تُجمع النصوص الشرعية على أهمية مراعاة مصالح العباد في المعاش والمعاد ودفع المفاسد والمَضَارِّ عنهم وليس من العسير على الدعاة أن يميز المصلحة من المفسدة وإدراك أرجح المصلحتين للميل إليها عند تعارضهما أو أَضَر المفسدتين لتحاشيها عند تَعَذُّر التَّحَرُّز منهما جميعًا ومعرفة مواضع تقديم جَلْب المصالح على دَرْء المفاسد ولعل هذه من أولى أوليات الشريعة الإسلامية السمحاء التي تأمر بإعمال الدعوة بمبدأ الحكمة والموعظة الحسنة وذلك لأن ثوابت الدين لا يختلف عليها جميع أهل القبلة بمختلف مذاهبهم فالمتصوفة يؤمنون بالله ورسوله وكذلك السلفيون، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الخطاب الدعوي السائد على الساحة في البلاد ظل يتأرجح بين الإفراط والتفريط وكثيرًا ما يجنح للإسفاف والتجريح ... الأمر الذي فرط على الدولة ممثلة في وزارة الإرشاد والأوقاف الاتحادية تعمل على معالجة هذه الظاهرة من خلال ملتقى دعوي جامع عقد مؤخرًا بولاية كسلا وتنادى له عدد من علماء ودعاة السودان بجانب المشتغلين في وزارة الإرشاد والأوقاف من مختلف ولايات السودان مستشعرين ضرورة وأهمية توحيد الخطاب الدعوي واعتداله خاصة بعد ما شهدته الساحة مؤخرًا.. ولعل القائمين بأمر الدعوة بالبلاد وفقوا أيما توفق في اختيار ولاية كسلا لإقامة الملتقى وذلك لخصوصية الولاية إذ تعتبر معقلاً للطريقة الختمية بجانب عدد كبير من الطرق الصوفية الأخرى كما توجد بها إعداد كبيرة لأنصار السنة المحمدية والتي تنشط كثيرًا في أغلب مساجد الولاية كما تلاحظ قبل إقامة الملتقى الدعوي أن منابر الولاية تطلق سهامًا مباشرة وكل جماعة تنتقد الأخرى وتخرجها من الملة. فقال المواطن عمر عبد الكريم بحي المربعات بكسلا والذي ابتدر حديثه ل«الإنتباهة» قائلاً: أنا ما ختمي ولا أنصار سنة لكن والله متمني ادخل المسجد وأسمع حديث مايكون فيه مهاترات، وأضاف أننا جميعًا مسلمون صوفية وأنصار سنة والمهم أن الناس ما تكفّر بعضها، وأضاف أننا في حاجة لمعرفة الدين. وقال: نتمنى أن نسمع أحاديث الفقه والعبادات والسيرة وغيرها دون إساءة لجماعة... فيما قال الشيخ عبد الواحد محمد إبراهيم وهو من شباب أنصار السنة بكسلا أن الخطاب الدعوي لجماعة أنصار السنة لا يخرج عن النص فهو يأتي مستندًا إلى الكتاب والسنة وقال إننا نحاول بقدر المستطاع أن نقوِّم الجميع وندرأ البدع التي أصبحت منتشرة في المجتمع، وقال إن خطاب الجماعة يستند إلى مرجعية من الكتاب والسنة... فيما أبدى الأخ إدريس حامد جمع امتعاضه للنوع الحديث المنتشر في العديد من مساجد المدينة والذي يجرح البعض ويكفره وأنكر على الدعاة التي تكفر المسلمين هذا بالرغم من أن رموز وكبار دعاة أنصار السنة ترى غير ذلك، فقد قال الدكتور الأمين الصادق في حديث قاله خلال الملتقى الدعوي إن الخلاف موجود بين الجماعات الإسلامية وكل جماعة ترى أنها على حق ويمكن أن يزول عن طريق الحوار والنقاش الجاد والذي يهدف لجمع الصف ووحدة الأمة كما أكد الشيخ مصطفى البدوي أحد دعاة الطرق الصوفية أن الخطاب الدعوي لا بد أن يكون خطابًا معتدلاً ولا يقلل من الآخر ويسهم في وحدة الأمة الإسلامية وتوحيد أهل القبلة هذا على مستوى النظري أم على المستوى العملي وعلى أرض الواقع فالأمر مغاير تمامًا ومازال مواطنو كسلا في انتظار تنزيل توصيات الملتقي وأن يجد المسلم ما يصبو إليه من خطاب دعوي هادف.