشهد بألاّ اله الا الله وان محمدًا رسول الله يستطيع ان يقف بتجرد في وجه هذا الدستور وإنما الذين يعترضون هم الذين ضد الدين الإسلامي وهم معروفون بالنسبة لنا. وكيف تواجهون مثل هؤلاء وتقنعونهم بهذه الفكرة؟ لدينا من يستطيع ان يتصدى لأي حركة مضادة تحاول ان ترخي هذا الحبل المتين، وأعتقد أن هناك مؤثرات جعلت الناس غير مقتنعة بنظام الحكم الإسلامي الحالي، فالفساد المستشري الآن زعزع ثقة الناس فانتشرت المحسوبية، ونحن من خلال هذا الدستور الإسلامي نسعى لاتخاذ مواقف عملية تعالج كل هذه الشوائب والمؤثرات وتعيد الثقة للناس في الخيار الإسلامي، ونحن كما ذكرت لك مجرد دعاة لا همّ لنا في السياسة ولا نريد حكمًا. شيخ صادق المؤتمر الشعبي منطقه في التعامل مع مشروعكم هو التغيير اولاً للنظام الحاكم ثم التفكير في دستور إسلامي.. الى أي مدى هذا المنطق مقبول؟ طبعًا لهم ما يريدون كل حزب له رأي. ما علاقة جبهة الدستور الإسلامي بالجبهة القومية الإسلامية القديمة خاصة ان الأخيرة كانت تحمل فكرة الدستور الإسلامي؟ جبهة الميثاق الإسلامي انبثقت منها الجبهة الإسلامية بقيادة الدكتور حسن الترابي والتي قام بحلها فيما بعد واتفاقه مع العساكر في 1989 واختار مجموعة محددة من الإسلاميين في حكومة الانقاذ وقام بإقصائنا نحن من هذه المجموعة حتى يخلو له الجو مع مجموعة بسيطة جدًا وهي المجموعة التي تفاوضت واجتمعت ثم انفضّت وشاركت مع العساكر في ثورة الإنقاذ، والعلاقة هي ان الجبهة القومية كانت هي ايضًا تحمل فكرة الدستور الإسلامي لكنها اجهضت قبل ان تجيز دستورها، والأحزاب كان لها دور كبير في ذلك خاصة الحزب الاتحادي الديمقراطي وهو كان رافضًا للدستور الإسلامي، ولذلك كانت هناك مؤامرة من الأحزاب أطاحت الدستور الإسلامي. وبماذا تحصنت جبهة الدستور حتى لا تُجهض مرة اخرى خاصة ان ذات الأحزاب التي عطلت المشروع سابقاً تعارض الآن فكرة جبهة الدستور؟ الشعب هو الحصن المنيع لهذه الجبهة، أليس الناس يتحدثون عن ثورة ضد الرئيس؟ ولكن ان كانت هناك ثورة ستكون ضد الذين يعترضون على تطبيق الشريعة الإسلامية. ولكن هناك من يراهنون على ان الشعب سيطيح النظام الإسلامي وانتم تراهنون على الشعب في خلق نظام اسلامي جديد قائم على دولة الدستور الاسلامي فمن يكسب الرهان؟ هاتان كفتان غير متكافئتين على الاطلاق، وهناك بون شاسع بين المطلبين فالذين يعارضون الإسلام موقفهم ضعيف في معارضة الشريعة الإسلامية اما الذين نعنيهم نحن هم الشعب السوداني الذي نراهن عليه. وتجربة الإسلاميين في الحكم.. ألا تشكل لكم أي معوق؟ نعم تشكل لنا معوقًا أساسيًا في مسيرتنا القادمة، لكننا في موقف نسعى عبره لإزالة كل الإخفاقات والظلام والغَبَش والأخطاء التي ارتكبتها التجربة الإسلامية، فالذي يريد ان يزرع لا بد له من حرث الأرض ونظافتها وهذه النظافة ليست من اللا دينيين ولكن هناك ايضًا الإسلاميون فلابد من حرث الأرض وتصحيح المفاهيم، وما اقوله انه ليست لنا علاقة بالحكومة وانما الذي يربطنا معها هذا الدستور. ولكن هذا الدستور يحتاج الى حكومة او سلطة تحميه؟ مهمتنا طرح هذا المشروع فإن الحكومة اهتمت به وطبقته بجدية فهذا ما نريده ولا شيء غيره، وان لم تطبقه فوسائل التغيير موجودة ويمكن أن يأتي من يطبقه. ولو تعاملت معكم الحكومة بمنطق «هذه الوثيقة بلوها واشربوا مويتها» فماذا انتم فاعلون؟ والله الحكومة إذا منطقها وصل معنا إلى هذا الحد بأن توجه لنا مثل هذه العبارة فسيكون لنا منطق آخر. ما هو منطقكم إذن؟ ما نراه الآن من ثورات في البلدان العربية يمكن ان يكون في السودان وسيكون الضغط الشعبي من اجل هذا الدستور الإسلامي، حينها سيكون الشعب هو الحاكم، ونحن لا نريد تغييرًا يأتينا «بخبوب آخر». يعني انكم تريدون تغييرًا على طريقة الربيع العربي؟ لا.. أبدًا.. التغيير الذي نريده يختلف اختلافًا كبيرًا عمّا يجري في العالم العربي، وانا على قناعة بأن اي جهة تعترض على هذا الشعار الإسلامي ولا تعترف به لن يُكتب لها البقاء، وسيمضي هذا الدستور إلى غاياته. حتي لو كان ذلك على أنقاض الإنقاذ؟ نعم حتى لو كان على أنقاض الإنقاذ لو حاولت تنحني أو تنحرف عن الطريق الإسلامي ولكن إن طبقت وصدقت فمرحبًا بها. المؤتمر الأخير لجبهة الدستور خلا من أي وجوه لشخصيات إسلامية من الخارج لماذا؟ كنا في آخر لحظة نحاول الاتصال بالمفكر الإسلامي راشد الغنوشي من تونس والشيخ يوسف القرضاوي، لكن ضيق الزمن هو الذي أضاع هذه الفكرة، ولكن ابوابنا مفتوحة لهم لأي ملاحظات يمكن الاستفادة منها في الدستور الإسلامي خاصة أننا قمنا بتوزيع مسودة هذا الدستور لأكثر من 30 دولة إسلامية وعربية منها تركيا ومصر والسعودية، ولذلك نحن لسنا محليين وإنما نتطلع الى ان نكون قدوة في وضع الدساتير الإسلامية. ولكن بذات الفكرة والطموح جاءت الإنقاذ؟ دي الانقاذ التي جاءت بانقلاب، لكننا سودانيون مسلمون ومخلصون ومتجردون من كل اعراض الدنيا، وطرحنا مقدم لكل مسلم على ظهر الأرض ونحن على يقين بأن العالم الإسلامي سوف يقتدي بنا. شيخ صادق ماذا تعني لكم فلسفة «المشروع الحضاري» الذي جاءت به الإنقاذ وهل هو فكرة حقيقية؟ انا لا افهم شيئًا في ما يسمى بالمشروع الحضاري.. لماذا لا يقال المشروع الإسلامي إذا كان الناس جادين وصادقين، فيبدو أن القضية من خلفها شيء واشياء، وواضح ان الحكومة كانت تراعي خاطر أمريكا والغرب وخاطر الجنوبيين.. أنا حقيقة لا أفهم هذا الشعار.. فلماذا لا يُطلق صراحة. هذا يعني أن التسمية كان فيها مجاملات للآخرين خاصة امريكا؟ نعم كانت هناك مجاملات وخوف. ولماذا عارض الأمريكان هذا المشروع ان كانت فعلاً هناك مجاملات؟ الأمريكان لا يريدون شيئًا له علاقة بالإسلام حتى كلمة حضاري نفسها غير مقبولة، رغم ان الغرض منها استرضاء أمريكا وغيرها.. وكيف تنظر للاقتصاد السوداني في ظل هذا النموذج الإسلامي في السودان؟ اعتقد ان الاتجاه الذي يسير الآن لمعالجة الوضع الاقتصادي لن يصل الى حل لأن هذه المعالجات تعتمد على افراد ولجان، فالمعالجة لا تتم الا عبر سياسات وخبراء ومعرفة حقيقية لمواطن الخلل، ولم تفكر الدولة لتجلس يومًا للفكير في وضع سياسة اقتصادية كاملة للدولة، لكن السياسة الاقتصادية الحالية قائمة على «رزق اليوم باليوم» فالضرائب الآن تحاصر المواطن وطالت كل ما يهم المواطن في معاشه ولا نعلم كيف بُنيت هذه الميزانية. وماذا تقترح من سياسات للإصلاح الاقتصادي؟ على الحكومة أن تقف مع نفسها وتحاول وضع سياسات جديدة حتى لو تطلب الأمر جلب خبراء من الخارج وأن تحاول وضع نظام اقتصادي إسلامي خالٍ من الربا. معنى ذلك أن الاقتصاد السوداني الآن لا يخلو من الربا؟ الربا موجود الآن وبشكل واضح لا أحد ينكر ذلك، والذي يقول غير ذلك «كذاب». ما هي أبرز وجوه الممارسات الربوية؟