هو الخيال الطائفي.. لفئة قليلة من الأقباط المصريين.. هم أقباط المهجر المقيمون في الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ فترات متفاوتة يقودهم الدكتور عصمت زقلمة الذي انتخب رئيساً للدولة القبطية المزعومة والمرسومة في هذا الخيال الطائفي.. ماذا تريد هذه الفئة القليلة من الأقباط المحترمين أن تفعله لصالحهم داخل دولة قبطية مستقلة بعد ثورة 25 يناير المصرية؟!.. عشرة ملايين تقريباً هم أقباط مصر يعيشون دون تفرقة وطنية أو طائفية مع أكثر من سبعين مليون مصري مسلم بعكس حياة المسلمين الأقلية في الدول غير المسلمة مثل الفلبين ودولة جنوب السودان التي ستستضيف الأسبوع المقبل أول سفارة للدولة القبطية المصوّرة في الخيال الطائفي.. لا يمكن أن يعيش الأقباط كما يعيشون الآن داخل وطنهم مصر وهم في دولة مستقلة عنها نظراً للظروف الاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة.. اللهم إلا إذا أرادت واشنطن أن تجعلها إسرائيل أخرى بثوب غير يهودي هذه المرة، وكما أنشأت بريطانيا إسرائيل، تقوم الولاياتالمتحدة بنشأة دولة طائفية في مصر تكريساً للعدوان الطائفي في وادي النيل واجهاضاً لمشروع حلول المشكلات الطائفية التي تتبنى إنتاجها قيادة ثورة 25 يناير. لكن مثلما اندمج أقباط المهجر في المجتمع الأمريكي فإن أقباط «الموطن» في مصر مندمجون في المجتمع المصري، ولا يمكن أن تكون أية دولة أفضل للأقباط من مصر إلا من الناحية الاقتصادية، ومعروف أن مصر دولة فقيرة مع كثافتها السكانية العالية ولو كانت تملك مثل اقتصاد أمريكا أو أوربا أو الخليج لما كان هناك أقباط مهجر.. إن الفقر الذي يعيشه الأقباط في مصر هو الذي شجع بعضهم على الهجرة فكان أقباط المهجر.. لكن أصحاب المشروعات التآمرية من الغربيين والصهاينة لا بد أن يستثمروا هجرة الأقباط، فمع الدافع الاقتصادي تكسي البعد السياسي لصالح أجندة غربية وصهيونية ومطامع في مناطق وادي النيل من العمق اليوغندي والإثيوبي إلى الأسكندرية.. وما يؤكد وجود هذه المشروعات التآمرية هو أن سكرتير الدولة القبطية الخيالية موريس صادق قال إن مجلس أمناء هذه الدولة سيقوم بافتتاح عشرة مكاتب قنصلية لها في واشنطن وباريس ومونتريال وسيدني وسول وبون والقدس ولندن وجوهانسبرج. هذه هي عواصم المجتمع الدولي، ترى هل ستوافق بعد أن قدَّم رئيس الدولة المزعومة طلبات لها؟! إن رئيس هذه الدولة الطائفية عصمت زقلمة أرسل رسالة شكر لرئيس الوزراء الإسرائيلي لاحظ بنيامين نتنياهو لما يقوم به من مجهودات ومساعدات للدولة القبطية. إذن إسرائيل تفتح الطريق لنقل اتفاقية كامب ديڤيد من القاهرة إلى الدولة القبطية الجديدة إذا بالفعل تحققت.. وكذلك تنتقل سفارة إسرائيل من القاهرة إلى عاصمة هذه الدولة الطائفية التي ستجني على ملايين الأقباط الذين ينعمون الآن بخيرات أم الدنيا مصر رغم فقرها وآثار نظام حسني مبارك البائد.. كانت الخصومة أصلاً بين أقباط المهجر ونظام مبارك إلى درجة أن بعض المراقبين قالوا إن حكم الأخوان المسلمين لمصر أفضل للأقباط من حكم حسني مبارك، ربما نظروا إلى أقباط السودان في ظل حكومة البشير الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية، ومعلوم مدى عمق صداقة الأقباط بالرئيس السوداني الإسلامي البشير، ويجدر ذكره هنا أن أقباط السودان أكثر أمناً من أقباط المهجر في المدن الأمريكية، فتلك مدن غير آمنة.. لكن السودان لولا بقايا الحركة الشعبية ولا تظلم كل الجنوبيين فلا يمكن أن يقارن الأمن فيه بمدن سفك الدماء الأمريكية.. واشنطن وتل أبيب والمدن الدائرة في فلكهما تريد أن تفشل ثمار الربيع العربي لكن هيهات.. فحتى الربيع الإفريقي أزهر ولا بد أن يثمر ولو بعد حين.